منذُ سنوات وأنا أدرب نفسي على التجاهل، التخطي، التناسي، العبور والمضي إلى المجهول.. كنت أظن أن الله قد زرع فيَّ قدرة التخلي عمَّ أحب؛ لهذا كنت أترك كلَّ شيءٍ خلفي من دونِ أن ألتفت حتى! وبسبب قلة الإدراك ظننت أن هذه القدرة هي وجه مبطن للقوة! و الآن.. بعد كلَّ هذه السنوات قررت أن أتوقف، توقفتُ تعبًا يا سادة.. توقفتُ لأني لم تعد لي القدرة على أن أخطو خطوةً واحدة إلى الأمام! في تلكَ اللحظة عثرتُ على مرآة معلقة بطرف غصن الشجرة.. كانت تلك المرآة هي إشارة على النجاة أو الوصول فهما وجهان لنتيجة واحدة.. فتقربتُ منها لأرى ذاتي فصدمتُ بما رأيت! نعم لقد وصلت! ولكنني وصلتُ مبتورة الأطراف.. أظن أنها تخلت عني لتعبها مني! وهربت لتستريحُ كما هربت أنا مني! ما أحزنني أنني بعد كل هذا الجري كل ما وجدتُه في جعبتي هو عار الهروب! أي إنني كنت أهرب فقط.. فأي عزاءٍ يليق بجبلٍ هشٍ مثلي؟ جبل متعب، خاوي، متهالك! جبلٌ يتلاشى شيئًا فشيئا، في محاولةٍ منهُ ليحقق رغبتهُ في أن يبتلعهُ رحم الأرضِ فيعود إلى ذاتهِ؛ أي يعود إلى اللاشيء!