١ | جَارةٌ حَسنَاء

20.4K 842 487
                                    

ْ

" لله دُر عَيناكِ "

____________________________

- التَاسعه صَباحاً | رُوما | عام ١٩٨٠ -

يَقولون جَاور السُعداء تُسعد ، بهذا الإنسِياق قرأها في إحدى صَفحات كِتابه لأحد الكُتاب المرموقين

رِفعَ عيناه مُأرجِحاً رموشه الكَثيفه إلى الشُرفة التي بجَانبه وبالقَلم الذي بين أصَابعه أخذ ينثرُ الرصاص خادشاً جُملة الكَاتب مُعترضاً

' جَاور التُعساء تُتعَس ' كَانت هذهِ الجُمله البائسه التي أبدلها على حاشية الصَفحه مُصححاً

أغلق الكِتاب حَانقاً عِندما بدأ مُحتواه إنحيزاياً ولا يَتنَاسب مع مِيوله وعادَ لإرتشاف قَهوتهُ أثناء مُراقبتهُ لأطفال الحي يَستمتعون بالثلوج ..

جَذبهُ صوت فَك قُفل بَاب الشُرفة المُجاورة لينَظُر بتَرقب ولَكن على ما يبدو بأن  ' التُعساء ' يحبون تهوئه المَنزل عوضاً عن إستنشاقه خارجاً .

حَمل كوبه الى جَانب الكِتاب الذي لم يَروقه وهمسَ ناظراً اليه بجمود " لو أننِي أطعمتُ مُشرداً عوضاً عن العَشر دولارات التي ذَهبت لكَاتب لا يَفقه "

أوصَد باب الشَرفه لإكتساب المَنزل بُرودة كَبيرة ساحباً السِتار ليَنتشر الظَلام سَريعاً لغِياب الشَمس في هذهِ الأيام

سَارَ بخطواتهُ الثَقيله الى مَطبخه واضعاً الكوب الذي لم يَكمله بسبب صَقيع القهوة بداخله وعادَ لمَعيشتهُ الضَلماء

إنغَمسَ في أريكَتهُ وأشعَل المِصباح ذو الضوء الطَفيف بجانبه سَاحباً دَفترهُ الذي شَارفت اوراقه على الإنتهاء بينما يُقلبها بأصبعه باحثاً عن صَفحه بَيضاء ويتوقف عِندها

مَسحَ كَفه المُتعرق رُغم بُروده الجَو ببنطَالهُ الثَلجي وحَمل الحِبر بها صائغاً كَلِماتهُ المُتشابكه في الورقه

_ جَاور السُعداء تُسَعد ! هَكذا قَالها الكَاتب ..لا داعِ لِذكر إسمه على أية حَال ، لَم تَروقني هَذهِ الجُمله المُؤججه بالسُرور ، إلا أنَي إبتئستُ مِنها وكَيف لا أبتَئس وأنا أفتقِرُ هذهِ السَعادة ؟ إِنتقَالي لهَذهِ المَدينه لا يُبهجني وجَارتي الحَسناء لم تَزيدني إلا تَجهم ، والجِار هُنا لا يَكثرث لجَاره ولا يَهتَم لحضُوره أو غِيابه قَطعاً ، أمَا عَن جَارتي الحَسناء - _

تَوقف عَن الكِتابه عاقداً حاجبيه الكَثيفان بإنزعاج لمُقاطعة أياً كَان لوَصف حَسناء الحَي ووقف مُمتعضاً نحو البَاب

Alexithymia | اليكسيثيميا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن