هاهي ذا .. جوانا تمسك أذنيها بقوة ، تنظر للأسفل وتركض في ساحة المدرسة ، هناك من الشباب يضايقونها ، يقلدون حركاتها ويسببون لها إزعاجاً وضجيجاً ..
تركض باتجاهها فتاة جميلة مفعمة بالأمل والتفاؤل ..
تمشي معها لتكون سنداً لها في عالم تراه غابات من المتاهات ..
يتنمرون عليها أيضاً ، فتيات المدرسة هذه !
- دعيها وشأنها ، دفعوا لها لتكون جليستها
- إنها ليست فكرة سيئة ، البلهاوات يعتنين ببعضهم البعض
- إنها تكسب مالاً من هذا
والكثير من هذه العبارات الجارحة !
ركضتُ باتجاههم وقلت بحماس :
لا بد أنك " جوانا " مديت بطاقتي نحوهم وأكملت : أنا المحامي جورج
جوانا تغرق في بحر البطاقة ثم تقول كأنها تحدث نفسها : مهنة المحامي هي واحدة من 700 مهنة التي ستختفي في العصر القادم
وضعت صديقتها يدها على كتفها محدثة إياها :
- من غير اللائق قول هذا في وجه محام
جوانا وهي تشيح بصرها بعيداً قائلة : أعتذر إن كنت وقحة
ابتسمت ، تبدو لطيفة بالنسبة لي ، كطفلة بريئة ونقية
فاجأتني جوانا : عدد النقاط في ربطة عنقك هي 762 !
نظرت إلى ربطة عنقي بعمق ، أنا لا أرى خمسة حتى !- أكاد أموت تعباً من الكتابة ، لقد اخترت شيئاً صعباً -
" الكاتبه تعتذر على التطفل "- هل تتذكرين الحادث الذي رأيتيه ، عندما توفي الرجل العجوز ، هل تتذكرين الإمرأة التي كانت في بيته ، أنا محاميها .
لم تكن جوانا مهتمة ولم تكن تصغي إلي أو تنظر نحوي فقد كانت تغني مع نفسها ..
تحدثت الفتاة بابتسامة : لا تقلق إنها تسمع كل شئ
- أنا ممتن للغاية ، إحداكما تتجاوب معي على الأقل
ابتسمتْ فبدت كالقمر المضئ في صحراء مظلمة ..كنت صارماً على معرفة أي شئ عن الحادث فقلت لجوانا : أود الدردشة معك عما رأيتيه في تلك الليلة ..
قالت الفتاة : أجيبيه لقد طرح عليك سؤالاً
ردت جوانا : كلا لم يسألني عن شئ ، عندما تطرح سؤالاً استخدم أداة استفهام ومد نهاية الجملة ..
كنت مستغربًا بينما حدثتها الفتاة :
لا يوجد فرق يا حمقاء
فقلت متسائلاً : جوانا ، هل تسمحين لي بطرح أسئلة عن تلك الليلـــــــــااااة ؟
أجابت جواناً أخيراً : كلا أرفض
ضحكنا عليها نحن الاثنان بينما بدأت جوانا بحركاتها الغريبة
كأنها تحتضن الهواء في السماء
بل تسبح في المسبح ، بل تطير مع سرب الطيور ، لا بل ربما تتعامل مع الجن ، من يدري ؟!
أمسكتها صديقتها بقوة
- ألا يمكنك البقاء ساكنة لثانية واحدة ؟!
وجهت حديثي لها قائلاً : ما اسمك ؟
أجابت والبسمة اللطيفة لا تفارق ثغرها : ليزا
- أنت صديقة طيبة
- لا ، لست كذلك !جوانا بدأت من جديد تمسك أذنيها بقوة وهي تصرخ
ليزا : واحد اثنان ثلاثـ ... ة
أعتقد أن هذه عادتهم اليومية بينما يعودان معاً من المدرسة إلى المنزل ، حيث هناك يجلس كلبٌ كبير الحجم على الرصيف
وينبح بلا انقطاع ..
بعد أن قطعت الشارع خلفهم صرخت :
- جوانا تلك المرأة لم تكن تحاول ايذاء العجوز بل مساعدته
هل بإمكانك مساعدتها ؟
أخرجت جوانا هاتفها المحمول وبدأت تضغط الأزرار ثم قالت :
- عندما يلاحقك شخص غريب اتصلي بالشرطة
صرخت بسرعة : اووه كلا حسناً حسناً وابتعدت قليلاً
ركضت جوانا تجاه منزلها بينما التفتت ليزا قائلة :
- إبدأ بالأشياء التي تحبها جوانا وستتحدث بعد فترة
سألتها : وماذا تحب جوانا ؟
أجابت : ما يحبه جميع مرضى التوحد .. الاحجيات والألغاز والمسابقات ، هذا النوع من الأشياء ..
ثم ذهبت في طريقهاالحمد لله يسخر الله لي أشخاصاً في طريقي للمساعدة دائما !
أنت تقرأ
الجين الساكن
Mystery / Thrillerفتاة مصابة بطيف التوحد شهدت على جريمة قتل ذات ليلة فـيقوم رجال القانون في المحكمة بالبحث عن الاسرار والحقائق حول ما إن كانت جريمة فعلاً أم إنتحار بينما تعاني الشاهدة نوبات مرضها وتحارب خوفها من الملأ لتشهد بالحقيقة في المحكمة. نوع الرواية : قانون...