يحيي المنسي يروي لنا وجه نظر تختلف!
"الأحداث الأن علي لسان يحيي المنسي والد الضحية"
في تمام الحادية عشر والنصف مساءا يعتبر أنا الوحيد المعتوه الأبله من وجه نظر هذا العالم! نعم هم ينظرون لي كذلك الأن لأنني أجلس أتابع أحد أفلام "توم كروز" في السينما وفي هذا الوقت المتأخر، القاعة فارغة من أي مشاهدين غيري..ولكني الأن أشعر أن هناك حمقي غيري في هذا العالم قد دلفوا الي صالة السينما التي أجلس بها..ومن غير أن أستدير لأري من هذه الفتاة التي تملأ الدنيا بضحكاتها الخليعة كنت أعرف أنها ابنتي المصونة "جميلة" وقد جاءت بصحبة ابن اخي كمال الذي يعيش معنا بعدما تعرض لظروف عصبية في بيت والده "والذي هو أخي" ظروف لا أود تذكرها حاليا، ولكني لم اهتم كثيرا لدخول ابنتيي وكمال قدر اهتمامي وانشغالي بحادثة أنس..والذي من المفترض انه ابني! ولكن ماذا أفعل إذا كنت انسانا عديم المشاعر؟! فلقد فقدت ما يدعونه بالأحساس منذ زمن بعيد..
مازالت أتذكر تفاصيل هذا اليوم جيدا..كنا في طريقنا للعشاء، لم نجد أنس في غرفته، فإندفع كمال يبحث عنه بالخارج حتي قرر نزول البحر، وعندما غاب كمال كثيرا تحت المياه كنت مضطرا الي النزول أنا الأخر، لأجد أن كليهما فاقدا للوعي، نعم أنس لم يكن قد مات بعد..كل شئ حدث سريعا بعد ذلك من نقل كليهما الي السيارة ولم يكن بصحبتي غير جميلة وقتها، بحثنا عن أي مشفي قريب ولكننا كنا بمنطقة نائية للغاية، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أقود السيارة بإتجاه الأسكندرية وذلك بالطبع بعدما أتخذت الأسعافات الأولية الضرورية لحماية كلا منهما، كل هذا وأنس علي قيد الحياة..وهذا ما يزيدني تأكيدا أن لدغة قنديل البحر ليست السبب في وفاته، وانه بالفعل قد تم قتله! والحق أنني لا اريد معرفة من القاتل حتي انتقم منه من أجل ابني وهذا الكلام الفارغ! لا! أنا أريد أن أعرف من هذا الذي يلعب معي مثل هذه ألاعيب القذرة، أريد أن أعرف دوافعه! ولذلك أبلغت الشرطة بإن الموضوع "جريمة قتل" وليست حادثة "قضاء وقدر"..ولكن بمجرد ما أن علمت أن "رمزي هيكل" هو من سيتناول التحقيقات حتي يئست من أن تفلح الشرطة في إيجاد أي شئ عليه القيمة، لذلك بدأت في تحقيقاتي الخاصة منذ أسبوع، لدرجة أنني لم أعد الي البيت من كثرة مشاويري! أقضي ساعاتي القليلة المتبقية من الليل في أحد الفنادق ليس إلا..
نعود الي يوم حادث أنس، بينما أنا أقود في طريقي الي الأسكندرية اتصلت ببعض الأصدقاء لطلب المساعدة وليستقبلونني ما أن نصل الي المدينة، وأول من اتصلت بهم كان صديقي "رأفت شاهين" مدرس الكيمياء، وقال أيضا أنه سيأتي بصحبة أخاه لتقديم المساعدة الممكنة، معرفتي بأخيه "حافظ" معرفة طفيفة ولكنه رجل ذا حنكة وخبرة..
وما أن وصلنا الي ڤيلا الأسكندرية كان أنس علي قيد الحياة!! نعم واقسم بذلك..! قابلني رأفت وحافظ أمام المنزل ودخلنا سريعا لأنقاذ الموقف، بدأ حافظ بأنس لأنه الأصغر سنا ومن الممكن ألا يتحمل اللدغة أكثر من ذلك، طلب مني قائمة طويلة عريضة من الأدوية والضمادات فإنطلقت اشتريها من أقرب صيدلية، ولكن ما أن رجعت المنزل حتي قال لي حافظ بوجه يكسوه الأسي: "البقية في حياتك..شد حيلك، بس أنا شايف ننقل كمال المستشفي عشان نلحقه قبل فات الآوان هو كمان.."ما هذا الهراء! أتحمل أنس طوال الطريق من دهب الي الأسكندرية ولم يمت ومات هنا بالمنزل!! قال حافظ وأجزم أن سبب الوفاة هو سم "البورين"، وهو المادة الكيميائية الرئيسية في سم قنديل البحر، ولكن يكمن التهديد الحقيقي لهذا السم عندما يخرق خلايا الدم الحمراء التي يتسرب منها البوتاسيوم والذي يفيض علي الأعصاب فيجعل العضلات أقل استجابة للأشارات العصبية، وأهم عضلات الجسم هي عضلة القلب التي ستعاني من عدم اتزان ضرباتها مسببة السكتة القلبية إذا كانت كمية البوتاسيوم المتسربة كبيرة للغاية.
أي أن السبب في وفاة أنس هو السكتة القلبية بسبب سم "البورين" لقنديل البحر..
وطبعا تقرير الوفاة هذا الذي أخرجه حافظ يروق لرمزي هيكل جدا! أما أنا فحاولت إقناع نفسي بإنه من الممكن أن يكون كلام حافظ منطقيا، وبإن الفتي قاوم لوقت طويل ولكن كمية البوتاسيوم المتسربة كانت كبيرة للغاية بالفعل.. ولكن لا! هناك شئ غير عقلاني بالمرة..! أن القاتل هو واحد من هؤلاء الذين كانوا بالڤيلا، من كان بالڤيلا؟! حافظ ورأفت وجميلة وكمال أيضا! من الممكن أن يكون كمال القاتل! نعم فهو يكن لي الكراهية والبغضاء من هذه الحياة غريبة الأطوار التي يعيشها معي..من الممكن أنه كان يمثل أنه فاقد للوعي، وما أن أنفرد بالفتي الصغير بالمنزل حتي أجهز عليه! وسنعتبر أيضا أن حبه لأنس كان تمثيلا، نعم فأنا لا أستأمن كمال هذا علي اي شئ!
ومن الممكن أن يكون القاتل هي ابنتي جميلة، مستعدة أن تقتل أخاها من أجل ابتسامة حبيبها..
ومن الممكن أن يكون القاتل رأفت! نعم وقدد قرر قتل ابني بعدما دهست بسيارتي ابنه الأصغر منذ أعوام! ولكني لم أكن أقصد بالطبع أن أقتل ابنه فلقد كان حادثا! نعم من الممكن أن يكون القاتل رأفت ويساعده أخاه حافظ بإصدار تقرير الوفاة الذي يؤكد أن الحادثة قضاء وقدر..
ومن الممكن أن يكون القاتل "نور واهاب" جارنا! نعم فلقد رأيته يحوم أمام الڤيلا ليلتها وأنا قادم من الصيدلية..وبالطبع شخص مثل نور واهاب بعيدا عن الشبهات! فهو من المفترض أن يكون برحلة عمل هذا الأسبوع الذي مات فيه أنس..ولكني أقسم أنني رأيته ليلتها!
ويا تٌري ما دافع "نور واهاب" للجريمة؟! بالطبع يوجد دافع! فأنا ونور بيننا الكثير من الحوارات، وربما ستنجلي هذه المصائب عند مماته، أو عند مماتي..لا أحد يعلم!أفقت من أفكاري لأجدني بنفس هذه السنيما المشؤومة وهذا الفيلم التافه لتوم كروز، وفجأة لامحت شخصا رابعا يتواجد في هذه الصالة، شخصا غيري وغير كمال وجميلة الذين يجلسون خلفي بأخر المقاعد، وكان يجلس علي الناحية الأخري أي علي شمالي..نسيت أن أخبركم أن هناك شخصا ما يتعقبني منذ عودتي من دهب وبعد موت أنس، حاولت كثيرا أن أوقع بهذا الرجل ولكني فشلت..وكان هذا الذي يتعقبني يثير قلقي وغضبي للغاية..
كنت أنظر بين الحين والأخر علي هذا المجهول الذي أشعر انه يسدد لي نظرات باردة طوال الوقت، لم أستطع تمالك أعصابي كثيرا وضاق بي المقام من جلستي هنا مكتوف اليدين هكذا، وكنت علي وشك النهوض من فوق مقعدي عندما رأيت شاشة السينما الكبيرة تتشوش وتختفي ملامح الفيلم..حتي أطفئت الشاشة فجأة بعد العديد من اللحظات المرعبة المليئة بصراخ جميلة المذعور المتقتطع..
وشعرت أن أحدهم يقترب مني بخطي وئيدة مرعبة..!!
انتهي الفصل الثالث🌸
الفصل الرابع هو الفصل الأخير من العدد الأول..وهاستني في التعليقات توقعاتكم للقاتل..كل اللي يقرأ الفصل دة ويوصل لسؤالي هنا لازم يقول..التفاعل بيفرح يا جماعة❤🌸
أنت تقرأ
سلسلة "ظِلاَلْ المَشْرحَة" || "!!Morgue's ShadoWs"
Misterio / Suspenso"وصلت الي غرفتي المشؤومة سريعا بعد رحلة عناء تحت الأمطار..ربما كنت أرتجف بردا لا أكثر..فكيف أرتجف خوفا؟ كيف أرتجف خوفا وأنا تلاحقني الجرائم أينما ذهبت! تمددت علي فراشي بثيابي المبللة وأنا أحاول أن أهدأ..وأخذت أفكر في كل ما مررت به في حياتي من أشياء...