"
"حلا"
لم يكن من اليسير أبداً أن أتنازل وأعاود الضغط علي زر تسجيل الدخول إلي فيس بوك ولكن في النهاية فعلت علي أي حال، لا تظن أنه استطاع استعطافي بكلماته الأخيرة في مَنشوره، أنه فقط فضول المرأة من ساقني إلي الرغبة في رؤية ما قد أرسله لي. الأمر كان أقرب إلي سيناريو فلم هندي خيالي، كيف فعل ذلك؟ وكم من مئة تخطت نسبة جُرأته لتسمح له ليفعل ما فعل؟ لن أُنكر أنها أول مرة أحب رؤيتي في صورة، أُحببت أحاديث البشر عنها..أحببتني من صورة وكأنها لم تكن أنا! كانت كلماته لها أثرٌ كبير داخلي، لا أعلم لما شعُرت بذلك عندما سمعتها؟ شعرت بأن الكلمات بين أحرفها دفئ، بهجة وفخر!..أو ربما صدق، انتابني الفضول لمعرفة عن أي سفر يتحدث؟ وأي حُلم هذا الذي كانت صورتي سبباً في تحقيقه؟ أستطيع أن أُخمن أنه هاوي تصوير ولكن لا أفهم باقي الألغاز!
كانت أمنية سعيدة بالأمر كثيراً، ترسم أحداثاً خيالية في عقلها، وتقصها لي وأنا أشاهد كم الإشعارات التي أتت تدعوني أن أري الحدث التاريخي للبحث عن الأميرة التائهة كما تُسميه أمنية:
-بس بقي هو هيدور عليكي ويوصل لبيتك ويقف تحت العمارة يستناكي بورد ومع أول نظرة تحبوا بعض، وهو يسافر بقي وأنتي تفضلي مستنياه يرجع، ويفضل يبعتلك رسايل علي الفيس بقي ولما ينزل مصر يخطبك فجأة وتبقي قصة حُب الموسم واو.
ضَحكت بسُخرية وأنا أقول لها:
-يخطبني فجأة آه، هصحي من النوم ألاقيه بيقولي بخ خطبتك...بطلي أحلام اليقظة دي وخليني أشوف هعمل إيه في الليلة اللي مش فايتة دي، دانا بعزف في حفلات في الأوبرا بقالي 4 سنين وماحدش عرف اسمي حتى، تيجي صورة علي غفلة تخليني حديث الأمة!
--وهو حد يلاقي شهرة ويقولها لا !
-شهرة في شيء غير مُفيد تبقي شهرة مؤقتة مالهاش لازمة وهنتهي في عقول الناس وحديثهم بسهولة وبسرعة زي ما اشتهرت ف 26 ساعة بسهولة وبسرعة...أكيد لو اشتهرت في حاجة مُفيدة هاحب ده.
تساءلت أمنية بتعجب:
-افهم من كده انك متضايقة من الحوار ومش حباه؟
ابتسمت بخجل وأنا اقرأ رسائله، نظرت لها وأُجبتها:
-شكلي هحبها كده..بصي باعت إيه بصي.
قرأت أمنية رسائله بصوت عالٍ وضحكنا سوياً، يبدو أنني وقعت في دلو أحد أبطال فلم رسوم مُتحركة، رسائله متوترة، تُعبر حروفه عن لهفته ونفاذ طاقة الانتظار لديه، شعرت من طريقته أن من يُحادثني طفل ليس مصور مُحترف استطاع إقناعي بملامحي التي لم يُغير بها شيئاً غير أنه جعلني أراها بواسطة عينيه..
في وقت ما كُنت أبحث عن ردود تُناسب ما أرسله غير ذلك المُلصق المصدوم الذي أجبرني جنون رسائله علي إرساله، كان قد أرسل رسالة آخري، فاجئني تسرعه، بل وأخافني، كان يُريدني أن أقابله يوم غد في أحدي المطاعم الشهيرة والذي أعشق تفاصيله، أخافني اختياره للمكان قبل خوفي من طلبه لمُقابلتي، فهل هذه أيضاً مُصادفة أن يختار مكاني المُفضل؟ أم أنه عَلُم عني أكثر من اللازم؟..من يظن أنني أكون؟ لن أقبل بالفعل بأن أُرافقه لأي مكان، قررت أن أتشاجر معه، وبجدية وانفعال كتبت له (هو حضرتك مجنون؟)...نعتتني أمنية بالسخيفة لردي ولكن هذا ما يجب أن يحدث مع هؤلاء المُراهقين فكرياً وفعلياً، تأخر في الرد فعلمت حينها أن ردي أغضبه وحتماً سيظهر علي حقيقته ويتشاجر معي الآن...ما هذا؟؟ فاجئني بإرسال رسالة صوتية
لو أنني لا أعلم من أنا وماذا عشت، لقلت أن هذه أول مرة تُحرك مشاعري نبرة أحدهم..تسجيل صوتي يتوسل إلي فيه أن أقابله غداً ولا يتعدي الدقيقة، كان كفيلاً بأن يجعلني أشعر بالسعادة كأن ما قيل فيه قصيدة باسمي، نبرته قوية دافئة، لبقاته أعجبتني رغم توتر أنفاسه..ورغم رغبتي الشديدة بعد سماع صوته في أن أُحادثه عن قُرب، واعلم ما يُخبئه لي ويريد الإفصاح عنه، إلا أنني رفضت رفض قطعي، جادلتني أمنية كثيراً مُحاولة إقناعي بأن اذهب ولكن هذه المرة لم اضعف أمام إلحاحها وإلحاحه..فقد اكتفيت من ألاعيب هؤلاء الذكور...
أنت تقرأ
لو أنني عاندت..
Romantiekإلي تلك الروح التي أهلكها العناد الإصرار شيء جيد لا محال، لكن ليس كل إصرار يكون في طريقه الصحيح...فيمكن أن يكون إصرارك على العناد هو أحدهم..فلتنظر خلفك قليلاً فربما هناك ما فاتك، ولتلتفت إلى خطاك جيداً فربما أيضاً هناك ما يفوتك بالفعل.