اغماء

17 2 0
                                    

_حسنا لقد فهمت كل شيء. قال المحقق بنظرة حازمة ثم استأذن بالمغادرة.
    بقيت ليلى في غرفة النوم محدقة في السقف، متسائلة عما يعنيه كل هذا؟ ما كل الغرابة التي تلف حياتها الآن."علي ان اتفقد تلك الغرفة بنفسي". هذا ما حدثتها به نفسها. استجمعت قواها و اتجهت الى هناك مجددا.
  ببطء و هدوء فتحت الباب، راودها الشعور بالخوف و الغثيان و هي تحاول استجماع قواها لتخطو اول خطوة نحو الماضي القريب جدا. بعينيها المرتعبتين، لمحت ضوءا احمرا من احد زوايا الغرفة، حيث كانت جثة الجدة صباح معلقة هناك. "يراقانات في غرفة قديمة مغلقة و لا يدخلها أحد الا نادرا!" .
كان عليها ان تستغرب فعلا، فليست القرية التي يقطنون بها مكانا مشهورا باليراقانات المضيئة، ثم ان هذه الاخيرة لا تقبع في البيوت عادة، و حتى المهجورة منها.
بدأ مصدر الضوء بالارتفاع و السطوع اكثر، و خرجت جميع الحشرات من مخابئها، رجعت ليلى خطوة للوراء ، و لكن قبل ان تخرج اغلق الباب بقوة.
    _ليلى، مرحبا كيف حالك؟ لم نلتق منذ وقت طويل.
_زياد! هل انت زياد حقا ، اين كنت؟ لقد اختفيت فجأة.
_انا هنا الآن ، و هذا هو المهم.
_هنا؟ اين انا لا اراك؟
_لا يمكنك رؤيتي لانك لم تفتحي بعد قلبك للماضي، هيا يا حبيبتي دعينا نلتقي من جديد، اجعلي الماضي جزءا من حياتك الحالية، لننعم بحياة العشاق التي حلمنا بها.
_و لكن لماذا الآن؟لقد رحلت من دون ان تقول شيئا! و الآن تريد ان نحب بعضنا مجددا!
_انظري حولك ، ستعرفين سبب عودتي.
نظرت ليلى حولها لترى رندة واقفة في احدى زوايا العالم الغريب ترتدي ثوبا أسودا ، شعرها مشعث و جبهتها دامية،و يصدر منها صوت نحيب رغم انها لم تفتح شفتيها بحرف واحد، بل اكتفت بالتحديق في ليلى بعينين غاضبتين.
_رندة ما الامر ما الذي حدث؟! سألت ليلى.
_احقا لا تعلمين، رد صوت زياد، انه الحزن الذي سببته لها في الماضي، حزن كتمته بداخلها و لم تتحدث عنه ابدا.
_ عن اي حزن تتتحدث انا لم اؤذي صديقتي ابدا.
_ حقا ، ماذا عني؟ الم تؤذها بي؟ لقد تسببت في موتها ، كما فعلت مع جدتها ، و كما ستفعلين مع الجميع، كل من تعرفينه و كل من تقتربين منه.
تجمع طيف اسود كبير حول جسد رندة و بدأ يلفها كالخيوط حين تلتف حول المغزل.
  _لا ، ارجوك لا تذهبي الى هناك. صرخت ليلى. و هناك اختفت رندة، و اختفى صوت زياد، و اختفى العالم الغريب، و صحت ليلى على صوت رندة و والدتها يخبرانها بأنه اغمي عليها و انها كانت تعاني من الكوابيس.

مهارة الشيطانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن