تأخرت دروس دايفد في الركوب الى مابعد انتهاء تجميع الماشية.
وقررت نيكول ان تتنظر ذلك الوقت كذلك لتنعش مهارتها في الركوب،.
صباح اليوم الموعود استيقظ دايفد عندما كانت الشمس ماتزال صفراء
ولزم نيكول ان تستخدم
كل ابداعاتها وصبرها كي تبقيه مشغولا في المنزل الى حين الساعة
المحددة للقاء مارك في الأسطبل.
اقنع دايفد غلينا للمجيء لمراقبته....
وهاهي الأن تقفز وراء نيكول
ببطء لتتماشى مع سير نيكول البطيء.
عندما وصلوا سارع دايفيد للدخول
متجها ال الجياد المربوطة خارج
حظائرها وسأل مارك بأثارة:
-ايهما لي؟
-الكستنائي الي اليسار.
-ماأسمه؟
-جو.
-جو!اسم غير جيد سأسميه البرق.
تأملت نيكول الجوادين بصمت،
فالكستنائي الذي اشار اليه
اليه مارك كان يشبه الأحمر
القريب منه.
كانت تظن ان مطية دايفد ستكون
من النوع البوني الصغير
فظهرت تقطيبة قلق على جبينها
وهي تنظر الى مارك.
-دايفيد صغير جدا على ركوب حصان كبير كهذا؟
-البوني الصغير قد يكون له قوة الحصان الكبيرنفسها. وليس عندنا جواد افضل من جو، بأمكانك تفجير اصبع ديناميت امامه دون ان يتحرك.
فقال دايفد:
-اسمه البرق ...هل استطيع ركوبه الآن؟
قال مارك بلهجة الآمر:
-استدر من الناحية الأخرى وفك رباطه ثم آنتبه الى هنا... وتأكد ان تسير الى جانبه كي يراك.
انطلق دايفد بسرعة لينفذ ماقاله له
لكن نيكول تحركت محاولة اللحاق به لأرشاده...
فأطبقت يد مارك الفولاذية على يدها:
-اتركيه..لايمكنك فعل شيء عوضا عنه.
-لكنه صغير.
اشاحت يوجهها عن بريق عينيه الخضراوين واحمرار شعره الذهبي...
وتمنت لوكان دوغلاس هنا ليطمئنها بدلا من مارك الذي اجابها ساخرا:
-اذا كنت ستصابين بالهستريا...فعودي الى المنزل.
قررت نيكول الاتتفوه بكلمة اخرى لئلا تعاني من سخرية مارك
وهو يحمل دايفد الى السرج على ظهر الحصان العريض.
كانت كل اوامر مارك التي اطلقها في الدرس الاول بلهجة صارمة لاتقبل المزاح.
وقد حاولت نيكول اكثر من مرة
تبسيط بعض اوامره الى دايفد
لكنها كانت تلوذبالصمت،بعد ان
تكتشف ان دايفد فهم مايقوله مارك تماما،
وما ان انتهى الدرس الذي اعتبره دايفد قصيرا حتى اشار الى نيكول
لتمتطي حصانها.
بعد ان دارت بالحصان الأحمر عدة مرات بدأت تتذكر معظم
براعتها التي نسيتها.
لكن امام عيني مارك الناقدتين الهازئتين احست بأنها اقل خبرة
خاصة وانه لم ينظر اليها باستحسان الامرة واحدة.
غلينا التي كانت صامته بشكل مؤلم طوال وقت جلوسها فوق الحاجز
تراقب دايفد ونيكول اطلقت اخيرا تعليقا:
-يجب ان تبقي نيكول كعبيها الى الأسفل ابي.
لاحظت نيكول النظرة السريعة التي اطلقها مارك نحو ابنته،
ثم طلب من نيكول ان تنفذ ملاحظتها...
فخطرت لنيكول فكرتان متوازيتان:
احداهما ان غلينا لاتكره الركوب كما قالت،والثانية
ان مارك لم يكن غير مكترث بأبنته كما يبدو.
بعد انتهاء الدروس واطلاق الجياد
الى المرعى...
عاد الأربعة الى المنزل..بينما
كان دايفد يتحدث الى غلينا عما
احس به فوق السرج التفتت
نيكو للتشكر مارك على الدروس،
التي تعلم انها اولى دروس عديدة...
لكنها بطريقة ما لمحت اليه بأنطباع
خاطيء فتلقت نظرة ساخرة:
-اتحاولين القول انك مقدرة لي جهدي لكنك تفضلين محبة دوغلاس؟
فاتسعت عيناها باحتجاج سريع:
-لا!...!كل مااقوله انني اقدر محافظتك على وعدك بتعليم دايفد الركوب.
-هل كنت تعتقدين اني لن افعل؟
-لا..بل اعتقدت انك ستفعل...
فقاطعها بابتسامة لاحرج فيها:
-لكنك ظننت اني سأكلف شخصا اخر بهذا؟
-اذا كنت تحاول ان تقول انني كنت اتوقع قضاء بعض الوقت مع دوغلاس...فأنت مخطيء كل الخطأ.
كان صوتها يرتجف غضبا
فأجابها بكل برود:
-لم اقل هذا...بل انت من تقولينه!
-لكنك كنت تفكر فيه.
ثم امسكها مارك بحركة سريعة ممسكا خصرها ومديرا جسدها اليه ،
ثم امسك وجهها بقبضته الثابته..
فتسارعت نبضات قلبها وهي تنظر الى عينيه التين ركزتا اهتمامها
على شفتيهاوسألها بنعومة:
-اتعلمين بماذا افكر الآن؟
احست بساقها فجأة تتحول الى مطاط
فلامست يداها خصره لتدعم نفسها في الوقوف، فكان ان انتقل الى جسدها تيار
عنيف من اهتزازات كادت ترميها
ارضا.فهمست لدى شعورها بهبوط
رأسه عليها ببطء:
-الولدان.
لكن يده كانت قد رحلت عن ذراعها الى بشرة كتفها
الناعمة فاذا بالأذعان يغطي على ارادتها.
وهي تحس بأنفاسه الحارة التي نتجت
عن ضحكته الصامته للحظة واحدة قبل ان تصبح بين ذراعيه
فارتجفت رجفة واحدة قبل ان تذوب تحت ضغطهما.
قبل ان يبدأ العناق الفعلي بلمحة بصر،ابتعد عنها...
فتمايلت نحوه،بينما هبطت يده على كتفها الى ظهرها ليوقفهاهناك.
فتصاعدت منها آهة الخيبة من حركته هذه...الن يتوقف جسدها
عن خيانة كبريائها ابدا؟...
كم تكرهه!...
رفعت نظرها ببطء اليه فوجدته لاينظر اليها...ثم سأل بهدوء:
-مالأمر دايفد؟
التفتت بسرعة مذعورة الى الصبي
الواقف امامهما وكانت يد مارك ماتزال تمسك بها...
فطالعتها تقطيبة تفكير كانت مرتسمة
على جبهة دايفد وهو يحدق في مارك
ثم يسأله وقد كشر عن وجهه بازدراء:
-اتحب العناق الى هذه الدرجة؟
فأجابه مارك بلهجة مرحة:
-انه كالسبانخ...ستحبه عندما تكبر.
فهز دايفد راسه وكأنما لم يعد للموضوع اهمية:
-اوه..تعالي ناني..قلت انك ستقدمين لنا بعض البسكويت والحليب.
فتمتمت نيكول تتحر متسللة من يد مارك:
-انا قادمة.
لحقت بدايفد مطأطأة الخطوات تحس بخطوات مارك الرشيقة وراءها.
استمرت دروس الخيل اسبوعا اخر،كانت تبدا في ساعات البرودة في الصباح تحت اشراف مارك...كان حصان دايفد كستنائي القوي مطيع كالبرق لكنه كان مطيعا وحذرافعندما كان يشعر بالخطأ يرتكبه دايفد كان يخفف سرعته حتى يستعيد الصغير توازنه.
اما جهودها هي فكانت اكثر نجاحا ووجدت نفسها تحت مارك تتعلم المزيد عن الجياد وركوبها تظهر تألق الرضا على ماتنجزه،في وجهها،دون ان تتلقى انتقادا واحدا من مارك.
قال لها مارك وهي تترجل:
-سنخرج بعد الغداء لنرى ماتعلمناه في الحقول المفتوحة.
نظرت اليه نظرة سرور مكبوتة،تود ان تعبر على فرحهها لكنها علمت انه سيقابل هذا التعبير بسخرية فاكتفت بان هزت راسها موافقة بصمت ثم ابتعدت لتريح جوادها الأحمر مبقية احساس الأنتصار مدفونا في نفسها.
بعد تنظيف اطباق الغداء ووضع دايفد في باص المدرسة لتتلقي دروس بعد الظهر .توقفت نيكول في طريقها الى الحظيرة تحت شجرة السنديان تتأمل المراعي الواسعة الممتدة امامها فتصورت نفسها تجري بحصانها الأحمر عبر الحقول...والهواء يتلاعب بشعرها...
انها صورة رائعة ستتحقق عما قريب.
حثت الخطى في الممر بين الأشجار تقطع ماتبقى من الطريق الذي تملأه اشعة الشمس الساطعة نحو الحظيرة.فجأة توقفت في منتصف الطريق مذهولة وقد جف الدم من وجهها..لأنها شاهدت حصانها الأحمر خارج السياج وحصان مارك الكستنائي قربه.
لكن ماكانت نيكول تحدق فيه بذهول كان الحصان الأرقط الرافع عنقه على بعد اقدام من مارك..
عندها اختفت سعادتها بسرعة البرق.اذ كانت فوق الحصان المرقط جانيت تجلس منفرجة الساقين تبدو خبيرة انيقة بالتنورة البنية الخاصة يالركوب وبالقميص الأبيض والقبعة العريضة التي لها الألوان نفسهاوالتي تخفي خصلات شعرها الطويل المربوط خلف عنقها.كانت تبدو في عيني جانيت الرضى وهي تتامل الخيبة على وجه نيكول.
-نحن هنا نيكول..انا ومارك في انتظارك.
اجفلتها طريقة جمع تلك الفتاة بين اسمها واسم مارك،فارتفع ذقنها بكبرياء مجبرة قدميها على حملها نحوهما لترد ببرود.
-لم اكن اعلم انك هنا آنسة والترز والا لجئت مبكرة.
تلك الملاحظة اطلقت ضحكة مرنمة من حمراء الشعر زادت نيكول غضبا.
فنظرت الى عيني مارك المراقبتين بكسل.
فذكرها اللمعان الساخر في تلك العينين بماحدث لها معه بعد زيارة جانيت الى المنزل يوم اضطرت للقبول بمجيء جانيت متى شاءت لتتخلص من ازعاجه لها....
فاحمرت بغضب صامت....وسمعت جانيت تقول:
-ابي كان يراقب بعض القطعان في مكان ليس ببعيد من هنا فقررت ان اخرج معه لأزوركم.
وعندما قال لي مارك انك ستخرجين للمرة الأولى للركوب في الحقول دعوت نفسي للمجيء معكما لعلك لاتمانعين؟!
فردت نيكول متصلبة:
-طبعا لا.
فأضافت جانيت بلهجة متعالية:
- اعرف شعور المتعلم الجديد..فأنا ومارك ولدنا تقريبا على صهوة جواد.
سرت البرودة في اطراف اعصاب نيكول..فقدراتها على الركوب لاتماثل قدراتهما...لذا احست بثقتها تتبخر...وبمعدتها تتقلص كأنها على وشك التقيؤ وشعرت بأنها نسيت كل ماعلمها اياه.
ارادت ان تهرب قبل ان تذل امام براعتهما وخبرتهما وتصبح عرضة للسخرية.
فك مارك رباط جواديهما متقدما نحو نيكول ليعطيها زمام الأحمر.فمرت بها نظرته الجامدة بسخرية ثم وقف امامها ليحجب منظر يديها المرتجفتين عن جانيت لكنه لاحظ هذا الأرتجاف فقال بهدوء:
-لقد نسيت قبعتك.
-ماكنت بحاجة اليها اما الآن فلابد من وضعها تحت شمس المراعي الحارقة.
امسكت بالزمام بيد ثابته وهي تتصور نفسها ترتدي تلك القبعة السخيفة ذات الزهور..فاشاحت بوجهها:
-لست بحاجة اليها.
وضعت يدها على مقدمة السرج استعددا للركوب .لكن اصابع مارك حفرت في ذراعها من فوق قميصها.
-قلت لك اذهبي الى المنزل واحضري قبعتك.
قفزت شرارات مسمومة من عينيها اللوزيتين وهي تجابه نظرته ثم انتقلت نظرتها الى جانيت التي كانت تلااقب بصمت معركة الأرادة بينهما...دون اي كلمة انتزعت نيكول ذراعها من قبضته بغضب ورمت اللجام اليه ثم عادت ادراجها الى المنزل والغضب والسخط باديان في كل حركة منها.
كم سينتظران عودتها ياترى ؟انها لن تشاركهما الركوب خاصة وهي ترتدي تلك القبعة السخيفة على راسها.
صفقت الباب الأمامي خلفها بغضب جارف.
ولم تخفف سرعة خطواتها حتى وصلت الى المطبخ،فوقفت قرب الطاولة تحس بحاجتها الى ان تنفس عن غضبها.
ثم اخرجت دلوا وفرشاة من خزانة المغسلة ووضعت الدلو تحت صنبور المياه ثم وضعت كمية كبيرة من مسحوق التنظيف فوقه وتركته يمتليء بالماء الساخن ..
بعد لحظات كانت تجثو على يديها وركبتيها فوق الأرض تنظفها بوحشية بحركات عنيفة...كانت قد انهت نصف ارضية المطبخ عندما سمعت الباب الأمامي يفتح وصوت مارك الآمر يستدعيها،فتجهم وجهها لكنها لم ترد.
كما انها لم ترفع راسها عندما توقفت خطواته بباب المطبخ ليقول لها بهدوء ينذر بالشر:
-اما طلبت منك ان تحضري قبعتك؟
غطت الفرشاة بالماء والصابون وهي ترد باختصار:
-انا مشغولة.
-بل انت خارجة معنا لركوب الخيل.
كان كل كلمة تفوه بها يركز عليها بقسوة..فأجابته ساخرة:
-ستجد النزهة انت وجانيت اكثر ارضاء لكما وحدكما انا واثقة من هذا!
وقفت على قدميها تضع دلو الماء على الطاولة،ثم تهم بزحزحة الكراسي من مكانها وهي تحس بالنظرة الفولاذية التي كانت تلاحق تحركها فقال مارك:
-هل ستعودين الى هذا مرة اخرى؟
عندما لم ترد سألها:
-هل ستأتين بقبعتك ام آتيك بها؟
فهزت كتفيها بعدم اكتراث.
-اذهب وىت بها اذا اردت...لكنني لن اخرج.
-بسبب وجود جانيت؟
ضربت قدمها في الأرض بثورة غضب ثم نظرت اليه تواجهه وهي ترتجف.
-لن ادع تلك المرأة تهزأبي!ولست اهتم بما قد تفعله بي..لكنني لن ارتدي تلك القبعة السخيفة!
امال رأسه الى جانبه متسائلا:
-سخيفة!
-اجل سخيفة!انت تعرف ان القبعة الوحيدة التي املكها هي قبعة القش ذات الزهور!
دوى ضحكه عاليا فقالت بصوت يرتجف:
-الأمر ليس مضحكا!
لكن ضحكته استمرت...وقبل ان تتيح لتفكيرها فرصة النظر فيما ستفعله كانت قد رفعت دلو الماء وافرغته بأتجاهه...وكانت بضع نقاط فقط من نصيبه لأنه قفز جانبا،متجنبا الماء بكل سهولة،فخيم الصمت على المطبخ...ثم ركز نظره عليها بعينين ضيقتين.
رغم شدة غضبها ارتدت الى الخلف وهي تراه يتحرك الى الأمام لكنها اجبرت نفسها على الوقوف في مكانها جامدة تحارب الأندفاع الجبان الذي يحثها على الهرب ولقد نجحت في هذا الى ان اصبح اماماها مباشرة،عندها لم تعد تقوى على الوقوف فحاولت الهرب.
لكن يديه امسكتا كتفيها بقبضته عقابا لها وجذبها الى صدره فالتصق ظهرها بهواحست بارتجافات باردة برودة الفضة تتسارع نحو نخاعها الشوكي عندما اخذت يداه تمران بنعومة على ذراعيها...فأشعلت لمساته المداعبة المثيرة فيها شموع الرغبة كالعادة.
قالت له مرتجفة والتوتر يكاد يخنقها:
-انت اجبرتني مارك ماكان عليك الضحك مني.
تحت تأثير لمساته لم يعد لديها الأرادة لتقاوم فلما ادارها بين ذراعيه ورفعها يحملها بينهماقال متمتما بخبث:
-النار يجب مكافحتها بالنار.
دون قصد منها التفت يداها حول عنقه تدعم نفسها...
في حين غطت قبلاته النارية وجهها،لم يعد ماقاله منذ لحظات مهما كما بدا،خاصة بعد ان احست بالخطوات السريعة التي كان يخطوها.وبعد ان شعرت بشعورا غريبا من الرضى يجتاحها وهي تتصور جانيت تدخل عليها فجأة فتنصدم بالطريقة التي يداعبها فيها مارك.
بدا لها ان تسمع اغنية حب شاعرية تملأ الجو.
كاأنها تغريد عصفور...فاغمضت عينيها اكثر للتمتع بالصوت الطروب ..فلمسات مارك كانت تغمرها بأحساس مبهج وكأنها تطير فوق الغيم..ودون ارادة منها اخذت تتأوه تحرك عينيها بضعف ولم تعد تستطع رؤية شيء امامها سوى فمه.
لكنها سمعته يقول بصوت منخفض ساخر:
-اذن اردت ان تبلليني؟
احست بالصدمة من كلماته قبل ان يبعدها عن صدره...
ثم يتركها تقع...فتحت فمها تصيح لكن الماء اطبق حولها فغرقت كل جهودها لتتخلص من ماء بركة السباحة.
توقفت كل مشاعرها التي آثارها عناقه بسرعة،وكافحت تضرب الماء بذراعيها وهي تصعد الى السطح...فسبحت نحو الحافة تسعل،ثم جذبت نفسها الى الحافة تحس بأنها قطعة غارقة في الماء.
دفعت خصلات شعرها المبللة عن عينيها ثم التفتت نحوه بغضب فوجدت ان ابتسامة عريضة ارتسمت على وجهه بدل ذلك الوجه المتجهم المعتاد.فتسمرت مسحورة من مرأى هذه الأبتسامة الحقيقية،فهي لم تشاهده يبتسم ابتسامة عميقة من قبل وكان تأثير هذا عليها كبيرا.
-سأنقل اعتذارك الى جانيت.
لم يعد مارك ثانية الى المنزل طوال بعد الظهر.لكنه ظهر في المطبخ دون ان تتوقعه وهي تحضر وجبة المساء.
رمى العلب التي يحملها بين ذراعيه على الطاولة...قالتفتت نيكول متوترة تمسح يديها.
سمعته يقول وهو ينظر اليها:
-لم يعد امامك عذر يحول دون خروجك لأمتطاء الخيل.
غمرتها السعادة وهي ترى علبة من العلب فيها قبعة..لكنها تباطأت عمدا في فتحها وفي اخراج قبعة رعاة بقر عاجية اللون واسعة الأطار.اما العلب الأخرى فكانت تحتوي على بنطلون خاص بالركوب مع سترة مناسبة،رفعت نظرها عن الثياب ثم قدمت له شكرها الصادق..متسائلة بصمت اذا كانت هداياه دافعها التفكير فيها وفي مشاعرها ام نابعة من العادة،لكنه تكلم قبل ان تشكره:
-على فكرة...سيقيم لدينا ضيف في نهاية الأسبوع...
ففكرت ان من الأفضل اخبارك الآن حتى يكون لديك الوقت الكافي لتحضير غرفة الضيوف.
-ضيف؟
جمد الدم في عروقها حتى كادت ضربات قلبها تتوقف...غضبها لن يسمح لها ابدا بتحمل وجود جانيت خلال نهاية اسبوع كاملة.واجابها مارك:
-اجل ...ضيف واحد...لماذا؟
-دون سبب ..هل انت مضطر لدعوتها...مارك؟
-دعوتها!..لم اقل ان الضيف امرأة.
-اوه مارك توقف عن التلاعب اعلم انك دعوت جانيت لتنتقم مني على ماحدث اليوم...انها تلك النزعة الشريرة التي تدفعك الى اذلالي،كي الزم حدودي.
-ومتى كنت قاسيا عليك؟
تحرك من حيث يقف بسرعة حتى انها حشرت بين الكرسي والطاولة صادا بذلك عليها ريق الهرب لكنها اجابت بصوت حازم :
-ببرودتك وعدم اكتراثك،وتحفظك،وبالطريقة التي تسخر بها مني.الطفل الصغير يحتاج اكثر من الأرضاع والدفء فلديه مشاعر ويحتاج الى اهتمام لئلا يموت والكبار ليسوا اضل حالا..مارك...الاتهتم بأمر احد حقا؟اليس هناك من تهمك سعادته؟
فالتوى فمه:
-هل تحاولين انقاذ روحي بالمواعظ نيكول؟
-اعتقد انني احاول البحث عن روحك...هل تملك شيئا تضحي به من اجل شخص آخر؟
بدا عليه القلق وعدم الأرتياح...ثم اجاب:
-لا.
جعلتها حدة رده القاطع تجفل وحملته خطوات واسعة نحوالباب.حيث توقف لينظر اليها بترفع مقصود...قبل ان يردف:
-كما ليس لدي اي رغبة في معاقبتك واذلالك...فضيفنا هذا الأسبوع رجل اسمه فرانك ريتشارد..
ومع ذلك لم تجد نيكول الراحة في هذا.
يوم الجمعة بعد الظهر...سمعت نيكول هدير طائرة صغيرة فوق المنزل..ولم يكن مارك قد عاد الى ذكر الضيف ولاشرح لها ماأذا كان صديقا ام رفيق عمل.
نظرت من النافذة فشاهدت الطائرة الحمراء الصغيرة تهبط باتجاه المزرعة قبل ان تختفي وراء الأشجار...هل هذا هو فرانك ريتشارد؟
خشية ان يكون القادم هو الضيف،وضعت نيكول ابريق عصير في ال...بعد عشرين دقيقة سمعت الباب ينفتح يتبعه صوت مارك ورجل اخر،ملست تنورتها الصفراء المزهرة استعدادا لدخول غرفة الطعام ثم غرفة الجلوس.
توقفت في منتصف غرفة الجلوس تتأمل الزائر الغريب بانتظار ان يلاحظ الرجلان وجودها.كان الرجل اطول من مارك شعره اسود كجناح الغراب وعيناع بنيتان لدرجة الأسوداد.على وجهه ملامح العجرفة مرسومة رسما،لكنها ليست بشراسة كما الحال مع مارك لأن الأبتسامة كانت تخفف من تجهمه.وسمعت الرجل يسأل بصوت عميق:
-اين روز؟كنت اتوقع ان تقابلنا عند الباب.في تلك اللحظة التفت الرجل الى منتص ف غرفة الجلوس لكن نيكول كانت قد اعدت نفسها لنظرته الفضولية...فتوقعه رؤية عمة مارك اشار الى انه لايعرف بوجود نيكول.
قالت بأرتجاف خفيف من الغضب وبأبتسامة متوترة تعلو شفتيها لأنها اكتشفت ان مارك لم يذكرها:
-مرحبا!
سارع مارك ليسأل الرجل بهدوء:
-الم اخبرك عندما اتصلت بي ان روز تقاعدت؟
فحول الضيف عينيه نحو مارك:
-لا...لم تقل لي.
اذن فلابد اني نسيت ذكر زوجتي ...هذه زوجتي نيكول...وهذا فرانك ريتشارد.
رافقت ابتسامة مكبوته يد فرانك الممدودة اليها:
-اشعر ان علي الأعتذار لجهلي
-لا ارجوك لقد تزوجنا بسرعة وهدوء.
فنظر اليها مارك.
-ماتقصده اننا التقينا في احتفالات مدينة مديسن هات ثم سارعنا الى تسجيل عقد الزواج.
لم يترك تفسيره القاطع مجالا للتفكير في ان عاطفة ما كانت بينهما قبل زواجهما السريع وهذا مادفع نيكول الى عدم التظاهر بأن زواجهما مبني على الحب.
نظرت الى الرجل الواقف قرب مارك ثم قالت:
-اترى سيد ريتشارد..لقد وجد في ميد..فأنا اجيد الطبخ وتدبير المنزل واحب الأولاد..هل تود شرب المرطبات؟
فرد مارك بخشونه:
-اجل هذه فكرة جيدة.
انحنى راس مارك بانحناءة خفيفة قبل ان تخرج نيكول مسرعة فسيطرتها على اعصابها تكاد تفلت منها.
عندما اصبحت في غرفة الطعام..تجمدت في مكانها وهي تسمع سؤالا فظا يطلقه بصراحة فرانك:
-اي نوع من الزواج هذا فرانك؟
-انه زواج يناسبنا.على الأقل لاتتلاعب بي امرأة بين اصابعها كما تتلاعب بك.
-يوما ما...ستضطر للركوع على ركبتيك...وستجد نفسك في موقف ليس فيه تواضع...بل اذلال.
تمنت نيكول بصمت ان تتحقق هذه الكلمات ...كم تود رؤية مارك يزحف على ركبتيه طلبا لعاطفة امرأة.
احضرت لهما الشراب المثلج وكادت تعود الى المطبخ لولا وصول غلينا ودايفد من المدرسة...بعد تحية حميمة خجولة قدمت غلينا دايفد للضيف...ثم سألته:
-الم تحضر العمة ستايسي ولاجشوا؟
-ليس في هذه المرة.
والتفت الى نيكول ليشرح لها.
-ستايسي زوجتي...عادة ترافقني هي وطفلنا الصغير كلما جئت لشراء الجياد...ومارك كان اشبيني وانا اعلم انها ستحزن لخسارتها فرصة مقابلتك.
-وانا اود كذلك مقابلتها
احست نيكول بألم غريب في قلبها من طريقة لفظه اسم زوجته بحب وعاطفة،ومن اللمعان الخاص اللذي بدا في عينيه عند تذكرها.
وسأله دايفد:
- كم عمر ابنك؟
-ثلاث سنوات.
فقال دايف بحزن:
-انه اصغر من ان يركب الجياد.
فارتسمت بسمة مكبوته على شفتي فرانك:
-قليلا...مع انه احيانا يركب الى جانبي او جانب امه.
-لقد تعلمت ركوب الخيل...تقريبا.
فتدخلت نيكول.
-هذا يكفي الآن اذهب غير ملابس المدرسة بأخرى ولاتنسى انتعال حذاء اخر.
فقالت غلينا باهتمام:
-سأتأكد من هذا بنفسي نيكول.
قال فرانك بعد ذهاب الولدين:
-لم تعد غلينا صامته كما كانت.
فالتفت اليه مارك:
-انها متعلقة بالصبي...تحبه كثيرا.
-هذا مفهوم...فلديها حب كبير مكتوم...ولم يكن هناك من تعطيه اياه.
-نحن نعرف بعضنا منذ زمن طويل فرانك.
في لهجته نوع من التحذير...فتبادل الرجلان نظرات مدروسة احست معها نيكول بتوتر مفاجيء وكأنه صرير معدن يصدم بمعدن اخر.انه ذلك الصدى الذي يسمع عندما تلتقي قوتان متوازيتان ثم سمعت صوت الباب يفتح فأحست بالراحة لدخول دوغلاس...كان في نظرته لها معنى مبطن...لكنه القى عليها تحية صامته قبل ان يستدير نحو الرجلين الآخرين.
-لقدفحص كارل محرك الطائرة سيد ريتشارد ولم يجدفيهما اي شيء خاطيء لكنه يقترح استدعاء ميكانيكي طيران لتطمئن اكثر.
فقطبت نيكول:
-ثمة خطب في الطائرة؟
-انطفأ المحرك مرتين اثناء سفري الى هنا...لكنني لم الق متاعب فيما بعد...لقد اجريت الكشف السنوي عليها منذ اسبوع فقط اشكر لي كارل على فحص المحرك...اتسمح دوغلاس؟
فهز دوغلاس رأسه"سأفعل" ثم خرج.
بعد خروجه راح الرجلان يتناقشان امور الأفراس الحاملة التي جاء فرانك لرؤيتها وبهذا تجاهلا ذلك التوتر القصير الذي بدا بينهما منذ لحظات او ربما تعمدا نسيانه.نهاية الفصل.
ادعموني حبايبي ( تعليق + تصويت )
يجعلني استمر في القصهضعوا القصه في قائمه قرائتكم لتصلكم التحديثات
اخبروا اصدقائكم عنها ان أعجبتكم
باي ❤️❤️❤️❤️
أنت تقرأ
مغرور ( مكتملة)
Romanceرمانس / دراما وانت لاتريد زوجة..بل عبدة.! -صحيح لكني احتاج الى عقد زواج،فهو قانوني، شهقت نيكول عندما سمعته ومع ذلك فقد وافقت على الزواج من رجل تحول قلبه الى حجر ونسيت شفتاه الأبتسام، فقد كان البديل لها هو الجوع والتشرد مع ابن شقيقتها اليتيم ظنت نيك...