تطرق بكعب حذائها الأسود العالِ الأرض،
تسير والثقة والغرور يشعان منها، كانت ترتدي سروال كلاسيكي اسود وكنزة سوداء ذات أكمام طويلة من الحرير، و قد أطلقت العنان لخصلاتها البُنية الشقراء..
ارتطمت بحائط، ولكنه حائط بشري..
استنتجت ضخامة جسده، فـ رفعت عينيها الداكنة؛ تريد تعنيفه.
ولكن لسانها قد شُلّ او باللغة الدارجة "اكلته القطة"..
صاحب الهيئة الضخمة هذه لم يكن سوى "مالك"!..
و بجانبه طفلة وطفل بشعرٍ كستنائي كـ خاصته، لم يتعديا الخمس سنواتٍ..
من هما! هل هما أطفاله! يا الله على هذا الجرح..
كان هو أول من قطع الصمت بينهما، مع ابتسامة تحمل لوعة اشتياق، و.. حُب! هل هذا حُب الذي في ابتسامته وعينيه! أم هي تتوهم!
-"كارين"..
-اه "كارين"
خرجت منها بسخرية لاذعة
ما زالت الدهشة على محياه:
-انتِ بتعملي ايه هنا في دبي!
-بشتغل
استعجب قائلًا:
-بتشتغلي!
و بمرارة لم تستطع محوها:
-اه بشتغل، اصلك سافرت قبل حفلة تخرجي بشهرين، انا بقالي 4 سنين بشتغل يا "مالك"
شعر بالالم في قلبه على المرارة التي تتكلم بها وعلى قلبه العاشق، فـ شعر بضرورة تغيير الموضوع، فـ تسائل باشتياقٍ على المرأة التي يعتبرها كـ والدته:
-ماما "زينب" فين؟
لم يكن يتخيل أنه تغييره الموضوع، ان ملامحها ستنضح المًا أشد، تكلمت وقد اغرورقت عينيها بالدموع:
-ماما!.. ماما ماتت
هذا هراء، من التي ماتت! أهي "زينب" والدته الثانية! هل حقًا ماتت وهي غاضبة منه!! لا لا لا هذا ليس صحيحًا، يتمنى انه ليس صحيحًا ابدًا،
وبحدة خرجت رغمًا عنه:
-انتِ بتقولي ايه!!
ابعدت وجهها عن مرمى بصره، لا تريد أن يرى احدًا دموعها وخاصةً هو، هي لن تكون ضعيفة أبدًا، ابدًا:
-بقولك ماما ماتت بعد حفلة تخرجي على طول، فاكر ماما يا "مالك"، كانت كل حاجة في حياتي، ماما ماتت.
ودون ان تنطق كلمة أخرى، تركته وابتعدت، دون أن تفسر له شيئًا..
يقف كـ الصنم لا يتحرك، لا يستطيع التصديق، أن والدته الثانية ماتت وهي غاضبة عليه! ماتت ولم يسترضِها، ماتت ولن يستطع أن يراها مرة أخرى! اللعنة على تركك اياها وسفرك للخارج، اللعنة عليكَ يا "مالك"..
أخرجه من دوامة أفكاره، تلك الصغيرة الكستنائية بصوتها الطفولي الناعس:
-انا عايزة انام
حملها في حضنه وتمسك بيد توأمها، وغادر المكان بجسده ولكن عقله وقلبه مع تلك المعشوقة التي سرقت لُبّه منذ سنوات عديدة..***
يجلس في سيارته، وفي الخلف ينامان الصغيران "نازك"، "ناز" على الاريكة بسلام طفولي بحت..
ابتسم لـ رؤية كم هم يشبهونه..
هذان الطفلان هم من ساعداه في تحمل مشقة الغُربة والاشتياق حتى وان كان بقائهما معه لم يكن دائمًا وإنما متقطع، يكفي انه كان يراهما من حينٍ إلى آخر..
صف سيارته أمام البناية التي يسكن فيها..
أيقظ الصغير "ناز"، وحمل "نازك"، وصعدوا إلى الشقة عبر المصعد..
أخرج مفتاح الشقة ووضعه في القفل وفتح الباب،
دلف "ناز" إلى الشقة راكضًا حيث الغرفة لينام، ابتسم بحنو للصغير واتجه الى الغرفة يضع توأمته بجانبه..
اليوم كان شاقًا للغاية، فقد وعدهما بالخروج معهما للتجول وشراء الألعاب ولبّى طلبهما، فهو لا يستطيع احزانهما ابدًا..
رن هاتفه، فـ خرج مسرعًا من الغرفة حتى لا يوقظ الصغيرين..
فتح الخط قائلًا بإرهاق:
-ايوة يا "مايا"
-ايوة يا حبيبي، انتَ فين؟
-انا في الشقة والعيال نايمين
-طيب نص ساعه وهاجيلك
تمتم بإرهاق:
-ياريت عشان عايز اتكلم معاكِ
وودعها مغلقًا الخط دون أن تفهم منه كلمة..
أنت تقرأ
"حتى تحترق النجوم"
Romance"مكتملة" #المقدمة.. تركض في غياهب الظلام.. -تستمع إلى حفيف فستانها الكريمي الرقيق- تائهة، ضائعة، مشوشة، مضطربة، خائفة.. لا تعرف أين هيّ، أو لماذا جاءت إلى هذا المكان المُظلِم الموحِش!.. رأت على بُعد كبير منها، شعاع ضوء يشع، لا تعلم مصدره ولا يهم من...