في أحد الليالي .. طلبني الرئيس الذي أوكلني بهذه القضية ، جلسنا ساعات متواصلة نتحدث ونتسامر وفي نهاية الموضوع باختصار توصلت إلى أنه يريدني كمستشار قانوني للسيد ابن الضحية .. كان يردد طوال جلستنا : يجب أن نلوثك قليلاً !!
قدم لي مشروباً لم أستطع رفضه بسبب مكانته العالية مع أني لا أستسيغه ولست من ذلك النوعية من الأشخاص ولكن قبلته لأجل استمرار عملي ولاجل المال ايضاً ..
قام المشروب بألاعيبه داخل عقلي حتى شعرت كأن مدينة ملاهي افتتحت بداخل رأسي !
وبتلك الحالة وصلت للمنزل ، وأنا أتمايل يمنة ويسرة ، لا أرى ماهو أمامي بوضوح ..
كان أبي يجلس تحت ضوء المصباح يقرأ كتاباً
نظر لحالتي فلمحت له بالموضوع نوعاً ما وأخبرته أن ما أقوم به عمل جيد يدر الكثير من المال
فقال : إذن الحصول على الكثير من المال شيء جيد ؟
أجبت : بالطبع سنتمكن من سداد ديونك
قال بأسى : إن كنت سعيدا فأنا سعيد من أجلك
وأكمل بقراءة كتابه غير مكترثاً بوجودي .. ذهبت للغرفة بعد أن تحسنت قليلاً من آثار المشروب
أمسكت هاتفي وإذ بي أتفاجئ باتصال .. صوت مألوف أعرفه جيداً
- مرحباً هل أنتِ جوانا ؟
- نعم جوانا ، هل هذه هي الإجابة الصحيحة ؟
- نعم أنها كذلك ، حان وقت الاحجية التالية
أكملت : خمسة أرقام مجموعها يساوي 15 ، إذا قمت بضربها ستتحصلين على 120
أغلقت الخط في وجهي واتصلت مرة أخرى بعد بضعة ثواني
- الجواب 12345
أجبت وفرحة تغمرني : صحيح إنك تحبين الأحاجي مثلي
لماذا لا نحدد وقتاّ معيناً في اليوم أعطيك سؤالاً وأنت عليك الإجابة ، ما رأيك في الخامسة مساء ؟
- نعم نعم
وأغلقت الخط في وجهي مرة ثانية ..- الأحد -
في المكتب .. الساعه الخامسة مساءاً
الهاتف يرن
- الاجابة : 3،4 هل هي صحيحة ؟
- نعم احسنت- الاثنين -
في المدرسة .. المتنمرين يركلون كرة القدم باتجاه جوانا
أركض خلفهم وأنا أرميهم بالكرة
- أيها الأوغاد ، اختاروا شخصاً بحجمكم !
جوانا تنظر بإعجاب- الثلاثاء -
في الشركة .. الخامسة مساءاً
الهاتف يرن
- نعم اجابتك صحيحة يا جوانا ، تهانينا
تغلق الخط في وجهي للمرة الألف ..
أتصل بها ، الهاتف يرن
- جوانا يجب أن تتأكدي إن كان الشخص الآخر قد انتهى من الحديث قبل أن تغلقي الخط
جوانا : هل انتهيت من الحديث ؟
- نعم
تغلق الخط في وجهي كما تنغلق أبواب اليأس داخل قلبي !- الأربعاء -
في طريق العودة من المدرسة ..
جوانا تمسك أذنيها بقوة وهي تصرخ
أناديها : جوانا ، انظري إلي
كنت أمسك الكلب في أحضاني وبدا سعيداً وهادئاً ومرتاحاً
إنه كائن وفي ولطيف !جلسنا في المطعم المعتاد نتناول الراميون ونتحدث
- جوانا هل رأيت كيف كان الكلب يهز ذيله ؟ ، كان يقول أنه سعيد برؤيتك مثلما كنت ألوح لك بيدي لأني سعيد برؤيتك
أمسكت أذنيها قائلة : صوت النباح عالٍ جداً ، كما لو أن طبلتي أذناي ستنفجران !- الخميس -
في المدرسة .. تأخرت جوانا .. أتصل بهاتفها فأسمع صوت رناته من مكان قريب !
وجدت ممراً مظلماً يأتي منه صوت هاتفها ..
أقترب لتتساقط مفاجآت الكون أجمع فوق راسي
- اشربي إنه لذيذ ، بسرعة
تمسكها بعنف من بدلتها وتمد قنينة ملوثة نحوها وهي تصرخ : أنا أيضاً شربت منه بسببك ، نحن أصدقاء يجب أن تشربيه أيضاً
تقربها لشفاه جوانا بعنف ووحشية وقسوة لا مثيل لها
- ابتلعيه أيها المتوحدة الغبية !نعم لقد كانت ليزا بشحمها ولحمها
لو لم أرى ذلك المشهد بعيني لما صدقت هذا !تصفعها بقوة كأنها جبروت من القسوة يمشي على الارض
- هذا غريب .. لقد احمر جانب واحد فقط ، يجب أن أطابق الجانب الآخر معه
مدت يدها للصفعة الثانية لكني أمسكتها بقوة
- أعتقدت أنك فتاة طيبة .. قلت والشرر يتطاير من عيوني
- قلت لك بأنني لست كذلك .. أجابت ليزا
ثم غادرت مسرعةكانت جوانا تحاول اللحاق بها فمنعتها
- كلا لا تذهبي معها ، ضربتك وجعلتك تأكلين أشياء !
كان كل شئ بجسدها يرتجف .. كأنها الخط ماقبل المستقيم في جهازٍ لتخطيط القلب
- أمي قالت لي أن أذهب مع ليزا
صرخت وقلبي يتحول إلى قطع وأشلاء
- هذا عندما كانت صديقتك ..
كل تعاريف الألم كانت تجتاح مشاعر جوانا في ذلك الوقت
- كلا إنها صديقتي ، ليزا صديقتي
قلت وأنا أرى إحدى قطع قلبي تهوى بين قدمي :
- جوانا ، الأشخاص الذين يتنمرون عليك ليسوا أصدقائك مطلقاً ، إنها تستغلك فقط .
منظر جوانا كان مرعباً في تلك اللحظة ، كأنها النهاية الأبدية لكل شئ في هذه الحياة
واصلت حديثي وكتل من الأحزان تنمو داخل قلبي
- إنها تتظاهر بمساعدتك لكنها تقوم بإخافتككانت جوانا في غاية الصدمة .. تمسك أذنيها بقوة شديدة .. كأن سلكاً كهربائياً أحرقها .. كانت تبكي .. ترتجف .. تئن .. لا تعلم مالذي يحدث .. لا تعلم ماذا تفعل .. كانت تنهار كما ينهار عالمها الخاص الذي تسكن فيه .. كانت ترتجف كأنها تحولت إلى صقيع .. كانت تضرب رجليها .. تضرب نفسها .. حركات غريبة يقوم بها مرضى طيف التوحد .. كانت في منتهى الانهيار ..
ثم فقدت الوعي !
أنت تقرأ
الجين الساكن
Mystery / Thrillerفتاة مصابة بطيف التوحد شهدت على جريمة قتل ذات ليلة فـيقوم رجال القانون في المحكمة بالبحث عن الاسرار والحقائق حول ما إن كانت جريمة فعلاً أم إنتحار بينما تعاني الشاهدة نوبات مرضها وتحارب خوفها من الملأ لتشهد بالحقيقة في المحكمة. نوع الرواية : قانون...