الفصل الأول

11.8K 225 8
                                    

الفصل الأول

في أحد الشوارع المخصصة لمحلات الملابس كانت تسير بتثاقل بجسدها الصغير خلف صديقتها وقد بدأت تتعب من حرارة الشمس اللاسعة، خاصة وأنهما يسيران منذ أكثر من ثلاث ساعات لذلك لوت شفتيها الرفيعة بحنق وتعب وهي تزيح بعض الخصلات عن وجهها:

-توبة!... لقد تعبت وتكسرت قدماي نحن نلف المحلات منذ ساعات ..لما لا نشتري الفستان الأزرق الذي رأيناه منذ البداية؟

ألتفت لها توبة بشعرها الغجري خلفها، فصديقتها دائما ما تلوي خصلاتها بتسريحة "الكيرلي" فهي من عشاق الغجر، فكانت دائما ما تقلدهم، سواء بكحل عميق حول عيناها أو أقراط من الفضة مطعمة بفصوص ملونة تتدلى من أذنيها، لتعطيها مع شعرها الغزير شكل غجري فاتن ، ولكن مع كل هذا السحر حولها كانت ومازالت مشكلة صديقتها الأبدية هي ...حجم جسدها.

ضمت توبة كفيها معا:

-أرجوكِ ياقوت هذا آخر محل أعدك وأن لم أجد فيه ما يعجبني سنذهب لشراء الفستان الأزرق ..حسنا؟

زفرت ياقوت بتعب أكثر منه حنق وهي ترفع يديها

مستسلمة:

-أمري لله.

ثم رفعت أصبعها محذرة:

-هذا آخر محل فأنا متأخرة بالفعل على عمي حكيم وصفوان.

سرعان ما انتهزت توبة الفرصة وهي تشدها لداخل المحل بينما ياقوت تبرطم بخوفها من التأخر على عمها صفوان.

بمجرد دخولهما اسرعت توبة فأخذت عدة فساتين تكاد ياقوت تقسم أنها لم ترى ماذا تأخذ أساسا، ثم اسرعت لغرفة القياس كفأر مذعور.

نظرت ياقوت بشك نحو ظهر صديقتها المبتعد، فتوبة أبدا ..أبدا لم تكن من المهتمين بالملابس ولكن فجأة واليوم بالذات الذي هو يوم عيد ميلادها ايقظتها مبكرا لينزلا ليشتريا فستان لفرح أحد معارفها، ثم كان سلوكها أكثر أثارة للشك وهي تُخرج أي عيب في كل فستان ..فهذا بكتف واحدة وهي تريده بكتفين ..وهذا لونه مثل لون فستان عندها ..وهذا سعره رخيص فبالتأكيد سيكون رديء الصناعة، وبالتأكيد الحجة الأساسية كانت .."هذا يظهرني سمينة".

زفرت ياقوت مرة أخرى وهي تنظر للساعة بخوف، فمن المفترض أن تخرج مع عميها حكيم وصفوان اليوم للاحتفال بعيد ميلادها مثل كل عام في أحدى المطاعم، ولكنها تأخرت عليهما كثيرا وهذا شيء لا يغفره عمها صفوان أبدا:

-أوووف ربنا يستر .

.........

لأجل الياقوتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن