الجُزء العشرون|إبريل لَم يكُن كاذِبًا

17.1K 1.2K 619
                                    

الجُزء العُشرون| يا آخرَ المَلكاتِ كيفَ أخذتِني
منّي بلا إذنٍ، ولا استئذانِ؟
من أيِّ نافذةٍ دخلتِ عواطفي
ونشرتِ هذا العِطر في بُستاني
إنّي عرفتُ من النساءِ قبائلًا
لكن كرسمكِ لم تجد ألواني
أرجوكِ باسمِ الحبِّ لا تتغيَّري
إنّي عشِقتُ نقاءكِ الربّاني..
* * *

عاد إبريل
ليتَهُ يمضي دون كَذِبَة، فَماعِدت أتمنى خِداع آخر، وزيف مَشاعِر مُحاك على أيادي تَحترِف التلاعُب، ظننت أن الحُب هٰذِه المرّة لَن يُخذِلَني، ظننتَهُ سيأخُذني عاليًا، بعيدًا عَن الألَم، ما ظننت لِلحظَة أنّهُ كُلما كان حُبّك عَظيم كُلّما كان وجعُك أعظَم..

ها أنا أضع خيبَتي في حَقيبَة أوجاعي التي أصبَحت مُزدَحِمَة، وأعيش أيامًا على قسوتَها إلّا أنّها تَمضي وتأخُذ مَعها شيئًا مِنّي، إذًا هٰكذا تُعامِل الحياة العاشِقين، بِقسوّة، تؤدِّبَهُم، عِشت كَثيرًا مِن هٰذِه القسوَة حتى شعرت أن عُمرًا زاد فوق عُمري، وأن الأيام لا تمُر عليّ بل تَمُرّ مِن فوقي، تدهسَني بِقسوَة ذهابًا أيابًا..

عادَت حِكايات الماضي تُحكى على أيامي، ذات القِصّة المؤلِمَة تُعاد بِكُل حَذافيرَها، وكأنّي لا أُحِب رَجُلًا إلّا ومصيري أُفارِقَهُ، وكأن الحُب لا يَليق بي، وحدَهُ الحُزن الوفي لي، ولٰكِن هٰذِه المرّة كان أعمق، أقسى وأكثر وَحشيّة، فغدوت أسوء مِن أي سابِق مررت بِه، وبات كُل شيء دون إستِثناء يسحبَني لِلسوداويّة التي غرِق فيها كافكا، وفان جوخ..

قالت لي بيلسان "أن الحياة تمضي، ولا أحد يعلَق في مَكان واحِد دون المضي قَدمًا"، ولٰكِن الأمر أمّر مِما تَعتَقِد، إن الذي أمُر بِه ليس رسوب في مادّة، أو خدش في سيارتي، الذي أمُر بِه هو تحطُّم مدينَة بِجِبالَها، بِمُدنها، بِغاباتَها، بِوديانَها، فوق قَلبي..

أي قَلب هٰذا الملعون الذي أحمِلَهُ!
يُعلِّقني بِالراحِلين دومًا، بِمَن لَيسوا لي، فَأبقى أنا بَعدَهُم أرثيهُم، وأعيش مَع الألَم، أخفقت مُجددًا أيُّها القَلب، فَمن تَعشَقَهُ أعلَن خُطبَتَهُ لِأُخرى، فَمن أنت حَتى تُحِب رَجُل لَيس لَك!، مُجددًا يا قَلبي نَحن نُغني بِصوت الوجَع عَلى رَحيل آخَر، مُستضيفًا خيبَة جَديدَة، فَمتى تُريد أن تَتوب عَن الألَم، مُختارًا بِكُل طواعيَة من تُحِب، ومن سيُحطّمَك..

لِصديقي القَديم..
لَيتُنا بَقينا أصدِقاء، قبل أن تنتَقِل لِقائِمَة خيباتي المُزدَحِمَة، كان يَجِب أن تَكون مَكسبي الوَحيد مِن الحياة، وإنتِصاري الذي أتباهى بِه، ولٰكِنّك بِتّ أكبر خَساراتي، وأعظَمها ألَمًا، وما عاد ما بيننا يَستَحِق الذِكر، لَقد أصبَح لَديك أُخرى تَتشارَك مَعها أشياء تَشارَكتها مَعي، بل والأكثَر الذي لَم يكُن لي الحق بِمُشارَكته مَعك، لا بَأس عليّ، فَقد إعتدت الوَجع، وأعتدت الذهاب، والهُروب، وإعتدت أن أكون عاشِقَة لِلخيبات..

على قيدكِ أنتِ|✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن