الفصل الرابع:
بعد أيام على هذا المنوال ولقاءات عديدة ساخرة بين طاهر ووسيلة في حلقة السمك وحرب النظرات الدائرة بينهما بالمساء قرر طاهر اتخاذ خطوة بمساعدة صديقة الابله وليته لم يفعل.
رمق طاهر صديقه اللامبالي وهو يلوك العلكة ويتكأ بكل اريحيه جواره، فلكزه طاهر بأتهام:
-ما تروح يا جدع متستفزناش!
اتسعت ابتسامة صديقه وهو يعتدل في جلسته مؤكداً:
-لا، انا رايح معاك !
-انا استاهل ضرب القباقيب اني قولتلك تعالى اقعد مكاني !
قال طاهر بلهجة تملئها الحنق والغيظ فضحك سامح وهو يلاعب حاجبيه:
-متقلقش ما انا مش هقعد مكانك انا رجلي على رجلك عشان اشوف اللي خلتك تطلب لاول مرة في حياتك خدمه مني عشان تتصرمح وراها يا و...
تاهت كلماته الأخيرة عن أُذُني طاهر وقد داعب عيونه من بعيد جسد أنثوي ملفوف بقماش يصرخ بألوانه الزاهيو، معلن عن هوية صاحبته لا محال، فقاطع سامح وهو يمرر اصابعه بين خصلاته بتوتر:
-ولااا.. اخرس نهائي وإياك تعمل حاجه تشلني والا وديني هرميك من على المعديه !
حرك سامح اصبعيه المضمومين أمام شفتيه بحركة ساخرة تدل على التزامه بالصمت والتصق بصديقه كي يرى ايًا من تلك الحوريات فتنته، زاغت عيناه بين مجموعة الفتيات الضاحكات واتسعت ضحكته ليهتف:
-أيووة يامرسي يا ابو العباس!!
-سامح ورحمة أبويا هقتلك !
هدد طاهر من بين انفاسه بعيون غليظة فأبتعد سامح لموضعه ناظرًا للجهه الاخري.
التحمت عيون الاوزة المكحلة بأحترافية بعيونه الحادة المتطلبة، وهبط طاهر بأنظاره للحلق اللامع بأنفها ليخطفه من لمعانه لون أحمر شفاها البارق كالورد البري، لمح طرف ابتسامه تلوح على شفتيها قبل ان تلتفت وتحادث صديقتها.
فعض طرف شفتيه وهو يراها تبالغ في تمايلها الهادئ أمام شوق عينيه بتحدي أنثوي صامت، خبط المحرك بكفه الكبير بأنفعال وعلو صوته النسبي خطف انتباهها مرة أخرى :
-جاهزين ومحدش يعاتب غير نفسه على التأخير !
حركت يدها امام فمها تخفي ابتسامه حمقاء ولم تستطع منع أنظارها من التنقل نحوه بين الحين والأخر.
لاحظ طاهر نظراتها المرتبكة منذ جلست، بسعادة رفرف لها قلبه ولم يستطع بدوره كبح ابتسامه ارتسمت على جانب وجهه طوال الطريق وهو يبادلها تلك النظرات لتترعرع بينهم براعم شعور مصدره الحب لا محال ونهايته العشق والهيام.قفز طاهر من المعديه حال وصولهم للشط الأخر خلف الاوزه ما ان هبطت وقال لسامح وهو يمشي بخطوات مسرعة:
-اربطها انت وحصلني.
حرك رأسه يبحث عنها بين الجموع المتحركة في الشوارع المزدحمة وتنفس براحة ما ان وجدها تطالع وجهت إحدي المحلات التجارية، وقف بعيدًا عنها يراقب كل تحركاتها برضا غريب وسكون.
رفعت وسيلة هاتفها الصغير تلتقط صورة لإحدي الفساتين الرائعة التصميم والصارخة " أموال " والكثير من الأموال، ثم نظرت للصورة ضعيفة الجودة والصغيرة نوعًا ما برضا والتفتت لتعيد الهاتف إلى حقيبتها، فدق قلبها بفرحة وشعور غريب ما أن لمحت الأسمر الجذاب يراقبها من بعيد ، اعطته ظهرها وابتسمت بقوة وسعادة مفكرة .. ايهاجمه نفس الشعور بمراقبتها والذي يراودها كلما لمحته ؟
قاطع تفكيرها ضحكة صديقتها الرنانة فهزت رأسها حين لمحت بعض الرؤوس تلتفت نحوهم ودفعتهم بخفة للمضي في الطريق.
لا تدري لما تشعر بتلك السعادة والحرية معهن رغم سوء أفعالهن، ولكن أي شئ أفضل من البقاء حبيسة تحت جناح والدتها التي تخشى عليها من مجرد الظهور أمام احد، ابتسمت وهي تتذكر يوم حنة جارتهم عند ثقبت لها إحدي الفتيات أنفها وتذكرت هلع وجنون والدتها حين رأت الحلقة الصغيرة في انفها، المسكينة ظنتها ستفقد الوعي ولكن بالتأكيد والدتها ليست كأي والدة فقد اخذتها من خصلات شعرها واعطتها درسًا مبرحًا او كما يطلق عليه "علقة سخنة " لأنها تركت المخابيل أصدقائها على حد قولها بالعبث بأنفها وجعلها مثل الثور !
أنت تقرأ
حلقة سمك
Romanceنوفيلا رومانسي خفيفة ..... مشتركة بين الكاتبة دينا إبراهيم روكا و الكاتبة وسام أسامة .....أتمني تعجبكم