٨. نهاية الجد

650 94 30
                                    


كان الجد جالساً في الصالة قبالة التلفاز عندما كان الأولاد ذاهبين للمدرسة صباحاً على غير عاداته من الخروج لعمله باكراً قبلهم، لم يسأله الأطفال عن السبب لذبول ملامحه و هيئته التي تدل على الإرهاق و الضنى فلا بد أن كان ينوي أخذ استراحة، جاءوا مودعين له للمغادرة للمدرسة فقال لهم باسماً:
- إدوارد و روي، يمكنكما اليوم الذهاب و البحث عن عمل جزئي ترغبان به لامتلاك المال الخاص بكما من كدكما كما تحبان، و لكن مالي أيضاً تحت تصرفكما و هو مالكم الثلاثة الآن من بعدي.

ظهر الإندهاش على محيا الثلاثة و هزوا رؤوسهم بالإيجاب، و أضاف الجد:
- سأبقى اليوم في المنزل للقيام ببعض الأعمال الضرورية، و سأخرج لقضاء بعض الأشياء، عند عودتكم و في وقت الغداء، أريد مصارحتكم الثلاثة بأمر مهم.

تبادل الثلاثة نظرات قلقة و أردف الجد باسماً:
- هيا اذهبوا لكي لا تتأخروا! بسرعة!

أومأ الثلاثة ببطء و تبادلوا نظرات مستغربة ثم توجهوا خارج المنزل، تلكأ إدوارد و توقف متجهماً و عاد ليسأل جده قلقاً:
- جدي، ما الذي تريد فعله؟ حديثك جعلني أشعر بأنك مقدم على شيء... هل ستذهب لتلك الكائنات؟

تنهد الجد و أجاب بابتسامته الطيبة:
- لا يا بني، أنا لست ذاهباً لها.
أنا أخاف الموت أيضاً و أحرص على حياتي مثل بقية الناس.
لا تستعجل؛ عندما يحين الوقت، ستعرف كل شيء.
فقط...
عدني بأنه لو حدث لي مكروه ما في أي يوم، تحت أي ظرف، ألا تبكي علي لكي لا أتعذب بدموعك و ألا تنهار و تظل قوياً محافظاً على عقلك الراجح و تفكيرك السديد و حسن تصرفك لتتخطى المأزق بسهولة، و أن تمضي في حياتك بطبيعية و تساعد ماريا و روي و تكون سنداً لهما، هل تعدني بذلك،
إيدي الصغير؟

تردد إدوارد لبرهة بسبب حديث الجد الغامض المريب، ثم اومأ و أجاب:
- أعدك بذلك يا جدي.

أومأ الجد باسماً، و أحاط حفيده بعناق طويل ثم ودعه على عجل لكي لا يتأخر أكثر، ذهب إدوارد مسرعا ليلحق بروي و ماريا المنتظرين في عتبة المنزل باستغراب.
راقب الجد المراهقين الثلاثة و هم يسيرون نحو المدرسة حتى انحرفوا نحو شارع آخر ليغيبوا عن ناظريه، و طرفت عيناه بتأثر ليمسح دمعة انحدرت على خده، و قفل عائداً و أغلق باب المنزل.

- ماذا قال لك الجد، إيدي؟
تساءل روي بفضول ليجيب إدوارد كاذباً:
- لا شيء يذكر، أخبرني أن أعتني بنفسي و أبذل جهدي في المدرسة.

أومأ روي و أضافت ماريا بقلق:
- هل تعتقدان بأنه مريض؟ ربما يشكو من علة ما و لا يريد مصارحتنا...

التزم الثلاثة صمتهم، و أردف إدوارد:
- سيكون بخير، يمكننا أن نسأله عندما نعود لاحقاً، لقد قال أنه يود مصارحتنا بأمر ما.
على كل، أين سنعمل يا روي؟ هل تجيد عملاً من الأساس؟

إلى الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن