"أبيــض وأســــــود"

"الفصل الثاني"

-*لقاؤك بعد كل تلك الأعوام ليس إلا تعذيب و إختبار لنسبة الصبر الذي أملكه, و أنا يا حبي الوحيد لا أملك من الصبر ما يكفيني لأحيا للغد بدونك*-

**********

بعد مرور سبعة أعوام..

كــانت مُرتــديــة الثــوب ذاتــه, والحــذاء ذاتــه, وصففـت شعــرهـا بالطــريقة ذاتهـا, تجلــس في شرفــة منزلهــا المُتـواضــع بباريــس وتشــرب من كــأس النبيـذ خاصتهــا, كعـادتهــا تحتفــل بالنجــاح المُستمر لكتابهــا الأول, الذي صُــدر عن اللغتــين الفرنسيــة والعربيــة وتُــرجم لعـــدة لغــات أخــرى لجمــال القصــة وتأثيــرهـا الشـديــد على النــاس..

رغم أنـه أُصـدر لهــا العديــد من الكتابــات الرائعــة بعدهــا, إلا أنــه كــان دائمــًا في صــدارة أعمالهــا كأنهـــا لم تكتــب غيــره, نالــت رضــا النقــاد العالمييـن رغم عـدم رضــا البعــض الآخــر, فـ"رضــا النــاس غايــة لا تــدرك", كـما آمنـت دومًــا..

تعــالى صــوت *نجـــاة الصغــيرة* بين جنبــات المنــزل في أغنيــة صــارت تسـمعهــا كثيـــرًا وكثيـــرًا..

كل شىء راح راح وانقضى..

واللي بيننا خلاص مضى..

بس وحياة اللي فات واللي أصبح ذكريات..

عمري ما حبيت ولا اتمنيت غيرك انت..

غيرك انت يا حبيبي يا حبيبي..

أدمــعـت عيناهــا وهي تُلامس الفراشــة التي تشبـثت بالقــلادة الفضيــة في عنقهــا بحنــان وإشتيــاق, وتتذكـر كيـف تركهــا وحيــدة, تائهــة, ولأول مرة تواجــه صــراع من صراعاتهــا الداخليــة والنفسيــة بـدونــه, فمـع قربهــا من الجميــع ووقــوفهم بجـانبهـا, إلا أنهــم لم يُعـوضـوا مكانتــه أبــدًا..

فقــد كــان وحيــدها, وحيــد قلبهــا الأبلــه, قلبهــا دائم الحيــرة والتــردد والتشــوش, قلبهــا الذي تركــه يرحـل, هبـطت دموعهــا بغــزارة وهي تستمــع لكلــمات الأغنيــة بمنتهــى الألم, والتركيز..

أيوه وحياة اللي كان بيننا وراح..

واللي مش قادرة أصدق إنه راح..

**********

قبل سبعة أعوام..

"بحبك يا فراشـتي, من زمــان أوي, من أكتــر من الـ12 سنــة اللي تعـرفيـني فيهـــم, مـن أول مرة شوفتــك بتجــري وتلعــبي وتتنططــي وإنـتِ فيــكِ روح مــا شوفتهــاش في حــد غيـــرك, أول مــا شوفتــك قولــت سبحــان من صــور وخــلق و أبــدع, فراشــة في هيئــة بني أدمــة تشبـه القمــر..

جمــالك طغـى على حــزني يــوم وفــاة أبويــــا, لمــا ندهتـيني بكــل بــراءة وقولتيــلي معلــش وخدتيـني في حضنــك, يومهــا عيطــت وإنتِ طبطبـتِ عليــا, وعيطتِ معايــا, عشــان قلبـك الطيـب الأبيـض اللي مابيحـبش يشــوف حد زعــلان ويســكت..