المحكمة الأولى / تمهيد

24 4 0
                                    

منبه الساعة يرن ..
صوت قادم من السيارة البيضاء ، يستيقظ على صوت المنبه ذلك الرجل النائم في السيارة ، يمسك بهاتفه المحمول ويأخذ حقيبته وينزل بسرعة من السيارة ، يركض فيصطدم بي .. يعتذر ويكمل الركض باتجاه المحكمة .. يسقط منه شيئ ما يبدو أنه مستعجل جداً .. أخذت الشيء ووضعته بحقيبتي ..

" محكمة تمهيدية "
القاضي : ما تبقى الآن هو مسألة ما إذا كان سيتم جمع إفادات من الشاهدة " جوانا " شخصياً !!

ذلك الرجل الذي قابلته : مع الأخذ بالاعتبار اصابتها بالتوحد يقترح الادعاء العام استخدام شهادة خطية ومقابلة مصورة

قلت موجهاً حديثي للقاضي :
إنها الشاهدة الوحيدة على الحادثة وكانت شهادتها هي الأساس الذي تسبب باعتقال موكلتي وبصفتي محامي الدفاع لا يمكنني تمثيل موكلتي إذا لم أحصل على فرصة لطرح سؤال واحد على الشاهدة ..

سأل القاضي : أيها المدعي العام ، إذا لم يتفق محامي الدفاع مع اقتراحكم فسيتوجب على الشاهدة الصعود على منصة الشهود .. صحيح ؟
أجاب المدعي العام : هناك حالات استثنائيه تحل فيها المواد الملحقة محل الشهود الذين لا يستطيعون الوقوف على المنصة ، لذلك يرجى مراعاة ظروف الفتاة الخاصة ، قد لا تكون قادرة على الإجابة عن أسئلة محامي الدفاع ، لا سيما في بيئة غريبة ، وأكمل متأثراً : تواجدها في المحكمة يضرها وهذا ما أخشاه

جلس القاضي في دقيقة صمت يفكر بقراره ..
أيوافق على حضور الشاهدة أم يرفض الأمر ...
وبعد دقيقة قال : قراري .. سأطلب حضور الشاهدة إلى المحكمة ..

خرجنا من المحكمة .. رأيته ذلك الرجل المستعجل .. إذن هذا سيكون خصمي في القضية .. إنه المحامي العام ويدعى : السيد " ليون "
أعطيته الشئ الذي سقط منه ، نظر في حقيبته ثم تأكد أنه له فأخذه بسرعة ووضعه في حقيبته
مديت يدي مصافحاً إياه قائلاً : لنفعلها بالطريقة الصحيحة
نظر بغضب وقال بصوت غليظ : آسف لكنني لا أصافح محامي الخصم أثناء المحاكمة !
ترك يدي في أدراج الريح محمرة وجنتيها خجلة من تصرفها
فاجأته بسؤالي : سمعت أن أخاك لديه طيف التوحد
التفت نحوي بعد أن كان يهم بالابتعاد قائلاً : نعم ، ماذا بشأنه ؟
أردفت : لهذا السبب تم تكليفك بهذه القضية وأعتقد أنه من الإنصاف أن تعلمني كيف يمكنني التواصل مع الشاهدة
أجاب بغضب : إذا كنت تلهث وراء الإنصاف ، اجتهد بنفسك !
كيف يمكنك أن تطلب من مدعي عام مساعدة محامي الدفاع !
أردت أن أبرر لكنه قال قبل أن أنطق : تريد أن ترى ملفات قضيتي أبداً ..
تفاجأت بتفكيره العقيم هذا ولكنني فضلت الصمت ..
ذهب بعض المسافة ثم توقف فجأة قائلاً :
إذا أردت التحدث مع شخص لا يشعر بالراحة معك فما الذي ستفعله ؟ يمكنك الحفاظ على نفس الوتيرة معه ، يعيش مرضى التوحد في عالمهم الخاص ..
يبدو أنه رأى الاستفهامات التي تدور فوق رأسي فقال موضحاً : إذا كنت تريد التحدث مع شخص يواجه صعوبة في التواصل معك فعليك أنت الدخول إلى عالمه ..
ثم اختفى كالسراب ..
لا يهم ، شكراً له على المساعدة فقد شعرت بأنه يحمل قلباً طيباً .. يخفيه عن الملأ !

الجين الساكنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن