تِسعَة|لقدْ سمعتُك تطرق بابي.

3.1K 141 352
                                    


(١٥ آذار/ مارس، ربيع عام ١٩٩١ ميلادياً.)

رسالة بريديّة من بارْك مو يون. "غير مَقروء."

«مرحباً طبيبة سا رين، كيف حالِك؟ أرجو أن تجيبي على رسالتي فور رؤيتها، لقد فقدت رقم هاتِفك المنزليّ لكنني تمخّضت عن شيء غريب فيما يخص موضوع إبني تشانيول فكان لابُدّ من بعث رسالةٍ لكِ. لقد فتشت غرفته اللّيلة الماضية عندما كان متغيّباً ولم أجد أية آثار لمواد مُخدرة أو ما شابه. كان ذلك مريحاً للبال لثوانٍ حتى وجدت بعض شرائط كاسيت مُسجّلة. لقد اشترى عشرين شريطاً فارغاً الإسبُوع الماضي، رأيت الفاتورة، سألته بهدوء لكنه قال بأنه يحتاجها لمشْروع مدرسيّ. والآن وجدت على الرّف عشرَة فقط وعندما استمعت إلى واحدٍ منهم وجدته مجرّد صوت خطوات مثلًا أو أحاديث عادية.. إكتشَفت أنه يسجّل كل أيامه في شرائط، عشرة شرائط حتى الآن لعشرة أيام ولا شيء مُهم يدور في ذلك الشريط فقط يحتوي على يومه منذ الاستيقاظ وحتى النوم، لا شيء غريب فيه. لماذا يفعل تشانيول ذلك؟ لا أستطيع أن أسأله طبعاً لأن ذلك سيجْعله يخفي كل شيء عن متناول يدي، أنا قلق للغاية. وافيني من فضلكِ برسالةٍ أخرى في أسرع وقت ممكن.»

(٢٦ من كانون الأوّل/ديسمبِر ، شتاء عام ١٩٩٠ ميلاديّاً.)

كانت القاعة مكتَظّة بعدد من المقاعد الجلديّة المرصوصَة بجوار بعضها البعض في صفّين يميناً ويسارًا. ويَشغل قرابة الخمسَة عشر شخصاً تلك المقاعد بطريقة توزيع عشوائيّة بينما كانت مَعالمهم مُظلمَة فقد سُلّط ضوءًا أبيضاً دائرياً على المسرح الخشبي الصَغير الذي رُفعت عنه الستائر الحمراء وبقت مُعلّقة مثل غُرّة الشعر على الجانبيّن.

يصدر مصباح الإضاءَة الكبير المُعلّق في السقف صوت أزيز رتيب لكن لا يبدو أن ثمّة أحدٌ منزعج من ذلك، فقد كان جميع الجالسين صامتين تماماً مع نفسْ الملامح السّاكنة والمترقبَة، يرمشُون بين الحِين والآخرْ فقط. الإختلافُ الوحيد الذي يمكن ملاحظته هنا هو وضعيّة أياديهم، فهنالكَ من كان يجلس بيديّن مرتخيتيّن إلى جواره وغَيره من يميل بخدّه في كَفّه ودواليِكْ.

يتَوسّط كيم جونغ إن المَسرح بملامح ذابلة مرتديّاً كنزتَه مخطّطة واسعة بلونها البرقوقيّ الداكن وأسفلُها بنطال من الچينز الواسع بينما تتراقص لمعات الضّوء فوق شعره الأسَود النّاعمْ، وتظهر بشرته هنا فاتحة قليلًا بسبب إتجاه ذلكّ الضوء المركّز عليه. يظل واقفاً وينظر إلى الأرض الخشبيّة من أسفلِه وكأنه يشاهد فيها شيئاً محجوباً عن بقية المتواجدين معه في تلكّ القاعة.

يرفع رأسُه أخيراً فيستعِدّ الحاضرين بالإنْسدال في مقاعِدتهم بشكل مريحٍ أكثر. تبدأ شفتيّه بالاهتزاز وسُرعان ما تتساقط دمعَة يتيمة من عينه التي تحمل بريقاً مغمومًا، يقول بنبرةٍ مهتّزة وكأنها تنبثق من قلب عاصفة: "لماذا فعلتَ ذلك فيّ يا ماثيو؟ لمَ..لماذا أكون الطرف الذي تُضحّي به كلّ مرة؟"

ألباسْترُو | حُبّ عامْ 1990 (متوقفَة. )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن