الثالث :تَجرُبَة جَديدة

99 10 33
                                    

_عزيزتي أتعنينَ حقاً ما تقولين؟ .

_أجل و لم لا؟، فطعمه فوق الممتاز، و أبي يملك المكان المناسب، فقط يحتاج لبعض التجهيزات و الإضافات.

تبادل الوالِدان نظرات تقاطعية، ختمها الأب بإيماءةٍ تدل على الرضا قبلَ أن تقاطعه الأم بنبرة صوتٍ مترددة:
_ولكن يا بيول.. .

قاطعتها بيول مخالِفةََ عادتِها، و قد تغيرت نبرة صوتها قليلاً، يرتبك دماغها قليلاً بينما ترتبُ الصحون المبعثرة من على المغسلة:
_لا يكون الإنسان في كامل رشده عند إحساسه بالصدمة، فلم تراودكما الفكرة، لا بأس .

_ها أنتِ مجدداً و كلامكِ الذي يشبه مدربي التمنية البشرية.

ابتسمت بيول ابتسامةََ واسعة، على الرغمِ من كرهها الشديد لفكرة الإبتعاد، استدارت مُسندةََ يدها على المِغسلة، تجول عيناها باحِثة عن مكان مستقر للتحديق به في الأرض التي تعكسُ جزءاََ من وجهها.

بنبرةٍ قلقةٍ و حاجبينِ معقودين نظرت الأم:
_ولكن يا بيول بشأن انتقالك ، هل عنيتِ ما قلته حقاً..

اتجهت بيول نحو والدتها بعد حلِّ يديها عنِ المغسلة، صانعةََ نصفَ دائرة و هي تمسكُ وجنتيها:
_لا بأس فأنا لن أطيل، سأعودُ بمجرد أن أطمئن أن سير عملكما الجديد قد ازدهر، ماذا؟، هل بدأت تشتاقين اليّ منذ الآن؟.

_ولكن عليكِ البحثُ أولاً عن مكانٍ قريبٍ كما اتفقنا، لا أريدُ منكِ أن تضيعي وقتك في التنقلِ من مكان لآخر، و كذلك أريدُ منكِ أن تكوني جادةََ منذ بداية العام، نريد نتائج طيبة .

بادلتها من سبقتها بالطولِ على الرغمِ من صغرِ سنها ابتسامةََ مسروقة عنوة، ثم أشاحت بوجهها تجاه الدرجِ قبلَ أن تصعدَ بخطىََ ثقُلَت موازينها كلما زادت.

.

لم يكن والدا بيول يوما من نوع الأهل المُتزمِّت لقائمةِ طلباتٍ كثيرة، أو شاكٍ من أي حال، ليسَ الأمر كذلك. ولكنهما من النوعِ الذي يحبُ عقدَ الآمال، و بيول من نوع الأبناء الذي لا يحبُ أن يخيبَ آمال أحد، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمقربين منها. يعقدُ والدها آماله عليها كثيراً، و تميلُ الأم لأن يخيبَ ظنها أسرع من أبيها في حالِ فشلها، بينما يرمقها الأب بنظرةٍ تكسرُ قلب بيول لفترةََ لا نستطيعُ القولَ بأنها قصيرة، ويمكننا القولُ بأن والديها قد وضَعا حِملاً على عاتقها من دونِ علمهما.

فدائماً ما كانت تبذلُ قصارى جهدها في كل شيء تفعله، سواءََ كانَ في الدراسة أو في تدربها على هواياتها و التي من المفترضِ أن تكونَ مخبأها الوحيد من جهدِ الحياة.
اعتبرَت نفسها وحيدة منذُ سفر أخاها، فهوَ لا يلعب دوراً كبيراً في حياتها على الرغم من اشتياقها الشديد له.

اتجهت بيول للمغسلة ضاغِطةََ الماءَ على الوضعِ البارد، جَامِعةََ إياه بينَ كفيها، و هيَ تنظر لإنعكاسِ من ابتلّت خصلاتها الأمامية "يُمكنني فعلها، يمكنني ذلك".




مقطوعة سُونشيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن