الفصل التاسع عشر "والأخير"

4K 98 2
                                    

بعد أسبوع،
كانت "رزان" في الشقة،
تحمل "عِشق" الصارخة في حُضنها،
تسير بها ذهابًا وايابًا، وهي لا زالت تبكي،
احتارت ماذا تفعل بعد،
أهي جائعة، أحضرت لها الحليب الصناعي ولكنها رفضته،
ابدلت لها ملابسها وحممتها، إلا أنها لم تَكُف،
غَنَّت لها تمهيدة هادئة رقيقة ولكنها كما هيّ،
-بس يا روحي
قالتها وهي تُقبِّل جبهتها،
فـ تأوهت من الحرارة،
الصغيرة حرارتها مرتفعة، للغاية..
ركضت بها سريعًا إلى الغرفة؛ لتقوم بقياس حرارتها..
وجدتها أربعون درجة..
صرخت وبَكَت، الصغيرة تحترق وهي لم تشعر بها الا الآن!..
هاتفت "علي" ولكن هاتفه كان مُغلَقًا..
ماذا تفعل!
اهتدت إلى فكرة ما..
وضعتها في مهدها الصغير، وذهبت لتحضر لها قماشة وماء بارد..
جاءت بهم وحملت الصغيرة في حُضنها، ووضعت القماشة على جبهتها، فـ لم تتحمل..
و ازدادت صرخاتها..
ومع ازدياد شهقات "عِشق" كانت دموعها تسيل على وجنتيها..
لماذا هي فاشلة هكذا!..
لماذا لا تستطيع الاعتناء بطفلة صغيرة!..
لماذا هي وحيدة الآن!..
لماذا "علي" غير موجود معها!..
وضعت الصغيرة في مهدها،
وسارت بخطواتٍ سريعة تجاه الخزانة؛ ترتدي ملابسها..
واختارتهم عشوائيًا..
قميصًا ابيضًا ، وبنطال من الچينز، وحذاء رياضي أسود.
ارتدتهم سريعًا ولم تهتم بتمشيط شعرها،
فـ تركته كما هو على هيئة كعكة فوضوية،
اخذت نقودها ومفاتيح السيارة..
وحملت الصغيرة وهبطت الدرج،
وقد نَسَت هاتفها ومفاتيح الشقة!..
وصلت إلى أقرب صيدلية،
فـ تركت الصغيرة في السيارة وأحكمت إغلاقها،
وخلال ثوانٍ كانت في الداخل تطلب كمادات خافضة للحرارة..
وسُرعان ما اخذتهم،
عادت إلى السيارة،
ووضعت واحدة على جبهة الصغيرة التي صمتت عن البُكاء واغمضت عينيها..
حمدت الله على ذلك،
ولكنها ستذهب إلى المستشفى بها..
وخلال ربع الساعة،
كانت تدلف إلى المستشفى،
وبعدها إلى قسم الأطفال حيث ارشدتها الفتاة الجالسة في الاستقبال..
كانت هناك ممرضة تخرج من غرفة الطبيب الذي انتهى من فحص  أحد المرضى لتوه
توجهت اليها، مُتلهِفة:
-بدي شوف الدكتور، بنتي حرارتها مرتفعة كتير
وخلال دقائق كانت تدلف إلى غرفة الطبيب،
دموعها لم تتوقف على رغم من صمت "عِشق" الا انها مازالت خائفة مُرتعِبة..
وضعتها على الفراش، وبدأ الطبيب في فحصها..
لم يُكمل دقائق،
وكان يخبرها بملامح بائسة:
-البقاء لله يا مدام، البنت ماتت من ربع ساعة، حرارتها كانت مرتفعة وهي ضعيفة مقدرتش تستحمل..
وقفت مكانها كالصنم مُتحجرة، لا تنطق بكلمة ولا تعطي ردة فِعل سوى أن دموعها قد ازدادت..
فقط صرخة واحدة، خرجت من صميم قلبها، مزقتها اربًا، مزقت قلبها الذي يحمل حُبًا عظيمًا لإبنتها الوحيدة:
-بنتيييييي، لااااااااااااااااااااا
وسقطت مغشيًا عليها،
رافضة للواقع..
رافضة لمواجهة وفاة فلذة كبدها الوحيدة..
رافضة للعالم بأكمله..

 "حتى تحترق النجوم"  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن