Part 8

61 16 6
                                    

و في صباح يوم الخميس ملقاً على سريره في ورشة العمل دانيال و معه كتبه بعد ان سمح له صاحب الورشة ماركس دي غانت أن يضع كتبه أينما يشاء،  استفاق سعيدا و كأنه في حلم كل ما يحتاجه معه و ماذا يحتاج غير الكتب و الاوراق , نهض من على سريره الرث المهترئ ثم غسل وجهه و فتح باب الورشة , فأذا بالكساندرا و لليوم الثاني على التوالي تعد لدانيال الفطور و الكساندرا تلك الفتاة الطفولية التي لا يعجبها العجب , الان هي التي تصنع الطعام لدانيال و تجلس بجواره بعد ان كانت تضحك عليه و تقذفه بالكلمات الخادشة التي هي لا تتلمس خشونة ما تقوله و كان دانيال يلزم الصمت و لا يرد عليها ,
دخلت للورشة بفستانها الارجواني الجديد ، وضعت الفطور كما فعلت في يوم امس و ركضت جلبت كرسيا اخر و جلسا يفطران سوية
فأذا بها مبتسمة تقول
- هل الفطور لذيذ ؟
ليرد دانيال و هو ينظر لعينيها البراقتين
- نعم انه لذيذ لا بأس به
- يا دانيال هلي بسؤال
- تفضلي بالطبع
- لمن تكتب و من اجل ماذا تقراء اراك تجهد نفسك في القراءة اكثر من العمل في الورشة
- انا اكتب من اجل ان اتنفس اكتب من اجل ان اكون شجاعا على الورقة و ابوح للعالم اجمع ما اريد قوله , و اقرأ من اجل ان اكتب فخير القراء من اصبح كاتبا
- حسنا لكن هل تغير شيء بي هل لاحظت شيء قد تغير ؟
-  لا ارى اي تغيير
لتقف من على الكرسي و تصرخ بأعلى صوت ممكن  ,
-  انت سخيف و ابله الم ترى هذا الفستان الجديد ؟ كل من كان على الطريق كان يمدح فستاني الكل معجب به صديقاتي في المدرسة و انت الان بكل وقاحة تقول لم الحظ شيء؟  أانت احمق  ؟؟ ما فائدة الكتب التي تقرأها ؟؟ ما فائدة ما تكتبه اخبرني؟
لتفر هاربة باكية  فأذا بطرف فستانها يتعلق بسيارة بباب سيارة متهيكلة  و يتعرض لشق صغير و تسقط على الارض لتنظر له و هو ينظر لها ثم يبتسم و يكمل طعامه , فأذا بها بكت مثل الاطفال على فستانها الجديد قائلة
- فستاني الجديد يا الهي لماذا لمذااا
اما دانيال فكبت ضحكته و استمر في تناول الطعام لتقوم من على الارض و اتجهت بسرعة نحو الطاولة التي يتناول دانيال عليها فطوره سحبت الطعام و قالت
- هات , و الان ايها الاحمق تناول الكتب و اشرب الحبر، انت لا تستحق شيء ايها الابله.
و فرت مسرعة خارجة من الورشة تاركة دانيال وحده مبتسما صامتا , و بعد عدة دقائق اتت سيارة حديثة الطراز لكنها تتخبط على الارض , وقف دانيال ينظر فأذا بسيد و سيدة ملامح الثراء تطرز جسدهم و خواتمهم من ذهب و فضة
ترجلا نحو الورشة و استقبلهما دانيال كما يستقبل اي احد
قائلا
- تفضلا
ليرد الرجل
- السيارة بحاجة الى تبديل زيت و تبديل العجلة الخلفية
- حسنا ادخلها في الورشة قليلا
اما السيدة فمكثت على الكرسي و مروحتها في يدها متذمرة عبوسة
استلقى دانيال تحت السيارة و بدأ يفتح العجلة , فها هو قد اصبح ذا خبرة و تعلم المهنة  و بعد تغيير العجلة و في هذه الاثناء اتجهت السيدة الى زاوية الكتب في الورشة و قالت
- يا فرانك تعال الى هنا
- ماذا يا ساندرا
- انظر انها اعمال بوشكين و تلك روايات هوغو ههه
- يا الهي في داخل ورشة هههه
ليضحكا حتى سمعهما دانيال و اتجه بهدوء نحوهما 
قائلا
- ما المضحك يا سادة , انها كتبي
لترد السيدة التي تدعى ساندرا 
- لا شيء لكن الكتب في ورشة تصليح ماذا تراها فاعلة ؟
- الكتب في كل مكان يجب ان تكون فهي غذاء للروح
- احسنت يا فتى لكن مسمك
- ادعى دانيال
- و عائلتك
- دانيال و فقط
لتنظر السيدة ساندرا لزوجها مستغربة رد دانيال ثم تواصل كلامها
- و تلك الاوراق هل تكتب أ انت كاتب؟
- لا , انا اكتب فقط و لست بكاتب
- هل تسمح لي بالاطلاع على ما تكتب ؟
