الفصل الثامن

10.3K 311 11
                                    

رواية "بَراثِنُ الذَّئِابُ"
الجُزء الثاني من رواية "عَلَى ذِمَّة ذِئَبٌ"

"الفَصْلُ الثَّامِنُ"

لا تستجيب حتى لجهاز الكهربي الصاعق، حالة من الفوضى اللاشعورية نشبت في غُرفة العناية المركزة، وهم يجاهدون بأقصى ما لديهم لئلا يفقدون المريضة، بينما ساقي "طائف" لم تُعد تتحمل الوقوف، رفض التحرك من مكانه بل ظل واقفاً أمام الزجاج الغُرفة، وبعد معاناه.. أخيراً بدأ النبض يعود لطبيعته شيئاً فشيئاً، كالتي عادت للحياة مرة أُخرى بعد أن كانت على شفى حفرة من الموت، تنفس الطبيب بإرتياح ثم قال للمُمرضة :
_هاتي حُقنة ***.

قامت المُمرضة بتحضير إبرة طبية عبارة عن مزج أكثر من محلول، ثم ناولته إياها ليضخها في المحاليل المعلقة بجوار الفراش كي تتسرب عبر الأنبوب لأوردتها مُباشرةً، ترنح جسده ولم يستطع الوقوف أكثر من ذلك فجلس على الأرضية الصلبة غير شاعراً ما يحدث حوله، ركض أحد الأطباء ناحيته قائلاً بقلق :
_أستاذ، يا أستاذ!!.. إنت كويس؟؟..

لم يستمع إلى أي كلمة مما يقول، بل كان جامد الملامح، وفجأة شعر بأن الظلام يغشى عينيهِ ومخدر ما يتسرب إلى جسده، أغمض عينيه فاقداً للوعي عسى أن يهرب من ذلك الأبتلاء ولو لـ دقائق حتى، صرخ الطبيب بأعلى صوت لديهِ مرددًا بصيغة آمره :
_هاتوا سرير النقال بسُرعة!!!!...

**************

أصبح المكان كالحرب الذي نشاهده في الأفلام السينمائية، ظلت "ياسمين" تصدر صرخات عالية وهي تشعر بالفزع، هوى قلبها بين قدميها مع صوت تبادل إطلاق النار، بينما أخذ "عزّ الدين" يطلق النار عليهم حتى أُصيبت إحدى الرصاصات رأس السائق الذي يقود السيارة الأولى، وقبل أن يتخذ أي خطوة أو أي تصرف، كان سائق السيارة الثانية يوجه فوهه سلاحه نحو "عزّ الدين" ليطلق رصاصة هادرة أخترقت أعلى صدره، أغمض عينيه بقوة للحظة قبل أن يفتحهما مُجددًا ثم بكل قوة ضغط على دواسة الوقود، لتنطلق السيارة تنهب الأرض نهبًا، فقدت "ياسمين" توازنها من قوة السرعة، بينما هو ظل ينطلق بأقصى سرعة وبمهارة تستحق الإعجاب، ثم بدون سابق إنذار كان ينحرف بسيارته إلى إحدى الشوارع الجانبية، أصطدمت السيارة الثانية الرصيف بسبب وجود مياة كثيرة على الطريق لتنقلب بعنف، ثواني معدودة وكانت السيارة تنفجر، ليُصبح المكان عاصفة من التراب والدخان والدوى والضجيج، صرخت "ياسمين" بهلع قائلة :
_عز!!!!.. إنت أتصابت؟!!!..

أجابها بهدوء :
_ماتخفيش، أنا لابس سترة واقية من الرصاص.

تنفست الصعداء وهي ترجع رأسها للخلف، أغمضت عينيها بقوة ثم شهقت باكية، أنهمرت دموعها بغزارة وهي تتخيل فكرة خسارته للأبد، أوقف "عز الدين" السيارة ثم وجه أبصاره عليها ليجد صدرها يعلو ويهبط من كثره البكاء، ومُغمضة العينين، أعتصر قلبه ألمًا ثم ترجل عن السيارة متوجهًا نحو الباب الآخر، فتحه ثم قال بصوتٍ آمر :
_أنزلي يا ياسمين.

«بَراثِنُ الذَّئِابُ» ج٢ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن