١٤. اهربي ماريا

598 94 20
                                    

صمت الجميع واجمين، يستمعون للتلفاز و للأخبار عن دمار القرية الثامنة و الضحايا الذين لم يتبق منهم أحد على قيد الحياة ليروي ما حدث عدا بضعة بعدد الأصابع،
في القرية التي تبعد قرابة الثلاثمئة كيلو مترًا عن العاصمة.

نقلت شاشات التلفاز في بث مباشر الحقيقة عارية مؤلمة؛ لا زالت بقايا النار تستعر في المنازل التي استحالت سوداء يعلو منها الدخان، و اصطبغت الأرض بالأحمر و كأن السماء أمطرت دمًا، عرضت الكاميرات كذلك تزاحم الصحفيين على الناجين القلائل المتسخين، الذين بدوا فاقدي الحياة بوجوه شاحبة عاجزين عن البكاء أو التصديق.
راقب الرفاق الثلاثة بذعر البث الذي انتقل للأستديو، و كل واحد منهم يتذكر قسراً ما مر به، و كيف كان قبل أيام معدودات مثل هؤلاء، يتيماً شريداً ذاهلاً لا يرغب في تصديق ما حدث.
ترقرقت الدموع في عيني ماريا و مسحت عينيها، و وضع روي فخذ الدجاجة الذي كان يلتهمه جانباً و شبك إدوارد يديه أمام وجهه بقلق،
راقب أليكس الرفقة الثلاثة و تسائل مستغرباً:
- ما بالكم؟

أبعد إدوارد يديه عن وجهه و أجابه بجفاف:
- ستعرف ما بالنا بعد أسابيع أو أيام؛
عندما تأتي تلك الشياطين و تدمر كل شيء تعرفه و تحبه، و من يدري، قد لا تقدر لك الحياة إلى تلك اللحظة لتشعر بالبؤس الذي مررنا به هناك!

أضاف روي:
- اتركه، إنه لم يعش ليصحو على وفاة جميع من يعرفهم و تدمر موطنه، اتركه فقط.

ابتسم أليكس و أسند ذقنه ليده ليجيب:
- لقد تدمر مسقط رأسي في القرية الأولى، و جميع معارفي هناك، مات أقربائي هنا، و فقدت مخطوبتي، فقدنا واحد، و ربما يكون فقدي أكثر.
مع ذلك، أرى أن استعادة الذكريات السيئة لا يجلب شيئاً، يجب أن نفكر في مخرج أو حل لكي لا تمروا بذلك مجدداً و لكي لا يمر به أي شخص آخر؛ حتى لو رأينا الجحيم، يجب أن نحمي الآخرين لكي لا يروه أيضاً.

أومأت ماريا و قالت:
- أنت محق يا أليكس، لكن ماذا عسانا سنفعل؟

- هذا ما يجب ان نبدأ في التفكير فيه بدل التشاؤم!
أجاب أليكس بحزم، و أضاف:
- حتى لو كانت شياطيناً، لقد خرجت من أجل ما أخذه أقاربكم و لم يعيدوه، الأحرى أن نبحث عن القطع الذهبية و نعيدها إلى تلك المغارة قبل فوات الأوان.

زم إدوارد شفتيه مفكراً، و أضاف روي بحماس:
- حديث الرجل صحيح!
لو لم نحاول فعل شيء فسنكون في انتظار الموت فقط!
أنا ما زلت أريد الحياة، لأعمل و أتزوج ماريا و..

حصل روي على ضربتين في الظهر من ماريا و إدوارد ليتأوه و يتحسس ظهره مغمغماً بانزعاج، ابتسم أليكس و أضاف إدوارد:
- إذا سنبحث عن الذهب الذي جمعه جدي.
احتمال كبير أنه خبأه في المنزل، و لو عثرنا عليه سيكون قد تبقى لنا قطعة واحدة...
غداً سأتحدث مع فتاة أشك أنها تعرف شيئاً ما.

إلى الهاويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن