"أبيــض وأســــــود"

"الفصل الثالث"

-*لم أتخيل يومًا لقائك بعد كل تلك الأعوام, كنت أتمنى و حسب, و ها قد تحقق ما تمنيت*-

**********

كانـت أول مــن يصـل للمـشــفى, فهــي دائمًـــــا الأولى في تـلك المـواقــف, دلفــت وقـد آلمـها قلبهـا عـلى حــال رفيقــتها, نظــرت حولهــا فوجدت الأمــر فــوضى عـارمـــة, فقـد اشتــرك في ذلك الحــــادث العديــــد من السـيــارات, تســــارعـــت أنفــاسهـــــا لـرؤيـــة كـل هؤلاء الضـحــايــــا, نظـرت حولهــــا بـألم حـتى رأتــهــا..

كانـــت لـــورا تجـــلس على إحـــدى الأرائــــك بالإستقبـــــال تجــاورهــا ممــرضــة تقــوم بعـمـل الإسعــافــــات الأوليـــة لهــا, كانـــت تجــــلس لا حـول لــهـــا ولا قــوة, وقــد انتشــرت الدمــاء بكـل منطقـة في جســدهـــا, ركضــت "كارمــــا" نحــوهــا بفـــزع, لتـــرتمي "لــورا" داخــل أحضــانهــا تبــكي بإنهيـــار, ربـتت عليهــا "كارمــا" بعــدم فهــم, حـتى رأتهــا تُشــير إلى جســــد أحــدهـم..

كان جســدًا هامـدًا لا تظهـر ملامحـه, مُستـلقيًـــا على الأريـكـة المُجــاورة فاقــدًا وعيـــه وقـد انتشـرت الجـروح بمُختـلف الأمـاكن بجسـده, ازدردت "كارمــا" ريقهــا بصعوبــة حتى سقطـت عيناهــا صدفــــةً على معصـمـه, لتـجد تلك الســاعة تُزينــه, فسرت قعشــريـرة خفيفــة بجســدهــا وتجمــدت أطـرافـهــا..

ابتعــدت بهــدوء عـن "لــورا" وتقــدَّمـت منــــه قليــــلًا وظلـت تنظــر لملامحــه تتأملــه, حتى تأكـدت من هويتــــه, أميــرهــا الذي لطـالمــا هــرب من لقائهــــا طــوال السبــع سنــوات, خرجــت منهــا صرخــة مكلومــة على حالــه, وأمســكت وجهــه بكفيهــا وظـلت تُنــادي بإسمــه دون أي رد..

حاولــت التماســك لكــن عقلهــا يرفـض فصــار جسـدها كلـه ينتفـض, رفعـت هاتفهـا على أذنهــا وانتظـرت ليُجيـب الطــرف الآخـر, وما إن أجــاب حتى صرخـت هي بــه في عنـف تتحـدث الفرنســية بـطلاقـــة تطـلـب منــه إستـدعــاء عربة إسعـــاف من مشفـى آخر, من أكـبر المشفيـات بفرنســا..

مـرت الدقائــق عليهــا دهــرًا وقــد غــابـت لــورا أيضًــا عـن الـوعي لكــثرة النـزيف, ظلـت تتحــرك يمينًـــــا ويســـارًا وتقضــم أظافرهــا بعنــف وإرتجــاف وهي تبــكي, حتى رن هاتفهـــا ودلــف ممرضــين المشـفى الأخــرى يدفعــون بســريـريـن مُتحــركـين نحــوها بعـدما أشــارت لهمــا..

تمَّ حمــل كلٍ من "عمـار" و"لـورا" وإدلافــهما لعربـة الإسعــاف, وبهــذا الوقـت اكتـــظَّ الطــريق بالسيـــارات وقــد صــار الإزدحــام مُريعًــــا, استقــلت "كارمــا" دراجتهــا بجنــون وصــارت تتحــرك بين السيــارات بجنـون وسرعــة حتى وصـلـت لبدايــة الإزدحــــام, وقــد كـانت الإشــــارة, فـلم تُفكــــر ثانيــة وذهــبت لتعطيلهــــا..