الفصل الخامس :
في برلين عاصمة ألمانيا...
كانت تسير بتوجس و هي تنظر حولها بقلق، لقد ملت من الجلوس بنفس المكان لأيام...فقررت أن تخاطر و تخرج لعلها تجد مخرج لتلك المشكلة الواقعة بها...تقوم بتعديل القلنسوة التى ترتديها حتى تخفي معالم وجهها تماماً، استمرت بالسير قليلاً متوجهة نحو مطعم و بار فخم يطل على ضفة النهر...كانت الشمس على وشك الغروب تلقي بإشعتها الحمراء على النهر، و الأجواء الدافئة الجميلة أمام المطعم ساعدتها أن تسترخي تدريجيًا، لتندمج مع الأجواء من حولها...حيث موسيقى الجاز الجذابة، و بعض الأزواج يرقصن معاً بتناغم و انسجام أثار فضولها للجلوس و متابعة المشهد أمامها...و لتلقي بكل ما يحدث خلف ظهرها...مؤقتاً و الأن لتستمتع.رفعت عن رأسها تلك القلنسوة، و تركت خصلات شعرها السوداء الطويلة تتلاعب بها النسمات الباردة...لتشعر بالهواء يتغلغل لمسامتها، تتقدم نحو الثنائيات الراقصة...تتابعهم عن قرب و هي تميل مع الموسيقى بنعومة و اندماج تام.
بعد لحظات تقدم نحوها شخص ما، يبدو عليه التوتر لحد ما...لينظر لها بإبتسامة لطيفة، قبل أن ينحني للأمام بتحية لطيفة، ثم يلتقط كفها.
- Hallo du hubsche( مرحباً يا جميلة)
-Willkommen( آهلا بك)
قالتها بريبة، و هي تنظر له بإبتسامة متسلية.
- Willst du mit mir leben?( هل تودين ان ترقصي معي؟ )
تتسع ابتسامتها و هي تومأ برأسها بهزة متحمسة، و هي تصيح.
- Ja Sicherlich( نعم بالتأكيد)
جذب ذلك الشاب يدها و انضما سوياً للأخرين في رقصة الفالس الشهيرة...كانت تتأمل ما حولها بإستمتاع غير عابئة بذلك الشعور بداخلها الذي ينبأها أن تتوخى الحذر و تنسحب من هنا بهدوء..لكنها اسكتت ذلك الصوت المحذر بداخل رأسها، لتندمج مع الأجواء الربيعية الجذابة.لحظات و تبدلت الموسيقى لأخرى أسرع، لينظر لها ذلك الشاب بتسأول لوهلة..قبل أن تفلت يده متمايلة ببراعة على النغمات، ليجاريها الشاب بحركات مشابهة متقنة...لتتوقف هي عن الرقص فجأة و قد شعرت بشئ ما خاطئ حولها...تنظر حولها تتفحص كل ما تطاله عيناها، تمشط المكان من أعلى لأسفل بتوجس...لترى نقطة ضوء حمراء، على كتف ذلك الرجل بجانبها...لتضيق عيناها قليلاً بتفكير قبل أن تتسع بإدراك، و هي تترك شريكها و تركض نحو ذلك الرجل...لتقوم بدفعه عن مرمى ضوء بندقية القناص الذي بالتأكيد يحاول الوصول لها هي!
تنظر للأعلى حولها دون جدوى...أثناء ذلك كان الجميع ينظر لها بضيق غير مستوعبين لما قامت بدفع الرجل؟...لتفكر أن أسلم حل أن تركض و تحاول الإختباء حتي لا يتأذي أحداً بسببها.
لتنسحب ببطء من بين الحشد المتوتر من افساد احتفالهم الصغير...و حين تمكنت من الإبتعاد نسبيًا عن الجميع، قامت بوضع القلنسوة مرة أخرى لتخفى وجهها...ثم ركضت و ركضت تدخل من شوارع جانبية لأخرى، حتى شعرت أن يكفي هذا و قد تأكدت أن لا أحد يتبعها...لتبطئ خطواتها، و تذهب في طريقها لتلك الغرفة المتواضعة بذلك الفندق الصغير الذي قامت بحجزها للإقامة بها بهواية مزيفة...كي لا يصل لها أي أحد، لكن يبدو أن كل احتياطها لم تجدي...و قد تمكن هؤلاء الأوغاد من تتبعها!
و عندما كانت على وشك الدلوف لذلك الفندق، فإذا بذراعين تشبثا بها كالمخالب، ليستقر أحدهما على خصرها و الأخر فوق فمها يكمم صوت تلك الشهقة المرتعبة المنفلتة منها...ليجذبها لشارع جانبي خلف الفندق، ثم يحاصرها أمام الحائط بجسده و يتبادلان النظرات المتحدية!