الفصل الخامس والعشرون

765 23 3
                                    

غزالة الفرعون
الكاتبة #ماجدةالطيبي#

الفصل الخامس والعشرون

نار .. لهيب .. احتراق
ثلاثة كلمات ... غير كافية
ثلاثة كلمات غير كافية
لإطفاء لهيب قلبي
لإطفائي ناري
لإطفائي احتراقي
آه ... أشتعل ... أشتعل
من الظلم.. من الخيانة .. من القذارة ..
آه كم أمقت هذه الحياة .. حياة هذه ..
حياة بلا عنوان

ّ

تسمر مكانه وهو يسمع كلمات الممرضة .. لقد رحلت .. لقد رحلت .. لقد رحلت ... ّأطلق ضحكة سخرية من أعماق أعماقه .. وتكررت الجملة في عقله لآلاف المرات .. وعاتبه قلبه صائحا فيه ..
ماذا هنا يا فرعون .. وهل تريد بقائها .. هل تريد بقائها. .. وأنت السبب في تعذيبها .. تريد بقائها .. وأنت قاتلها .. تريد بقائها .. وأنت من اخترت الهرب ..  
لكن لا .. لا .. لا .... أعشقها ... هل ترحل بعد عشقي لها .. هل ترحل بعد أن تعلمت منها الكثير ... هل ترحل بعد أن باتت جزء لا يجزأ من حياتي ... من قلبي ... من صدري ... من عيني ..من نفسي .. هل تبتعد وأنا من أريد .. وأرغب في بقائها ... مستحيل ... هي لي .. ولي فقط .. مستحيل
وبخطوات غاضبة .. وبنظرات مشتعلة بألسنة نارية حارقة .. وبنبضات قلب عاشق .. خائف .. غاضب .. قد تبع خطواتها ... وهو على يقين أنها إلى بيت جدها .. قد ذهبت ....
الليث بتهديد: أنا قادم يا غزالي ... إن لم تكوني لي .. أقسم بعزته وجلاله أقتلك ...
وبسرعة البرق قد انطلق ... مثل الريح .   بل يسابقها .. ذهب لها ... وخلفه حراسته التي لا تعد ....

************************************************
وصلت رفقة جدها إلى بيتها الصغير .. لكن الدافئ .. وآه كم اشتاقت له .. ولكن بئسها لم تكتمل فرحتها .. وهي.. ترى نظرات الناس ..لها .. نظرات أهل الحارة .. منهم الشامتة .. ومنهم الغاضبة .. ومنهم المستفسرة ...
ولم تنجم من الألسنة اللاذغة.. كأنها ارتكبت جريمة ..
امرأة قالت : انظري للوقاحة ... الله يستر على بناتنا ... هربت مع عشيقها والآن قد عادت.  
وأخرى صاحت : والله عيب ... بنات بلا أخلاق ... يلا وقاحتها ... أف على أمثالها ..
ولم تنجم أيضا من الكلمات الرجالية ... ونظراتهم الشهوانية ...وأخرى مشمئزة ...
أحدهم:بنات بلا خجل ... بلا عفة .. علينا إخراجها من الحي ...
وآخر صاح بهمس : لكن مثل الوردة ّ... آه لو أقضي ليلة معها فقط ...
* كلمات قاسية أصابت صميمها .. أناس جاهلة برغم علمها .. تحكم على الإنسان من المنظر .. من ما قيل عليه ... لا تعلم ما عاشته غزل من خوف ورعب وعذاب .. على يده .. لا تعلم أنها تركت جدها لكي تنقذه .. وتحميه من العار .. الذي صدقت أنها جلبته .... أناس لا ترحم .. لا ترأف... لا تحس ... لا تشعر... اف على أناس ظالمة ... أف على أناس ظالمة ...
نكست رأسها أرضا ..وقد اجتمعت الدموع في عيناها ... حاوات حبسها لكنها .. لم تقدر .. لكونها بشر ... كونها ذات قلب ... وقلبها مجروح... وجرحه كم غائر .. 
*لم يتحمل الجد سالم كلماتهم هذه .. لم يتحمل أن يرى ذل وإهانة فراشته ... ليصيح بغضب .: أقطع لسانكم جميعا ... إبنتي أشرف منكم .. إبنتي تعرف وتخاف ربها ... ابنتي فتاة متزوجة ... يا هؤولاء ... اللعنة عليكم وعلى أفكاركم ... لعنة الله عليكم ..
ليقول إحداهم بسخرية: وأين زوجها يا شيخ سالم... أم لم تعجبه البضاعة ....
لتقول إحدى السيدات : وان تزوجت لما لم نرى زفاف ... أم أنها مستعملة ...
طفح لها الكيل ... ولكن ليس بمقدورها شيء .. ماذا تقول أنها زوجة الليث السيوفي ... رجل الأعمال المشهور ... الفرعون المعروف ..من سيصدق أن مثلها ... ابنة فقيرة .. تعيش فقط لكسب لقمة الحلال متزوجة من ذاك المعروف .. 
أمسكت بكف جدها .. ودخلت تلك العمارة المتهالكة ... دخلت بزوبعة من المشاعر .. حزن .. ألم .. خذلان ... والأهم عشق .. لكن لشخص لا يستحق ... لا يستحق ..
* دلفا مغلقين الباب ... ولكن باب الكلمات الساقمة لم يغلق ... لم .. ي.. غ..ل..ق ...
************************************************
دلفت الحارة ..سيارتين عاديتين .. لتتوقف أمام ذاك المقهى الشعبي ..
خرج .. من السيارة شاب .. متوسط الطول .. سمين قليلا .. يرتدي جلبابا .. رعمامة رأسية .. بشارب أسود طويل .. ليظهر للعيان أنه ليس ابن المدينة ..بل من القرى . .. وخاصة من الصعيد
اتجه ذاك الرجل نحو المقهى .. وبصوت خشن صاح : سلام عليكم يا رجال .. أبحث عن منزل الشيخ سالم عطا الله ...
ليتبادل الرجال النظرات فيما بينهم عن ماهية هذا الشخص ..
ليظهر ذاك الشخص ..  السابق ..  الذي بات يحلم بغزل ليل نهار .. متمنيا فقط ليلة معها ... بأفكاره اللعينة .. ونظراته الخبيثة ..... وكان يدعى المعلم عبود.. رجل على بوادر الستينات لديه ثلاثة من النساء .. وأراد الرابعة لكي يلد الذكر ...فكل أولاده بنات ... وهذا الأمر يغضبه .. وما إن خطت غزل وجدها الحي وأراها حتى بات يطمح للحصول عليها ... وجعلها زوجة له .. برغم أنها بعمر ابنته ...
صاح المعلم عبود: ومن أنت .. ولما تسأل على الشيخ سالم???
