في المستشفى ..،
ترقد على السرير الأبيض جوانا وهي لم تخرج من دنيا الصدمات حتى الان ..
الطبيبة : متى ستأتي وصيتها ؟
- ستكون هنا قريباً
قالت جوانا ووجهها خالي من أي تعبير :
لا تخبر أمي ، سيتحطم قلبها وليزا ستتأذى أيضاً ، ستعاقب
- إذا لم تخبري أحداً سيصبح الأمر أسوء فحسب ، يجب أن تخبري أمك والمدرسة ..
صمت طويلجاءت أمها والدموع كوّن شلالاً غزيراً على وجنتيها
تحتضن ابنتها ، تمسح على شعرها ، تواسيها ، تهدأهاخرجنا معاً وجلسنا في إحدى مقاعد المشفى
- ليزا صديقتها الوحيدة
قلت : لا أعرف الكثير عن هذه الأمور ولكن هل فكرت في مدرسة متخصصة ؟
- بدلي حفاظتي !!
فتحت فمي من هول الصدمة غير مستوعباً ما تقصده هذه السيدة
- هذه كانت كلماتها الأولى ، عندما بلغت عامها الاول فقط
بينما باقي الأطفال بالكاد يمكنهم قول " ماما ، بابا "
ابنتي جوانا قالت جملة كاملة ، وتمكنت من القراءة بسهولة في سن الثانية ، ليس كتب أطفال وإنما الصحف
وقالت وابتسامة مختلطة بالدموع ترتسم على محياها :
- فكرت بأنها عبقرية ، فكرت ماذا ستصبح عندما تكبر ؟
أجبتها مواسياً : إنها ذكيه حقاً ومذهلة في حل الاحاجي
وأكملت وأنا أتأمل أبواب المشفى : فقط لو أنها لم تكن مصابة بالتوحد
نظرت نحوي بتأثر ثم قالت : عندها لن تكون ابنتي جوانا لو لم تكن مصابة بالتوحد ، لم أفكر في هذا مطلقاًأوصلت جوانا وأمها إلى المنزل ..
- أتمنى لكما ليلة سعيدة
- أنت ايضا
حركت يدي يميناً وأنا أقربها من جوانا كي تقوم معي بتلك الحركة المعقدة لكنها دخلت إلى المنزل ولم تهتم لامري
- هل ترغب بالتحدث معها قبل أن تغادر ؟
وافقت فوراً فهذه فرصة من ذهب
استأذنت جوانا فسمحت لي بالدخول إلى غرفتها
كنت أتأمل غرفتها وكأنها لوحة فنية في غاية الابداع
وجذبتني إحدى اللوحات التي رسمتها جوانا فقد رسمت نفسها وكتبت : حلمي ، محامية
- هل تريدين أن تصبحي محامية ؟ قلت فرحاً
أومأت بالايجاب
- ولماذا تريدين أن تصبحي محامية ؟
أجابت وهي تنظر إلى جهازها اللوحي وتلعب به
- إنهم أشخاص طيبون ويساعدون الناس
ثم نظرت لي للمرة الاولى بنظرة عميقة كهذه وقالت :
- هل أنت شخص طيب ؟
تأملتها لثواني ثم قلت مبتسماً :
- هذا هو السؤال الأول الذي سألتني إياهجاءت أمها حاملة كوباً من الشاي وقدمته لي ثم قالت محدثة ابنتها : أغلقي الجهاز يا جوانا
لكنها قامت فقط بكتم الصوت ..
سألتها وأنا أحدثها كالاطفال : هل تتذكرين تلك الليلة عندما مات السيد هاري ؟
ضغطت زر التسجيل في الجوال ثم أكملت :
أنت قلت للمدعي العام السيد ليون أن السيدة ميران أمسكت وجه الرجل العجوز فـ سقط ارضاً
صرخت جوانا من الحماس بسبب انتقالها للمرحلة التالية في اللعبة التي تلعبها في جهازها اللوحي
قالت والدتها بغضب : هل يمكنك التركيز على الأسئلة ؟
سألتها : أين أمسكت السيدة بوجه الرجل العجوز ؟
فتركت جهازها وأمسكت فمها بكلتا يديها
أكملت : وهل بدا ذلك كهجوم ؟
جوانا : يا إلهي هذا مثير للشفقة ..
كانت تنظر في شاشة الجهاز اللوحي متأثرة بما تراه
سحبت منها أمها الجهاز ورغم ذلك كانت لا تتجاوب معي
خرجت أمها وأنا أيضاً ههممت بالانصراف
قلت لها : أعلم أنك مررت بيوم عصيب وأنا أزعجك ..
جوانا فجأة : عقول الناس معقدة !
ليزا تبتسم دائماً ولكنها تستغلني ، أمي تبدو غاضبة دائماً ولكنها تحبني ، وأنت تبتسم كثيراً ، هل أنت أيضاً تستغلني ..
لم يكن لدي إجابة على سؤالها غير المزيد من الابتسامات ثم خرجت منصرفاً في طريقي ..
لا أعلم إلى ماذا تجرني الأمور ، وماهو القادم ؟؟!!
أنت تقرأ
الجين الساكن
Misterio / Suspensoفتاة مصابة بطيف التوحد شهدت على جريمة قتل ذات ليلة فـيقوم رجال القانون في المحكمة بالبحث عن الاسرار والحقائق حول ما إن كانت جريمة فعلاً أم إنتحار بينما تعاني الشاهدة نوبات مرضها وتحارب خوفها من الملأ لتشهد بالحقيقة في المحكمة. نوع الرواية : قانون...