الفصل التاسع عشر

805 16 0
                                    

رواية غزالة الفرعون
Majda Taibi
الفصل التاسع عشر

سقطت بين أنياب الذئاب
يا أمي ... سقطت في القعر بلا منقذ
سقطت .. بين أشواك الورد .. يا أمي
لا يد تمسك بكفي البارد .. ولا جسد يحضن جمسي المثلج
سقطت يا أمي .... سقطت يا أمي

دخل إلى اليخت .. بكل غطرسة و قوة ... كأنه فارس شجاع ..جاء لإنقاذ الأميرة الضائعة .. مثل المجنون يبحث عنها .. إلى أن وجد ما جعل الغضب يزيد داخله وشرارات الطوفان اختلطت بدمائه .... مع الخوف ..
وجد حجابها القرمزي .. مرمي على الأرض و قطرات دموية تغطي الأرضية .. لا يعلم كيف .. لكنه تحول إلى أسد جامح شرس بلا ترويض .. وفرعون طاغ بلا تأنيب ... خاصة مع رؤيته ذاك الحزام الجلدي ... ليذب القلق و الرعب داخل صخرة قلبه عليها ...
خرج راكضا من تلك الغرفة .. إلى سطح اليخت فقد كان المكان الوحيد الذي لم يبحث فيه ... لحق به بعض من رجاله ... بعد أن ظل البقية محاصرين الميناء و السفينة
صعد إلى الأعلى يبحث بعينيه عنها .. هنا وهناك ..
* كان القاسم هو الأخر في السطح ... لقد كان المكان الوحيد الانسب له للهروب من أنياب الفرعون
اختبأ وراء ذاك الحائط السميك .. هو و رجله الذي يحمل غزل التي بدأت تستعد وعيها ...
قاسم بانفعال: لما لم تخبرني سابقا بقدومه ... أيها الخنزير ... لا فائدة فيكم شبيهوا البهائم
ثم اختطف عزل من بين يديه .. جاعلا اياها ذرعا حاميا به ..... من بطش الفرعون

_____________________________________________
لم تنجح روح في إصابته .. حيث جرحت خذه الأيمن فقط ..
رمت روح السكين وقد رسمت الدهشة على ملامحها ...
روح برعب حاولت إخفائه : لا أعلم مما أنت مصنوع ... أيها اللعين ... لكن ستكون نهايتك على يدي
جعفر متألما: سأدفعك ثمن هذا ... ثم تحولت نبرته إلى همسة مثل الفحيح : لكن أقسم لك إن حاولتي إخبار أحد بما قلته أقتلك في مكانك دون يرف لي جفن ... خاصة ابنك الوحيد .. اعقل لكي لا ترينه في عداد الموتى
ثم خرج الغرفة كما دخل مثل اللصوص .. متجها إلى خارج القصر ..
* دلو ماء سكب عليها .. خاصة مع تهديده بالقضاء على حياة ابنها الوحيد .... جعلها بين مشاعر متخطبة.. مشاعر خائفة .. مشاعر صاعقة .. خصيصا بعد أن أدركت الحقيقة المرة
روح بضياع : ماذا الآن .... ماذا سوف تفعلين يا روح ..ومن سوف تخبرين .. يا الله عونك ...عونك
___________________________________________
بعد نفاذهما بالزحام المروري .. قد مرت ساعة على غياب الليث ......
توقف عمار يسيارته قليلا .. بعد أن رأى اسم والدته ينير شاشة هاتفه
عمار بغضب وهو يجيب على الهاتف: أمي أحدثك لاحقا .. ورائي عمل
صفية بحدة: اصمت أيها الغبي ... لا أحدثك لسواد أعينك .. بل الأمر متعلق بزوجتك عين
عمار بقلق ما إن سمع اسم معشوقته : عين .. ما بها عين يا أمي
صفية : عليك الحضور إلى القصر بأقصى سرعة
أغلق عمار الخط متنهدا بغضب وحيرة .. ماذا يفعل الآن صديق طفولته يحتاجه .. و حب حياته .. و عمره كله يحتاجه
وضع أدهم كفه على كتفه مردفا : اذهب إليها .. وأنا سأذهب إلى الفرعون .. لا تقلق
عمار بامتنان : سلمت يا صاحبي .. سترافقك القوات الخاصة إلى هناك .. وأعلمني بكل جديد
وبعدها غادر أدهم راكبا مع أفراد الشرطة ... إلى ضلعهم الثاني
وعمار انطلق بأقصى سرعته .. فلا يهمه شيء مقابل  غالية قلبه و نور عيونه
_____________________________________________
بعد نوبة الغضب التي احتلتها ما إن سمعت كلمات تلك الحية الآخرى روجينا ... ومعركتها مع قص الثياب .. نزلت إلئ الأسفل .. فعند غضبها تصاب بنوبة جوع كبيرة
وصلت إلى مدخل المطبخ .. لتتوقف أقدامها فجأة و هي تسمع كلمات روجينا عن أدهم في الهاتف ّ
روجينا : كلا يا عزيزتي .. كيف أخبرها ذلك ... لا أستطيع على جرح قلبها .. فهي مهما تظل زوجته .. لا أستطيع تدمير عش الزوجية ..... ابدا ... ابدا لم أقل لها على علاقة الحب بيني أنا وأدهم ..
هاهو دلو مثلج آخر يسقط على قلبها ... المسكينة كأنه يوم الحقائق المرة بالنسبة لها .. رحلت صاعدة إلى غرفتها من جديد عازمة على ترك المنزل الليلة والعودة إلى القصر .. فلن تتحمل كذبة آخرى
عهد بانكسار: اللعين .. الكاذب .. يحب ابنة خالته و يكذب عليا .. يعترف أنه يعشقني ... الحقير
*روجينا بابتسامة شياطنية : و ها هو هدف آخر يدخل في مرمي ... لن أكون روجينا إن لم يكن لي أنا وحدي أنا فقط
وأعقبتها ببسمة خبيثة أخرى
_____________________________________________
وصل سالم الجد المسكين إلى مبنى شركة السيوفي .. غير مكترث أن الوقت ليل .. لكن ما يهمه الآن نصفه الآخر كما يسميها .. فراشته الصغيرة كما يدللها دوما ...
وقف بتعب أمام باب الشركة .. كاد أن يدخل إلى الداخل باحثا عن الليث .. لكن أوقفته .. يد ذاك الحارس الضخم الموجود على الباب
الحارس بفظة:إلى أين أيها العجوز الكهل .. هل تظنها شركة ابنك ... الدخول إلى هنا ممنوع
سالم بترجي: كلا يا بني ليست شركة ابني .. لكن أريد مقابلة الليث .. ليث السيوفي .. إني من العائلة ..
الحارس بسخرية : من العائلة ?? !! ... ستقول الآن أنه زوج ابنتك هههه .. اذهب يا عجوز لا تتركني أرميك خارجا
سالم بتردد: انه بالفعل ... انه زوج حفيدتي .. أقسم لك
الحارس: بعد أن أطلق ضحكة سخرية طويلة : والله!! اسمع يا رجل السيد الفرعون غير متزوج من الأساس والان ارحل قبل أن امد يدي عليك
نكس سالم رأسه أرضا .. متألم .. ها هو يتلقى الاهانة في آخر عمره .. وهو الذي كان يعيش دائما بكرامته .. رحل متألم من سخرية القدر .. فبعد أن كانت جانبه ... عليه أن يراها بالمواعيد الآن ... آه أيتها الغزالة ماذا فعلتي بنا ?? وهل حقا لست زوجته .. هل كذبت علي مثلا?? يا الله ارح قلبي ... ارح قلبي يا الله
_____________________________________________ اخرح يا علاء وإلا حرقت اليخت بما فيه .. المكان محاصر من طرف رجالي ولا فرصة لك للهرب
كلمات صارخة صاح بها الفرعون
ومن خلف ذاك الحائط خرح القاسم .. وهي بين يديه .. جثة هامدة بين الوعي واللاوعي... ممزقة الثياب .. شعرها البني يظهر .. وجسمها كله كدمات و جروح ودماء ّ
* ما إن رآها بتلك الحالة شعر بقلبه ينكسر ... ينكسر .. ينكسر ... كأن كل خناجر الدنيا غرست به
وما إن رأى قاسم ابن عمه الوحيد ..حتى زاد غضبه
قاسم بسخرية : مفاجأة يا ابن عمي أليس كذلك .. بين أكانت بين يدي علاء .. قلت لاجربها أنا أيضا .. إنها مثل الحلوة ... هنيئا لك بها
حاول الليث التقرب منه .. ليصيح الآخر
قاسم بتحذير : إياك .. إياك و الاقتراب وإلا جعلتها عشاء للاسماك .. هيا أخبر رجالك برمي أسلحتهم بسرعة
الليث بخوف حاول مدراته : آتظن أنك تخيفني ... تعلم أن الفرعون لا شيء يخفيه .. لهذا كن رجلا وواجهني ... واتركها لا علاقة لها
قاسم بمكر : رجل.. كلا يا ابن عمي .. الرجولة ليست من شيمي ... وابتعد الان و قل لهم برمي سلاحهم
ثم اقترب بها إلى حافة اليخت صائحا : والا رميتها .. أقسم لك
الفرعون بغضب صائحا: حسنا لك  كذلك
ارموا أسلحتكم ..
ليفعل الحراس ما أخبروه به
الليث : والان اتركها .. لقد رموا .. أسلحتهم أتركها ّ
القاسم بجنون وقد بدأ مفعول المخدارت بلعب دوره في جسده : كلا يا ابن عمي لقد أعجبتني ... الآن أريدها
الفرعون مزمجرا فيه مثل الاسد: أذبحك .. وأرمي برآسك وسط المدينة .. يا قاسم .. اتركها حالا ... تلك زوجتي أنا
قاسم بخبث بعد أن أدرك أنها نقطت ضعف له : لن أتركها بعد أن أرمي وجهي بين حنايا عنقها الناعم .. وألمس خُصلات شعرها  بنأم.....
ورصاصة ... رصاصة ليث غيور خرجت من مسدسه .. لتستقر بجسد الغزالة
ما إن رأى الليث ما فعله حتى رمى سلاحه .. راكضا نحوها
اندهش قاسم فلم يتوقع أن يطلق عليه النار وهي بين أحضانه ... رماها أرضا محاولا الهرب .. لكن رجال الليث حاصروه
اقترب الليث من غزل وعيونه تشكلت بها علامات الخوف و الرعب عليها ... لقد كانت حركة طائشة منه ... يعلم ذلك .. لكن غيرته جعلته يصوب السلاح غير عابئا بالنتيجة
وضع رأسها على حجره ويديها تحاول إيفاقتها
الليث بخوف: غزل ... غز...ل ... غزل ... هيا استيقظي .. غزالتي ... أنا آسف لم أقصد .. سامحني ... سوف أعاقب نفسي .. لكن انهضي الان .. لا تتركيني .. غزل .. لا تغعلي
سحق جسدها بين أحضانه .. والألم ينهش قلبه ..  لا يعلم متى .. متى ...ولما .. ?? ولكن ما إن رأها من اللحظة الأولى .. من النظرة الأولى أصبحت أسيرة قلبه .. حبها تغلغل داخل قلبه الصخري ...
وعيونها آسرته .. الليث الذي أقسم على عدم الحب مرة أخرى .. على عدم الثقة بالنساء مرة آخرى  ها هو يسقط في بئر العشق .. لكن هذه المرة كان عشق من نوع خاص .. من نوع جميل .. نوع محمول بنغمات التمرد والتكبر .. مختلطا بألحان العند و الرضوخ ..  الفرعون المتجبر الذي ابتعد عن العشق يقع في حب الغزالة من اللقاء الأول ... ووراء انتقامه .. لم يكن غير الابتعاد من تلك النبضات التي بدأ تتشكل على شكل قلب داخل قلبه الفولاذي
* فتحت عينها العسلية بصعوبة و رفعت يدها لتضع أناملها الرقيقة على وجهه وبهمسات ضعيفة بدأت تردد اسمه
غزل بضعف: كت.... كنت .. أعلم أنك لن تت.. تتركني .. ليث .. ليث .. ضمني .. احضني .. أشعر بالبرد .. ضمني .. ليث .. ليث .. ليث ّ
وهكذا أغمضت عيونها متألمة من الرصاصة التي أصابة قلبها ... متألمة من مغادرتها الحياة و جدها غاضب منها .. متألمة من رحيلها دون أن تعرف نوع المشاعر التي كانت تخالجها كلما اقتربت من ليثها .. فرعونها ....

والوداع يا قلبي
الوداع من حياة حياة مؤلمة
حياة كاذبة
حياة زائفة
____________________________________________ّ
كسر باب الحمام بسرعة خائفا أن يصيبها مكروه .. اقتحم الحمام ليجدها مغما عليها
ألبسها بذلته بسرعة ساترا جسدها من الأنظار و عيونه خاصة فحتى ان كانت زوجته .. لا يجوز النظر إلى جسدها
مسك بجسدها حاضنا إياها بين أحضانا .. حضنا حارا .. ساحقا .. مليئلا بموجات من العشق و الحب
أسرع بها إلى غرفته بعد أن منع الكل من الدخول ... وضعها على السرير .. واتصل يالطبيب ..ّ
اقترب منها والدموع في عيناه .. دموع رجل عاشقا حتى النخاع .. رجل يعشق منذ الطفولة ّ
غطاها ساتر جسدها كاملا بالغطاء
سمع همهمات ضعيفة منها
اقترب بأذنه محاولا سماع ما تقوله .. ليتسمر فجأة مثل من لدغته حية ما والألم ليس في جسمه بل قلبه
عين بدون وعي : أحب...  أحبك ... .. ق.. قاسم .. أين .. لا تتركني
وهنا أدرك بحبها لابن عمها ... وهنا انطفئت لمعة عيناها وانطفئت لمعة قلبهّ

وجرحت يا قلبي من أقرب الناس
نزلت دمائك على يد الحبيب
آه يا قلبي .. انكسارك أصعب من الصعب
آه يا قلبي... حسرتي .. حسرتي .. حسرتي ّ
ليتك تسكت .. تصمت .. تموت

نهاية الفصل أسفة على التأخير ّ
أدعموني بتفاعلكم و أرائكم ّ في الاحداث

وفي الفصل الجاي نعرف بقية الأحداث باذن الله

أحبكم في الله #ماجدةالطيبي#ّ
Majda Taibi😍😍

غزالة الفرعونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن