4- الصدمة الكبرى
جلست لاين على الاريكة وراحت تنتظر عودة دانيال ، قال إنه سيغيب لمدة ساعتين ، لكن غيابه تجاوز الثلاث ساعات . بدات لاين تفكر أنه ربما قرر أن مشاركتها الشقة لا تستحق أي عناء ، وأنه يحاول ايجاد مسكن بديل في مكان ما .
سماع صوت مفتاحه يدور في الباب سحبها من أفكارها . اتكأت إلى الوراء على الوسائد ، محاولة أن تبدو مرتاحة وواثقة من نفسها ، لكنها أدركت أنها تمسك بكوبها بشدة وكأنه حبل نجاة حياتها .
- مرحبا !
أجبرت نفسها على الابتسام ما إن دخل دانيال الغرفة ، وكأنها معتادة على عودته من المكتب لتناول العشاء . هذا ما كان سيحدث بالطبع ، لو أن زواجهما أصبح حقيقة.
توقف للحظة لينظر إليها بإمعان ، كانه يدرسها ، رفع حاجبيه بسخرية ، وتابع : (( توقعت أن أعود لأجدك بنيت متراسا لحمايتك أثناء غيابي .))
رفعت كتفيها متظاهرة بالمرح : (( المفروشات ثقيلة جدا لأتمكن من تحريكها )).
توقفت قليلا عن الكلام ، ثم تابعت وهي تهز رأسها باستغراب : (( كما أنني تحدثت مع جيمي ، وعرفت ما الذي حدث . لا يمكن ان أصدق أنه أحمق لهذه الدرجة .))
- أليست تلك سذاجة منك ، نظرا لماضيه الحافل بالإحداث ؟
رمى دانيال سترته التي كان يحملها على ظهر أحد المقاعد ، وحل ربطة عنقه ، وارتمى على الأريكة المواجهة لها ، وللحظة شعرت لاين بأنفاسها عالقة في حلقها .منتديات ليلاس
استجمعت شتات نفسها بسرعة ، وقالت : (( حسنا ! ربما ، لكنني اعتقدت أنه نضج وتخلى عن الجموح والتصرف بلا مبالاة ، وأنه بدأ يعتمد على نفسه فعلا )).
رفع دانيال كتفيه وقال : (( من يعلم ؟ ربما ..... الأمر ليس مجرد لا مبالاة كما قلت ، بل جرعة اضافية من الاضطراب الغريب الذي يميز عائلة سنكلير ، والتي تصعب إزالته حتى بالجراحة.))
حدقت به لاين مشدوهة وسألته : (( ما الذي تتحدث عنه ؟ أي اضطراب تعني ؟ ))
- تلك النزوة المبالغ فيها من التعجرف والزهو بالنفس التي تتملك المرء لدرجة الذهاب للبحث عن الخطر . سيمون كان مصابا بها أيضا ، أتذكرين ؟ ))
أجابت لاين بعصبية : ((لا أتذكر شيئا من هذا القبيل .))
- أحقا إذا ما الذي أخذه إلى ذلك الجبل اللعين مرة بعد أخرى ، في كل مرة كان يندفع إلى الذهاب بسرعة أكبر وغلى منطقة اكثر ارتفاعا
تابع بنبرة صوت قاسية ( وما الذي تملكه ليذهب في تلك الرحلة الأخيرة ، حيث حاول كل شخص يعرفه أن يتحدث غليه لإقناعه بعدم الذهاب .))
قالت بصوت منخفض : (( لا أعلم . لم أكن أعرف ذلك مطلقا )).
التقت نظراتها بنظرات عينيه بلمحة سريعة ، ثم سألها : (( كيف أصبح كاحلك ؟))
- أفضل . وجدت بعض الضمادات في خزانة غرفة الحمام ، وربطته بإحكام من جديد . هكذا أصبحت جاهزة في البحث عن عمل بدءا من الغد .
قال دانيال بصوت ناعم : (( يسعدني سماع ذلك ، و..... يبدو لي أنك شغلت وقتك بطريقة ما أيضا )).
ثم نظر نحو المطبخ وتابع : (( هناك رائحة طعام شهي )).
- رتبت غرفة جيمي لأجلي لذلك حضرت لك العشاء ، حضرت المعكرونة بالدجاج ، أرجو أن تحبه ؟
قال دانيال بصوت لا يحمل أي أثر للأسف : (( شكرا لك . لكن للأسف لن نعرف ذلك مطلقا . سأسهر في الخارج الليلة ، أتيت فقط لأبدل ثيابي )).
على الرغم من شعورها بالضيق ، أبقت صوتها هادئا وهي تساله : (( أهو موعد حميم ؟))
- ماذا تعتقدين إذا ؟
- وهل علاقتكما جدية ؟
حدق بها بثبات وسألها : (( لست أرى حقا أي علاقة لك بالموضوع )).منتديات ليلاس
وأضاف بنبرة باردة كالثلج : ((......... وإذا كنت قد نسيت ، أذكرك بأنك فقدت أي حق بالتدخل في حياتي الخاصة منذ سنتين .))
ترك لها الوقت الكافي لتستوعب تماما ما قاله ، ثم تابع : (( سنعمل على الحصول على وضع حدود واضحة ، إن كنت أرغب في تناول الطعام هنا سأعلمك بالأمر . كل منا سوف يطبخ لنفسه ، ولن يكون هناك أي أثر للجو العائلي المتسم بالحميمية أمام الفرن ، أهذا مفهوم ؟))
قالت بضيق وهي تشعر بالحرارة تجتاحها : (( بالطبع ! مع انني ما كنت لأستخدم عبارة ( أجواء عائلية تتسم بالحميمية ) كما أنني سأدفع لك ثمن الطعام الذي استعملته هذا المساء )).
أجاب باستياء : (( لا تكوني سخيفة . لن أضن عليك بوجبة طعام ، لك لا تجعلي من الأمر عادة )).
ظهر الضيق على وجهه وهو يتابع : (( هذا وضع لم يرغب فيه أحد منا يا لاين ، لكنه الواقع . وعلينا التعامل معه بافضل طريقة ممكنة . يمكننا القيام بذلك إن عمل كل منا بطريقته الخاصة وعاش حياته كما يرغب )).
انتظر دانيال حتى أومات برأسها ببطء شديد ، وقف لحظة ينظر إليها . بدت عيناه بلون البندق ، وقد ظهرت فيها ملامح القسوة . قال بصوت ناعم ، لكن لا أثر للطف فيه : (( من فضلك لا تزعجي نفسك بانتظاري الليلة ولا في أية ليلة أخرى )) .
ثم سار متجها إلى غرفته وأغلق الباب خلفه ، تاركا إياها تحدفق في الفراغ .
