الفصل الأول

18.8K 483 24
                                    


أضواء تتلألأ ببريق خاطف لامعة كنجوم السماء الساطعة في أوج الليل المُظلم، أصوات الغناء المرتفعة تتزايد كما تتزايد خفقات قلبها الهادرة تمسكت يداها المرتعشة بأطراف ثوبها الذهبي تُخفي أرتعاشتها عن الأعين وابتسامتها المتسعة تُزين ثغرها ترتسم على شفتاها سعادتها بالحفل المُقام بينما عيناها تلمع ببريق يناقض ابتسامتها تتوهج بهما شرارات متألمة تنعكس عليهما ألم قلبها، شظايا عشقٍ تجرح أنصالها الحادة ذلك القلب الضعيف...

لحظة... لحظتان... وفي اللحظة الثالثة أغمضت عيناها تُخفي الدمع المتراقص يهدد بسقوطه وأثارة زوبعة من التعجبات اللانهائية في مُحيط عائلتها، فتحت عيناها وتجمدت ابتسامتها على ثغرها المصبوغ بحمرة قانية أبتلعت غصة بحلقها وأعادت ابتسامتها الجامدة ترتسم من جديد وظهرت أسنانها المتلألأة كفستان العروس الأبيض...

نظرت أمامها لتراه ببذلة العرس السوداء وعيناه البنية اللامعة تتوهج بفرحة وهو يحرك يداه يلوح لها وابتسامته تتسع، بجواره هبطت عروسه تتمسك بيداه فستان زفافها يتوهج بحبات اللؤلؤ البيضاء وخصلاتها معقودة تتزين بتاج تراصت به ثلاث حبات لؤلؤ كبيرات وتناثرت بجوارها شظايا الزجاج المتوهجة كأعين العروس الخضراء....

تنفست بعمق وهي ترى سعادتهما لتعاند قلبها وتفرح هي من أجلهم.. "يحيى" صديقها الوحيد وابن عمها المفضل وحبيبها الخفي فلا أحد يعلم حبها له سواها هي وقلبها... العروس "ميار" ابنه عمها الأخر تصغرها بعامان ولكنها من حصُلت على قلب وسيم عائلة الجيار العابث...
سقطت من عينها دمعة متمردة أرادت التحرر فوق وجنتيها المشتعلتين بلهيب حارق يندلع من قلبها لينعكس على وجهها، مسحتها قبل أن يلمحها أحد ولم تدرك بأن هنالك عينان لاحظت تشتتها بتعجب... أقتربت من العروسين تحتضن كلاهما وداخلها يخبرها بأن هذا حضنها الأخير ليحيى فقررت أن ترحل تترك الماضي بأشخاصه ولربما يصح القول أن قرار الرحيل هذا ما هو إلا هروب من قيود القدر القاسية لتجعلها اليوم تشهد على زفاف حبيبها وترسم على ثغرها ابتسامة جاهدت لتجعلها صادقة....

حمحمت بإرتباك تُخفي تحشرج صوتها مرددة لهم بهدوء :
- مبروك يا يحيى ، مبروك يا ميمي

ردد يحيى ممازحًا وهو يحتضن كف ميار :
- ايه يحيى دي أمال فين يويو اللي زهقتيني في عيشتي بيها!!

ابتسمت بتصنع قائلة بنبرة تحمل بين ثناياها الألم لاحظها يحيى ولم يعلق عليها فظن أنها أُرهقت من تحضيرات العرس مع ابنة عمها العروس :
- ميار بقى تدلعك ده حقها هي كفايا عليا السنين دي كلها

تحركت من أمامهم تعود للطاولة المخصصة لأفراد العائلة تبتسم بتصنع كلما تلمح أحد يهنئها بزيجة أولاد أعمامها ويدعون لها بالزوج الصالح...

جلست تُرجع خصلاتها القصيرة السوداء خلف أذنها تلامس أطرافها كتفيها وعادت لتعقد كفيها معًا أسفل ذقنها تتابع عيناها يحيى وميار وهما يتحركان بخفة يراقصها ويداه تحيط خصرها بينما أحدى يداها تطوق رقبته وتحرك أنامل يدها الأخرى فوق وجنته تلامس لحيته البنية المشذبة بعناية تبتسم لعيناه بخجل ويبتسم هو لها بعبث...

عشق في سماء الماضي "نوفيلا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن