الفصل الثامن ما قبل الأخير :
نظرت له جوليا للحظات بصمت، ثم أشاحت بوجهها للأمام..تنظر بشرود، ثم أجابته.
- تصدق أن أنا مش خايفة!..أنا طول حياتي يعتبر عايشة لوحدي، مكنش عندي غير بابا و ماما..و هما مشغولين بحياتهم عني!
تعرف أن أنا في الظروف دي، حسيت أن في حد يهتم لأمري..هنا رغم المسافات، قدرت تحسسني انها جنبي و معايا بجد، و ده فرحني.ختمت حديثها بهزة خفيفة من كتفها..ليصمت عمر للحظات، ثم يسألها مجدداً.
- ما بعرف..جوايا احساس انك، عندك سبب تاني غير مساعدة صديقتك، لك أنتِ رميتي حالك وسط النار!
صمتت جوليا ،و امتعض وجهها..شردت في الماضي للحظات..و حين طال صمتها، ظن عمر انها امتنعت عن الإجابة..لكنها فجأته بعد لحظات عندما أردفت بصوت مخنوق.
- عندك حق..أنا كان عندي دافع تاني، غير مساعدة هنا، أنا كنت بدور عليه..مع أن كل حاجة بتقول انه راح للأبد، بس كنت لازم أتأكد.توقف عمر،و نظر لوجهها الذي أغرقته العبرات..رفع أنامله يمحيهم برقة، ثم جلس على الرمل و جذبها لتجلس بجانبه.
جلست جوليا بجانب عمر، و يداها بين كفاه..مالت برأسها حتى استراحت بها على كتفه.
لف عمر ذراعه حول خصرها، يدعم جسدها المرتعش..بعد لحظات صمت أضافت جوليا بألم.
- كنت بدور على أخويا..يوسف كان عنده صديق،و هو جره لحد ما دخله في شباك العصابة دي..جو عمره ما كان كدة، في حاجة غلط بجد..أخويا كان طموح، كان بيدرس الطب..ازاي يختفي فجأة كدة..و أخر شخص حد شافه معاه، هو الشاب ده صديقه..لازم ألاقي جو لاني تايهة من غيره.
شدد عمر من ضمه لها، و هي تشبثت به أكثر..ثم لثم رأسها برقة، و يردف بحزم.
- بوعدك يا جوليا..أن ألاقيلك يوسف، بس بدي تبقي قوية حتى ننتهي من هالقصة تماماً،اتفقنا؟
أومأت جوليا بخفة، و هي تشعر بالأمان بين ذراعيه..و خفقات قلبها تضطرب بفضل قربه، الذي احتوى ألمها و حزنها.
بعد قليل ابتعد عمر عن جوليا بقلق، ما أن انطلق من هاتفه نغمة غريبة.. إلتقط هاتفه، تحت أنظارها..نظر للهاتف بقلق، ثم أردف بصدمة.
- مش معقول!
نظرت له جوليا بتسأل، و قبل أن تنطق بسؤالها..وجدت عمر يتأوه بقوة، ثم سقط أرضاً فاقد الوعي، و قبل أن تستوعب ما يحدث..كانت ترفع من الأرض..و تتلقى ضربة مماثلة على رأسها، و لكن حملها أحد الرجال..ما أن فقدت الوعي..وضعها داخل سيارته، ثم رحل سريعاً تاركاً خلفه عمر فاقد الوعي.
*****
كان يجلس خلف مكتبه، و يقبض على هاتفه..يحاول الإتصال بعمر منذ فترة، لكن بدون فائدة فهو لا يجيب!
سمع هاتف المكتب يصدح، فأجاب سريعاً..فوجدها هنا تخبره بحضور وليد بالخارج، يود مقابلته..فأخبرها يزيد أن تجعله ينتظر قليلاً بعد لأنه مشغول حالياً.
ما أن أغلق الهاتف..حتى إلتقط هاتفه مرة أخرى، و أجرى مكالمة مهمة.
- ألو..عاوز منك خدمة ضروري، هتقدر تساعدني؟..تمام هعتمد عليك يا حازم.
بقى يزيد يتحدث مع حازم صديقه، و يسرد عليه كل ما حدث..حازم هو شاب مصري، لكن والدته ألمانيا،و يحتل هناك بألمانيا منصب مرموق..بعد عدة دقائق أنهى المكالمة مع حازم، على وعد من الاخير بالمساعدة.
*****
تجلس خلف مكتبها، تعمل على الحاسوب أمامها..فإذا بها تشعر بظل شخص قريب منها، و ما أن إلتفتت لترى من يكون؟
حتى تفاجأت بوجود وليد، الذي كان ينظر لها بخبث..تراجعت هنا للخلف بمقعدها المتحرك..فإذا به يقترب أكثر منها، حتى أصبح قرب غير مريح..رأته يستنشق رائحتها بعمق، ثم أغمض عيناه بإبتسامة منتصرة..ثم أبتعد قليلاً، و قد فتح عيناه ينظر لها بإستهزاء، ثم أردف ببطء.
- لما تحبي تتخفي، ابقي على الأقل تغيري نوع البرفان..أنتِ عارفة، من زمان و أنا بعشق ريحته!