(52)

2.1K 112 35
                                    


بقلم نهال عبد الواحد

مرت عدة أيام وكان المفترض متابعة جروح العملية وتبديل الغيار مرة أسبوعيًّا وبعد أسبوعين أو حسب حالة الجرح تبدأ مرحلة جبيرة الجبس لمدة لا تقل عن شهر ونصف مع متابعة أسبوعية لحالة التئام العظام عن طريق الأشعة المقطعية.

وبالفعل جاء موعد الغيار الأول بعد أول أسبوع من إجراء العملية ومؤشرات بداية الالتئام ومدى شفاء الجروح أو تقيحها.

وقد تم التغيير على الجروح بنجاح طمأن الطبيب وطمأن الجميع؛ فأسوأ الاحتمالات لم يعد له وجود وقد حدثت بداية الاستجابة وإن كانت رحلة العلاج لا زالت طويلة، لكن على الأقل فقد صار الجميع على استعداد لمساندة حبيبة لتجتاز هذه المحنة.

كان الجميع حولها في غرفتها بالمشفى، أبوها، أخوها، عمتها، رياض، هاجر، شاهندة، نادية وإيهاب، الجميع منتظرًا، متحفزًا ولا يتخيل مدى ردة الفعل، بل يتوقع الأسوأ..  انهيار، صراخ، عويل... وأشياء كثيرة!

بدأت حبيبة تستيقظ وتفتح عينيها تدريجيًا؛ فالضوء لا زال يزعجها فلا تستطيع فتح عينيها على آخرهما، فهي لا زالت لا ترى سوى خيالات لأشخاص كثيرة ثم أغمضت عينيها مرة أخرى تشعر ببعض الألم في رأسها لا تدري سببه! لكن الألم الأكبر تشعر به في كفيها...  ألم شديد... حرقان... وخذات... وضع غير مريح إطلاقًا!

بل كأن هناك وغز إبرة في ساعدها، لازالت تحاول فتح عينيها جاهدة بدت من حركة تبليل شفتيها أن حلقها قد جفّ من شدة الظمأ ثم فتحت فمها قليلًا تبلل شفتيها من جديد ثم تبتلع ريقها.

فتحت عينيها مجددًا لتتمكن من رؤية الأشخاص بوضوح، فالتقطت وجه أبيها كأول وجه فحرّكت شفتيها لتنطق باسمه «بابا» فابتسم لها وتحرّك مقتربًا منها ببطء والكل يفسح له الطريق.

لاز الت عيناها معلّقة بأبيها الذي أخيرًا جاءها بوجهه الشاحب ثم ضمها إليه في حُضن أبوي مربتًا عليها  مقبّلًا جبهتها فأغمضت عينيها من جديد كأنما تتمنى أن تتوحد مع شعورها الحالي فقط دون أي مؤثرات.

لكنها بدأت تسمع صوت شهقاته مع مزيد شهقات المحيطين متمتمًا: حمد الله على سلامتك يا حبيبة أبوكِ!

ثم شعرت بتكرار نفس الجملة من كثيرين حولها، لكن تعالت شهقات أبيها لدرجة النحيب فحاولت أن تنهض بجسدها لتربت عليه هي؛ فهي لا زالت لا تستوعب ما الذي يجري!

لكن ما كانت تمد يدها وتحركها حتى شعرت بوخزاتٍ تزداد فانتفضت ألمًا خاصةً عندما أراحت جسدها مستندة لاإراديًّا على يدها الأخرى فازداد الألم فجأة لدرجة أنها قد تأوهت بصراخٍ...

فانتفضت جالسة فجأة لتستوعب بالضبط ماذا يجري! وكان أبوها يسندها من أحد جانبيها ورياض جلس ساندًا لها من الجانب الآخر.

(هل الضربة قاضية؟!)    By : Noonazad حيث تعيش القصص. اكتشف الآن