استَيقظتُ بفائضٍ من الكلماتِ التي تَرقصُ عَبر لِساني وبرعشةٍ تجري عبرَ جسدي بسببِ الإثارةِ التي أشعرُ بها، كُلّ هذا يعودُ لكوني الآن استطيعُ التحدثَ مع جونغكوك بدلاً من تلكَ الغابة المَلموسة.جَولتُ بصري في المَكان قبلَ أن اعتدلَ من مَضجعي وقمتُ بفركِ عيني، لقد رَحل، لا تَزال بطانيتهُ و ملابسهُ الرطبة موجودةٌ هُنا، لكن لا يوجد مُلاحظة أو أي شيءٍ قد يوحي بأنّه كانَ هنا على الإطلاق.
كنتُ أحمقاً للتَفكير بأنني يُمكن أن أحصلَ على السماءِ بأكملها لي وحدي، لقد كنتُ أحمقاً للتفكير بأنني كنتُ كافياً.
لا بُدّ وانهُ لا يزالُ هُنا، لا أعرفُ كيفَ يُمكنني مواجهة الحَقيقة، كيفَ يُمكنني الوقوف دونَ دعم مخالبِ الخداع التي تَنغرزُ في ظَهري بدلاً من الأجنحة.
اتخبطُ عبرَ شقتي؛ اُلقي وأكسر الأشياء، أفقدُ شعوري في كُل مرةٍ يتحطمُ فيها شيءٌ ما.
'لا بدّ وأنّ كلامي كانَ السبب وراء رحيلهِ'، بدأتُ أخيراً في التَفكير بينما أنظرُ إلى انعكاسي في مرآةِ الحمام وأنا أحذفُ طبقاتَ من الأكاذيب وأنصافُ الحقائق وأرى نفسي كما هي عليهِ حقاً؛ عيونٌ غائرة، نظرةٌ يائسة، جلدٌ باهت وقبيح بلا أيّ قيمة.
لم أتمكنْ منَ العثور على الكلماتِ الصحيحة لأُظهرَ لهُ أنني اهتّم حقاً، لم أستطع أن أقول أنّ نظرتي الباهتة وعدمُ قدرتي على اداءِ المَهمات بشكلٍ صحيح لا علاقةَ لوجودهِ بها وانما كُل شيءٍ يعود لي، يعود لنفسي المُختلة.
لأنني لستُ إرنست همينجواي.
ابتعدتُ عن المَغسلةِ كما لو أنني كوكبٌ انحرفَ خارجَ المدار، لكنني خرجتُ من المَطبخ حيثُ كانت تَقبع روسوماتي لهُ.
استطيعُ أن اسمعَ أنفاسي بينما تنتشرُ داخلَ رئتي وتضربُ صدري كأنّه بابٌ مُغلق؛ لقد اُغلق مَرة أخرى.
استطيعُ أن أرى العَالم يميل ولوحاتي تنزلقُ من على الطاولة و هُناكَ أدواتٌ فضية تطيرُ في الهواء، لماذا لا يتوقفُ أيّ شيءٍ عن الحركة؟
فتحتُ الدرج لأرى أنّه لا يزالُ هُناكَ سكاكين فيه، توجهت نحو الطاولةِ وبدأتُ بتمزيقِ لوحاتي، اشاهدها وهي تنزف وتغادرها العَواطف والتي يجبُ عليها أن تُغادرَ عقلي أيضاً منذُ أنني قد قمتُ برسمها لأفرغهُ، لكنّها لا تزالُ هُنا؛ تَصرخ وتُطالب بالشعورِ بها.
جميعُ لوحاتِ جونغكوك دُمرت كُلياً واختفت مثلهُ تماماً، لأنني لم ولن استَطع رسمَ الواقعِ على اية حال، بغضِ النظر عن عدد المرات التي تَدق فيها الساعة 11:11 و بغض النظر عن عدد الرُموش التي سقطت على خدي.
لكنْ هذا لا يَكفي، لا استطيعُ الرؤية بوضوح ومتى كانَ بإمكاني فعل ذلكَ اساساً، امسكتُ بالسكين الحادة ودمرتُ جميعَ اللوحات التي قد قمت برسمها من قَبل.
وبينما اجلس مُحاطاً بالمذبحة التي ارتكبتها بنَفسي، فكرتُ بوضوحٍ شديد أنّه من حُسنِ الحظ أنّ الاستديو خاصتي كانَ مُغلقاً لعدةِ أيام، و عندها رسمتُ الدموع طريقها عبرَ وجنتي.
حدقتُ في القُماش المُمزق، الطلائات النازفة، والألوان المَيتة بينما ابكي لأنني لستُ بيكاسو.
أنا لستُ بيكاسو، أنا كيم تايهيونغ ولم استَطع انقاذ الشخص الذي يحتاجُ بشدةٍ إلى الخَلاص، أنا سببُ ذهابِ جونغكوك، أكرهُ نفسي.
جمعتُ اللوحات المُمزقة في أكياسِ القمامة وخرجتُ الى الشارعِ كي إلقيها في الحاوية، جفتْ الدموعُ على وجهي وأعرفُ أنّ هُناك شقوقٌ في بشرتي.
لا أحدَ يراني لكنني استطيعُ الشعور بهم وهم يحدقونَ بي، لطالما كانوا يفعلونَ ذلك، الغابةُ الملموسة أيضاً تحدق في وجهي، انّها بادرة ولا تَرحم، أنا أكرهُها.
أكرهها لأنّه حتى هذهِ اللحظة أنا لا استطيعُ الشعور بأنني أنتمي لأي شيء حتى لبَشرتي، ولا ادركُ نَفسي الا عندما أرسم.
القيتُ القِطع المُدمرة من رُوحي في الحاوية وصوتُ إرتطامها في القمامةِ الأخرى جعلَ جسدي يَرتجف قبلَ أن التفتَ وأسيرَ مُبتعداً.
كما تَرى، الأمرُ هو أنني لم أشعر ابداً بغريزةِ النجاة في داخلي؛ ليسَ عندما بكتْ امي كُلما تحدثَ الطبيبُ معها عني بنبرةٍ مُنخفضة، ليسَ عندما لم يعد صديقُ طفولتي قادراً على تَحملي وبدأ في الخُروج للشربُ والتدخين مع اصدقائهِ الآخرين.
ولا حتى عندما جلستُ في فناءِ المَنزل عندَ مُنتصف الليل بينما احدقُ في القمرِ واتساءل عما اذا كانَ الشيء الوحيد الذي بإستطاعتي فعلهُ بشكلٍ صحيح هو المَوت رُبما.
لم يسبق لي أن شعرتُ بغريزةِ النجاة ابداً حتى رأيتُ جونغكوك للمرةِ الأولى.
"الغابةُ المَلموسة" نَدهت "أينَ يُمكنك ايجادُ الشخص الذي جَعلتهِ يَختفي؟"
والأمرُ هو أنني لا زلتُ لم انقذه.
-
أنت تقرأ
Something In The Rain | TK
Fanfic"إذا كنتُ أنا بيكاسو، فأنتَ ستكون ديبوسي" -بيكاسو: رسام ونحات وفنان تشكيلي اسباني شهير. -ديبوسي: واحد من أهم وأشهر مؤلفي الموسيقى في فرنسا. شيءٌ ما تحتَ المطر؛ حيثُ يلتقيان فقط عندما تُمطر تايكوك في الأرجاء 🌈 * .. * . {قصة مُترج...