لم تعرف ماذا حدث او كيف!، كل ما تعرفه انها عندما رأت وجه والدتها الشاحب والسكون الذي يلفها، أطلقت صرخة مرتعبة مدوية أتت على اثرها "مايا" التي تسمرت لثوانٍ، ولكن حمدًا لله ان تجمدها لم يدم كثيرًا.. فـ اتصلت بـ "حازم" تخبره بضرورة المجيء لنقل والدتها المستشفى، وفي خلال ربع من الساعة كان قد وصل "حازم" و نقلوها إلى المستشفى، وهي تسير معهم كـ المغيبة!..
افاقت من شرودها على صوت الطبيب الذي خرج لتوه من غرفة والدتها بالمستشفى:
-انتم جبتوها في توقيت قياسي، لو كنتم اتأخرتم عن كده كان لا قدر الله يعني، هي جالها غيبوبة سكر، من الواضح انها مأكلتش لفترة و كمان واضح انها بتمر بحالة حزينة، ده أدى للغيبوبة ، فـ ياريت تهتم اكتر من كده بصحتها وانتم تساعدوها..
تكلمت "مايا":
-طب هنشوفها امتى يا دكتور
-بعد فترة هي لسه مفاقتش، هبقى اقول للممرضة تقولكم اول ما تفوق
ثم انصرف مع تمتمات "حازم" بكلمات الشكر المعتادة، بعدها ذهب إلى المقهى في الأسفل ليجلب لهما بعض المشروبات والطعام؛ حيث لم يدخل الطعام جوفهما..
جلست "مايا" بجانب "كارين" على الأريكة المقابلة لغرفة "زينب"، واحتضنتها ولم تتحمل التماسك الواهي، فـ انفجرت باكية - ولم يلاحظها احد- في صمتٍ وهي تربت على ذراع "كارين"..***
كانت "رزان" مازالت أمام غرفة العمليات، وهي ترى حالة من الذعر في اوجه الممرضين والممرضات، ودلوفهم السريع إلى غرفة العمليات، دبَّ الرعب في اوصالها.. وخانتها قدماها ، فـ تهاوت جالسة على المقعد.. وهي تحدق في الأوجه المذعورة..
لم تتقوى صلتها ب "مالك" كثيرًا ، ولكنه شخص خلوق يدخل القلب سريعًا، مبهج، صبور، و على الرغم من المه في جانبه الأيمن الذي لاحظته عليه خفية في العمل، الا انه لم يخبر احدًا وكان يتحمل العمل لدوام متأخر..بعد نصف ساعة،
خرج الطبيب وعلى وجهه علامات الأنهاك، فـ تحركت نحوه مسرعة مسائلة، فـ اجابها قائلًا:
-قلبه وقف بالعمليات نتيجة نزيف حصله بعد الاستئصال، الحمدلله قدرنا نوقف النزيف والقلب رچع ينبض، لكن..
-لكن شو يا دكتور؟
-هو دخل في غيبوبة، وما رح اقدر حدد هو هيفوق امتى، العِلم عند الله
وتركها ورحلَ، جلست على المقعد لا تعرف ماذا تفعل، هل تخبر عائلته، ام تحتفظ بتلك المعلومة لنفسها، لا تعلم ماذا تفعل أبدًا!..
قاطع أفكارها..
خروج "مالك" من غرفة العمليات مُمددًا على فراش ابيض، مغمض عينيه وشاحب الوجه..
وهي دَعَت متضرعة.. رباااه، انقذه..***
في صباح اليوم التالي،
كانت "مايا" جالسة على الأريكة التي تقع خارج غرفة "زينب"، تترجى "كارين" ان تضع حتى في جوفها رشفة ماء، ولكن الأخيرة ترفض بإصرار..
حاولت "مايا" - من قبل- الاتصال بـ "مالك" كثيرًا ولكن لا رد، فـ طلبت الرقم الذي هاتفت منه رفيقته "كارين" ولكن لم تجد ردًا ايضًا..
تظهر من الخارج انها صلبة قوية تتحمل، ولكن لا أحد يعرف ما بداخلها سوى الله..
فهي ممزقة ما بين مرض والدتها التي لم تنجبها، وما بين ما لا تعرفه عن حالة توأمها، وماذا حدث له بعد خروجه من العمليات، أو هل من الأساس خرجَ حيًا!
تحركت تاركة - "كارين" تجلس كـ الجثة على الأريكة- لا تعرف إلى أين تذهب ولكنها بحاجة إلى الأختلاء بنفسها..
ذهبت بإتجاه حديقة المستشفى، وجلست في زاوية بعيدة.. وهنا اطلقت العنان لعبراتها؛ لتعبر عمّا بداخلها..
يد ربتت على كتفها بحنانٍ، كانت تعرف لمن تعود.. جلس "حازم" بجانبها وهو يتطلع لوجهها الباكي -اخيرًا-..
كان ينتظر تلك اللحظة التي ستنفجر بها، كان لا يعجبه حالتها الجامدة الصامتة تلك.. كان يريد أن تعبر عمّا بداخلها، وها هي فعلت اخيرًا..
لم تدرِ بنفسها، سوى انها تشبثت بعنقه وظلَّت تبكي..
تبكي حال "زينب" المرأة فيّاضة الحنان، تبكي حال توأمها الذي لا تعرف ما حلَّ به، تبكي مظهر "كارين" الرث..
تبكي وتبكي بدون توقف، هذا ما تريده الآن…
-انا خايفة
كلمة نطقت بها من بين شهقاتها، تكلم وهو يقبِّل جبهتها:
-متخافيش انا جنبك، هما هيبقوا كويسين ان شاء الله، ادعيلهم انتِ بس
-يااارب
أنت تقرأ
"حتى تحترق النجوم"
عاطفية"مكتملة" #المقدمة.. تركض في غياهب الظلام.. -تستمع إلى حفيف فستانها الكريمي الرقيق- تائهة، ضائعة، مشوشة، مضطربة، خائفة.. لا تعرف أين هيّ، أو لماذا جاءت إلى هذا المكان المُظلِم الموحِش!.. رأت على بُعد كبير منها، شعاع ضوء يشع، لا تعلم مصدره ولا يهم من...