لا أعلم يا وطن هل الصمت الذي بيننا يندرج تحت عتبة الفراق، وهل دائمًا الفراق يكون باردًا كالموت؟ وإن كان كذلكَ لِمَ شعرت بأن العالم قد أفلت يدهُ مني وأنا أكتبُ هذه الكلمات الغير مفهومة؟ أتصدق لو قلتُ لكَ بأني حتى أنا لا أعلمُ بما يبوح قلمي! ولكن أعلمُ جيدًا أن حجمك في قلبي قد فاق أضعاف ما كنت أظن، للأمانة لم أكن أدرك بأني "أحبك" التي دفنتها في قلبي كانت مغلفة باللا أعلم، ولا أعلم لِمَ ينتهي الشعور حينَ نشعر به! أتعلمُ سرًا لم أكن أظن أن الأوطان قد تخون وتتخلى، كنت أظن أن الوطن مساحة صغيرة ينتمي لها المرء يقدسها ويفني عمرهُ في سبيلها ولا يمكن له أن يتخلى عنها ولا الوطن يفعل ذلك؛ ولكن كما تعلم فإن داء العقوق قد أصاب حتى الأوطان! كنت أعلم بأننا في يومٍ ما سنفترق ولكن لم أكن أدرك أننا سنفترق بهذه الطريقة القاسية والمهينة لمشاعرنا التي لم تتح لها الفرصة بأن تبوح عن ذاتها، ها هي مثلنا تجهل مصيرها، ها هي تحاول أن تحتضن ذاتها كما أفعل أنا في كل يوم، حين أفتقدكَ أضم قدمي إلى صدري واحتضن ذاتي، أحتضن ذاتي كالجنين في رحمَ أمه، ولكن الفرق بيننا أني أحتضن ذاتي في جوف ذكرى جمعتنا في يومٍ ما، هل تشعر بما شعرت به الآن؟ هل نغزك قلبك وأنت تقرأ؟ هل تشعر بأني ضائعة ورغمًا عني أكتب عنك! رغمًا عن ضياعي فأنا أفتقدكَ، نعم أفتقدك وأكثر مما تتوقع حتى، لا أعلم لِمَ يجبر المرء أحيانًا على دفع ضريبة غيرهُ، لا أعلم ماذا يجب أن أقول لك في مناسبة فراقنا هل البقاء لك صبرًا؟ أم بقائكَ في جوفي حبًا؟ لِمَ أنا مليئة بالتناقض تجاهك؟ هل هذا هو الحبّ؟ أن يدور المرء حول ذاته فيعود لمن يسكن روحهُ؟ أم الحبّ هو أن أتنازل عن كل رغباتي وأكتفي بسرقة ثوانٍ من الزمن في سبيل اختلاس النظر إلى عينيّك؟ ولكن أظن أن الحبّ الذي يجمعنا تحت طياته مختلف، فهو يجعلنا نهربُ عن بعضنا لنعود إلى بعضنا من خلال امتزاج أرواحنا! في الختام رغبت بأن أجيب عن سؤلكَ حينَ قُلت لي ذاتْ يوم لِمَ لا تكتبين عني؟ حينها لم أستطيع أن أعترف لك بأني قد حاولت كثيرًا ولكني بعد كل محاولة أجد كلمة يتيمة تتوسط ورقتي وهي أحبك! نعم أحبك ولكن هذه المرة مغلفة بالضياع يا وطن!