رد الآخر بجفاف : أنا من العائلة .. وأبحث خاصة عن غزل .. غزل سليمان عطا الله ..
وهنا التمعت عينا عبود بالمكر والخبث : وهل كنت من بين الزبائن لديها ....
جمع ذاك الرجل بين حاجبيه علامة على عدم فهم: ماذا تقصد يا رجل ... اشرح أكثر .
ليدنو عبود من أذنه وبمكر الذئاب قال : لقد سمعت ... أستغفر الله .. أنها فتاة عديمة الحياء والخجل ... مجرد ... مج..
ليصيح الآخر بغضب : مابك تتأتأ ... أخبرني ماذا تعرف .. وكفاك لعبا ..
ليقول عبود : فتاة ليل يا باشا .. هذا ما يقال عنها ..
وهنا امتلئت أعين هذا الغريب بالغضب
ليصرخ على عبود ... آمرا إياه بالعنوان وما كان من ذاك المسن غير اخباره ..  ليتجه ذاك  الغريب ... ورجاله نحو منزل الغزالة متوعدين لها بالجحيم . .
وبعد رحيلهم . أخذ الآخر يستمتع وهو يتخيل ما سيفعله الغريب بها بعد أن علم مت يكون .. لتكون له فرصة لسخرية منها ومن جدها .. فقد طلب يدها منه لكنه رفض .. وهذا جعله يشمت .. بها ...
***********************************************
أحيانا المشاكل عندما تأتي المرء .. لا تفارقه ... تجعله يشعر بالحيرة ... وبالقهر .. يعني لما أنا .. وليس ذاك ... ولكن على الإنسان عدم الاستسلام .. مادام لديه رب عظيم .. على كل شيء قدير !!
**********************************************
أدهمي هل اعلم لقد أحببت غزل كثيرا ... فتاة طيبة .. خجولة ... مرحة ... أشعر بالندم ..  الشديد حينما رفضت الدلوف إليها في بادئ الأمر . 
دنى منها أدهم .. آخذا إياها في حضنه مداعبا خصلات شعرها الفحمية بحب .. وبعشق خالص
ليقول بهدوء : عهدي على الإنسان التمهل دائم فالأشياء لا تأتي بالسرعة أبدا ..كل شيء بالعقل يا حبيبتي ... والآن لدي لك هدية .. ومفاجأة ..
ثم اتجه نحو تلك العلبة الكرتونية البيضاء .. الكبيرة المزينة بقماش أحمر قاني ... قدمها لها ..
أدهم بحب : عهدي هذه لك ...
سعدا كثيرا لهديته ... واستغربت كذلك فما المناسبة يا تراه ???
فتحت العلبة .. لتجد فستانا أبيض .. أقل ما يقاله عنه أنه جميل ... بل رائع ... أمسكته بأيد متسرعة ... وبفرحة كبيرة. ظهرت على محياها
عهد. بفرحة: هل هذا لي .. لكن لما .. ??
وقبل أن تكمل كان قد أعادها لأحضانه من جديد مقبلا جبينها
أدهم بهدوء :,هذا من أجل زفافنا عهدي ... الذي سيكون بعد أسبوع ... أعلم أنني تسرعت ... وتسرعت كثيرا .. وتزوجنا دون علم أحد حتئ والدتك .. مازالت تظن أنك في أمريكا حيث صديقتك .. وتسرعت في عقد قراننا .. وتسرعت أيضا في جعلك زرجتي أمام الله ... لكن أقسم لك بالله .. أنني أعشقك ... أعشقك عهدي ... اعلم أني استغليت موقفك الصعب آن ذاك وقمت بتهديدك .... كل هذل كان من غيرتي ... ومن حبي .. لك يا عهد ... وما أعلمه أنك لي. ... لي فقط .. انت لأدهم النجار ... فما رأيك ???
وكم كانت سعيدة وهي تسمع هذه الحروف الخارجة من فاهه مثل البلسم ... فماذا تريد ... وهي من تمنت هذه اللحظة منذ أن تعرفت عليه ... فالحمد لله ... كم أنت كريم يا الله
وبنعم هزت رأسها .. ليقبل جبينها بكل حب وو.. رقة .. وفرحة ..
أدهم : سيكون زفافا جمعيا ... لك ولي غزل وعين ...
عهد بخوف : وماذا عن أمي ستحزن كثيرا ... كثيرا يا أدهم ...
أدهم برقة : لا تقلقي ... أعدك كل شيء سيكون على ما يرام ... فقط ثقي بي ّ
وما كان منها غير .. أن تصعد على أصابع قدميها الحافية .. متعلقة برقبته ... مثل الطفلة ..مثل الصغيرة ووالدها ... دافنة رأسها في أعماق أعماق رقبته السمراء .. مستنشقة رائحته التي تعشقها ..

فكم هو جميل ذاك العناق الذي يشعرك بالأمان ... الأمان ولا شيء غيره !!!
********************************************
لم تستطع سماع مت يقال ...  لم تستطع اللحاق به أيضا ... فبدأ القلق يتآكلها عليه .. خاصة وهي ترى الشرطة هناك ...
ما إن ظهر عمار للشرطة .. حتى تفاجأ هؤولاء الآخرون ..
كانوا أربعة أفراد ...وكلهم قاموا بالتحية العسكرية له
تحت نظرات الصدمة من أكرم والسخرية من عمار
أكرم بعدم فهم: آهذا تعاملكم مع المجرمين أم ماذا????

وقبل أن تجيب الشرطة أجاب الرائد عمار بكل غرور
معك الرائد عمار فاتح يا حضرة الطبيب ... الرائد عمار المنخرط في قسم المخابرات السرية ...
ثم دنى منه هامسا: ويخفيك أيضا ان اقتربت من زوجته ...
ثم ضربه على كتفه .. مخاطبا الشرطة : لابد أنه سوء تفاهم يا رفاق .. أليس كذلك يا صاح .. أنهى ...جملته بغمزة من عينيه لذاك الدكتور ... الذي آماء بنعم .... مثل الابله
وهنا صاحت الشرطة:لابد أن الطبيب يريد زيارة السجن والضيافة هناك .. لكونه قدم بلاغا كاذبا ...
آه كم أضحكته نظرات الخوف التى قرأها في عيون ذاك الأكرم ...
ليصيح عمار باستفزاز: كلا يا رفاق لا بأس إنه من معارف ... معرفة جميلة .. جدا ... جدا ..جدا
وبعد نصف ساعة على الأقل غادرت الشرطة ...
وقبل مغادرة الطبيب ... صاح فيه عمار ..
عمار بحدة : اللعب مع أمثالي ليس جيدا ... والاقتراب من أملاكي أسوء ...
ثم دلف إلى تلك التي يتآكلها القلق والفضول
عين بلهفة:ماذا هناك .. ولما آتت الشرطة ??
عمار ببرود : الأمر ليس مهما ... وكما ترين لقد رحلت الشرطة
عين ببراءة: لا أفهم لما آتت من الأساس وكيف رحلت .. بل أنت من أرسلتها .. رأيتك تصافح أحدهم ..ووو
قاطعها قائلا ببرود: وهل آل السيوفي من لها معارفها الخاصة فقط ... أما أن البستاني مثلي ... لا يحق له التكلم مع السلطات ...
عين بحزن: كلا يا عمار لم أقصد ما فهمته ... فقط أسا...
جثى على ركبتيه مقربا جسده من خاصتها ... وبأنامل يده الغليظة أخذ وجهها رطب الملمس
عمار بنبرة مليئة بالغيرة: آخر مرة أرى لديك رجال في المحل .. وآخرمرة أراك تكلمين أحدا ما وآخر مرة تتكلمين برقتك تلك التي تمنعينها عني أنا هل فهمتي ...
لم تسمع كلمة مما قال بل كان كل انتباهها على سحر عيناه الزرقاء الامعة بنظرة مختلفة .. نظرة غيرة ... نظرة أمل .. نظرة تملك ... نظرة عشق ... 
وكم أسعدته حالتها هذه ... بدأ يتأكد أنها تكن له بعض من المشاعر ... وهاهو وأخيرا سوف يعيش معها في سعادة ...
ازداد اقترابهما ... وتلاحمت أجسادهما .. والتقت شفاههما في قبلة .. ناعمة .. قاسية .. عنيفة .. قبلة حارة جمعت مشاعر العشق بأكملها ... عشق العين والعمار !!!!
**********************************************
وصل وأخيرا ... اذ لم تكد تمر ساعة ... ليوقف سيارته تحت بناية جدها ... وسيارات حراسته ... أيضا ... صعد سلالم الدرح بخفة ...
إلى أن وصل إلى حيث شقتها ... وجد الباب مفتوحا ... ورجلين ضخمين عليه... وفي هذه اللحظة شعر أن غزالته في خطر ... وخطر كبير جدا... جدا..جدا










نهاية الفصل
لو سمحتو يا متابعات خلو التفاعل مرتفع شوية ... والله صرلي ساعات بكتب في الفصل .... لا تبخلو علينا بارئكم الجميلة وانتقادتكن الأجمل .. مع ليك 😜😘😘

أحبكم في الله صديقتكم Majda Taibi





غزالة الفرعونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن