(١٢ آذار/مَارس عام ١٩٩٣ ميلاديّاً، جنوب غرب الولايّات المُتحدة الأمريكيّة 'ولايّة أريزونَا' .)
"حسناً ميعادك التالي، يا سيّد ماديسون، سيكون يوم الثلاثاء القادم في السّاعة الرابعة عصرًا. أجل.. بالطّبع الطبيبة بيتشَر منضبطة جدًا في مواعيدها. هل يمكنكِ أن تُملي عليّ رقم هاتفكَ مجددًا؟، حسناً.. هل رمز مدينة كولورادو هو'٩٢٨'؟ أشكركَ يا سيّدي."
كان صوت السكرتيرة الشابّة الرفيعْ هو وَحدْه ما يجزّ الصمت السّاري في أرجَاء العيادَة الفارّغة إلّا من حالتيّن. ثمّة رجلٌ أربعينيّ قد غزا الشيّبُ شعره يدخن سيجارةً جُولدن وِيست بالرّغم من أن السكرتيرة أخبرته مرّتين بأن التدخين في العيادَة غير مُباحْ لكن يبدو بأنها ملّت في المرة الثالثة بالفِعلْ. وعلى الجوارْ منه يجلسْ شابٌ عشرينيّ طويل القوَامْ، وشعره كستنائيّ اللّون كان يتدلى فوق جَبهته بينما كان مُنكبّاً لتصفّح مجلة 'وايرد' للمنوّعات بغلافها الأزرق الفاتِحْ.
كان ذلكّ أكثرْ من مُضجِر بالنسبة لبَارك تشانيول. لم تكن الطبيبة بيتشر مُنضبطة جدًا في مواعيدها كما قالت السكرتيرة قبل دقائقٍ عبر الهاتّف، لأن بسبب تأخُر الحالة التي تسبقه في الداخل إلا ما يُقارب الثلث سَاعة، أصبَح مضطرّاً لقراءة تلك المجلّة السخيفة التي يتصفّح ذات العَدّد منها في كل زيارة. يستمِع إلى تكّات عقارب السّاعة التي تتحرّك ببطءٍ شَديدْ ويجد مُتسع من الوقت للتفكير في هواجسه ومشاكله الخاصّة التي يتهرّب منها في الأساس عن طريق الترّدد إلى هُنا، عيادة الطبيبة بيلي بيتشرْ للأمراض النفسيّة.
كان ذلكّ اقتراحْ زوج أمّه عندما أخبره بأنه يعاني من الأرق الدائمْ ويشعر بأطنانٍ من الأفكار السلبيّة التي تُثقّل كاهليِه بمرور الأيام. لكن بعد مرور جلستيّن، أدرك تشانيول كم يكرّه عيادة الطبيبة بيتشر بطريقة لا تُساعِد. بالرّغم من أنها طبيبة ذات صيتٍ كبير في الولاية, وعيادتها تقع في موقع جغرافيّ ممتاز في قلب مدينة فينيكْس إلّا إنه يشعر بالإعياء لمجرّد رؤية ألوان الجدران والسّتائر الفاتِحْة داخل العيادة، ويشعر بالأسفْ تجاه السكرتيرة لقول ذلك لكن وجّهها لا يُذكّره إلا بالمرحلة الاكتئابيّة التي يمرّ بها في الوقت الرّاهن. كانت كل تلك المشاعر مُوترّة جِدًا، وأن الحَلّ الوحيد العملي الذي يعرضه عليه أغلب الناس -التردّد على طبيب نفسيّ- أصبح في حدّ ذاته مشكلة أخرى.
أنت تقرأ
ألباسْترُو | حُبّ عامْ 1990 (متوقفَة. )
Romanceبعد مرور خمس سنواتٍ، يقابل الشَاب الأمريكيّ، بارك تشانيول، حبّه من المدرسة الثانوية صُدفة لينتقل إلى سرداب عميق من الذكريات. وبعد أن تداعت الحدود الفاصلة بين الحقائق والأخيلة، العَقل والجنون يجد نفسه أمام معاناة حقيقيّة يحاول فيها العثور على ذاته ال...