قواعد البقاء.
إفترشت سريري بعد منتصف الليل و لم يزورني النعاس.
ضللت أتقلب بين الدقيقة و الأخرى و لم يتبدل حالي، لاحضت الساعة بعد حين لأجده وقت الفجر
قعدت بمكاني لتتبادر إلى ذهني ذكريات قديمة، ذكريات ضننت لوهلة أني دفتنها مع ذهاب رفيقها.
أدرت رأسي لعلي أشتته عن ذكرك، فرأيت صفوف الكتب فوق المنضدة، داهمت عقلي مقتطفات من كل صفحات كتاب بهم.
إتجهت نحوهم أتناولهم واحدا واحدا، فتحت الصفحة الأولى من ذلك الكتاب بلونه الخردلي، تراءت لي تلك النقوش المحفورة بقلم حبرك المفضل
" بي لا تتوقف الحياة، بدوني لا تتوقف الحياة، بهمومكِ لا تتوقف الحياة، بأحزانكِ لا تتوقف الحياة.
حين تفقد الأمل فتصبح بائسا ثم عاجزا ثم فارغا، وقتها إعلم أن الحياة توقفت.
لذا دع الماضي يمضي بما حمل، عشِ حاضرك، و أجعل من مستقبلك حلمك السامي..."
قلبت صفحاته بعد تنهيدة، تراءت لي تلك الوردة التي ذبلت من طول سكونها به، وردة تخفي بين وريقاتها حكم دهرٍ من التجربة، أعدتها لمكانها و أغلقت الكتاب.
أخذت الآخر الأبيض بين أناملي أسترجع ذكرى الحصول عليه، أتذكر تلك المكتبة؟ أتذكر تلك الرفوف؟ الكراسي التي حملت معاناة سماعي؟.
إن كنت لا تذكر فأنا أفعل، أذكرها و أذكر أدق تفاصيلها، أذكر الموت و الحياة و الفناء و الخلود، أذكر كل كلمة عبرت حدود ثغرك، وقتها إتهمتك بالجنون و الآن بعد فوات الأوان أراك أعقل عاقل.
ألم أخبرك سابقا ؟ ، لا أزال أحتفظ بتلك النظارات و القميص الأسود، ماذا أفعل إن كانا ذكراك الوحيدة بعد كتبك، لا تقلق سأعتني بهم كما فعلت بعد رحيلك و سأفعل لآخر رمقٍ باقي.
سأنفذ وصيتك بالتشبث بالحياة و أخُطُّ قواعده،
إذن سجل يا كياني قواعد البقاء : الأمل و الأحلام فإن ضاعا ضاع هدفٌ للسعي وراءه ، العزيمة و الهمة الوجه الآخر للتقدم للأمام، إبتسامة بعد كل قرح و دمعة بعد كل فرح و شكرٌ بعد كل نصر.
