كـنـتِ.
من بين حُطام روحي المتراكم أخرجتني ، من لجّ أفكاري المهيبة إنتشلتني ، غزوتِ أيامي التي باتت ليلا طويلا حالكاً يخلو توقيته من ساعة فجرٍ و نور ، دستِ البقعة التي حرّمتها على نفسي، إنتهكتِ حرمة هواجسي التي لم أقدم يوما على الوقوف بوجهها.
أخفضتِ جناح الوساوس الشيطانية و أبدلتيها بترانيم ملائكية لا تتقن تلاوتها غير شفتيك، أعدتِ الضياء لعالمٍ كان أقصى آماله نجمة باهتة بالأفق، ليرى محلها بدرا منيرا لا ينفكّ يتوهج و يتوهج ، أعدتِ لي رفيق ليالٍ نفته الكوابيس و أفناه السّهاد، الآن بتّ أغوص في رحاب أحلامٍ تنسجها يداي و يعايشها كياني المخدوش ، رممتِ أوصالي و هدئتِ روع الطفل الباكي المندسّ بأعماق أعماقي ، دعمتِ المراهق على الوقوف و مددتِ الشاب بجرعة إقدام و إندفاع، قبرتِ الشيخ المتشائم و دفعت كلماته لمحرقة السوّاد.
كنتِ خلاصِ الأبدي ، كنتِ النهاية السعيدة لفيلم رعبٍ تكدست الأتربة فوق غلافه البالي ، كنتِ ذرة الحقيقة وسط أكوام الوهم، كنت النعيم و جنة الفردوس لهذا الآثم، كنتِ ينابيع الشغف التي روت جفافه القاحل.
كنتِ و كنتِ و كنتِ و آهٍ من كنتِ، فقط مجرد فعل محله بحياتي تذكيري بما لم و لن يرجع، فعلٌ لا ينفك ذكره يصُبّ الملح فوق جروح قلبي الدامية، قلبي! حقا قلبي! ، تلك العضلة البائسة التي أنعشها وجودك، أعاد لها دقاتها شذى صوتك، و جعلت رؤيا محياكِ الدماء تجري به.