فتناولت دون استأذان الاوراق المتراصة بين الكتب و بدأت تقرأ
اما دانيال و زوج تلك السيدة المدعو فرانك فأنشغلا بتبديل الدهان
و بعد انهاء تبديل الزيت جاءت السيدة ساندرا نحو زوجها و دانيال الذان انشغلا بعملة التصليح و كلفته، ثم قالت
- اسمع يا من اسمك دانيال و فقط لقد راق لي ما كتبته كثيرا و من باب الصدفة اننا انا و زجي نملك دار نشر و طباعة في امستردام فأذا انجزت روايتك سنكون في انتظارك و هذا عنوان الدار
ليبتسم دانيال ابتسامة الرضا ثم يقول
- هذا من لطفك مدام ؟
- اه اسفة , ادعى مدام ساندي ستيروت و هذا زوجي فرانك ستيروت
- سررت بكما كثيرا
ثم ركبا السيارة و انطلقا , ليعود دانيال ماسكا العنوان و قائلا لنفسه ( يوما ما سأزوركما من اجل كتاب )
و في هذه الاثناء دخل السيد ماركس ديغانت صاحب الورشة ملقيا السلام على دانيال ثم قال
- لقد شاهدت سيارة فخمة قد خرجت من الورشة
- نعم يا سيدي لقد غيرت الاطار و بدلت الزيت للسيارة و هذا ما جنيته ثلاث مائة
- احسنت صنعا يا فتى احسنت
منذ اليوم الاول كان ماركس يحترم دانيال و ينتظر منه تعلم المهنة و ها هو الان قد تعلمها فهو يفتح ابواب الورشة و هو الذي يغلقها مشرفا على بداية العمل و نهايته و كأن الورشة صارت بيديه هو المسؤول عنها علاوة على ذلك هو الذي يبات فيها ,
جاء ويسلي و معه مذياعا تاركه بدراجته الهوائية داخلا بها الى الورشة
القى السلام على ماركس ديغانت و صديقه دانيال ليسأله الاخير قائلا
- من اين جاءتك الفكرة بأن تأت بمذياع
- يا صديقي انه ضروري جدا و فيه محطات كثيرة تبث الاغاني
- حسنا يا صديقي , سأذهب لزاويتي و انت قم بأخراج الاطارات و سأوافيك ريثما نتهي
- حسنا
اما السيد ماركس فبعد ان اتقنا كل من ويسلي و دانيال المهنة بات مطمئنا و هو واثقا من امانتهما و صدقهما و فهو الان يأتي ليستطلع عن جديد ما صنعا و ما اشتغلا ثم يذهب للسوق من اجل ان ياتي بأغراض جديدة
فاذا بالسيد ماركس يخاطب دانيال
- ماذا هل كررت حماقتها
- من ابنتك يا سيدي ؟ اذا كانت المقصودة فأنا اعتدت عليها و هي طيبة جدا
- انت انسان رائع يا دانيال لن اجد مثلك امينا محترما
- هذا من كرمك سيدي فانا اتخذ منكم عائلة و ها هي هه الورشة قد اصبحت مضطجع لي انام و اتناول الطعام و الحمد لله
- حسنا لا اريد مقاطعة عملك , سأرى الكساندرا و ساحاول ان انصحها ان كان بالنصيحة فائدة
- ليحفظك الله
عاد دانيال الى زاويته ليقوم بكتابة رسالة الى امه , لكن صوت المذياع كان يشتته فطلب من ويسلي قائلا
- اتوسل اليك اخفظ صوته
ليرد ويسلي لا اسمعك ماذا ؟
- دعك من مزاحك الثقيل ز اخفض صوت المذياع
- هه حسنا
ليعود ماسكا قلمه و كاتبا لوالدته رسالة قائلا فيها
( امي العزيزة انني بخير يا غالية , انا وويسلي على ما يرام و العمل ليس مرهقا لكنه وسخ قليلا اتمنى ان تكوني بخير و ان تمكثي في فراشك , انا احتاجك كثيرا يا عزيزتي لكن طفح الكيل , يصعب علي ان اراه فمجرد ان يذكر اسمه اتعكر , تجنبي والدي و لا تردين على ما يقوله من كلام خادش و  في النهاية اتمنى ان تنتبهي على صحتك راجيا منك عدم البكاء بل الفرحة لأنني اخطط لمشروعي الاول في حياتي و ادعي لي بالتوفيق فدعاء الام عند الرب موثوق محفوظ
حبيبك و ابنك دانيال و فقط
حتى اتت الساعة الرابعة و فيها ينتهي العمل , غير ويسلي ملابسه هو و دانيال ثم طلب من صديقه ان يقله الى حانة الامنيات قائلا
- يا ويسلي اوصلني الى الحانة
- ماذا تفعل هناك
- لدي عمل يا صديقي انجزه ثم اعود
ركبا الدراجة و انطلقا نحو الحانة و بعد وصولهما ودعا بعضهما ثم دخل دانيال فوجد هاندا ابنة اصحاب الحانة في انتظاره .   

بائع القصائد • Seller Of Poems حيث تعيش القصص. اكتشف الآن