النظرات تتبعها من كل حدباً و صوب، تفاوتت ما بين الغيرة والشهوة تدخل إلى الشركة الضخمة بقامتها الممشوقة وصوت كعب حذائها الذهبي مسموع على الأرضية اللامعة كسيمفونية مغرية، راقبت نظرات الرجال وهي ترمي شعرها الأسود خلفها وتوزع نظراتها بينهم بعدم مبالاة وكأنه شيئ معتاد الحدوث، شمس الصباح تسلط بأشعتها عليها من النوافذ الموجودة ، ويلمع لحم جسدها الأسمر الظاهر من فستانها القطني الأسود الذي يصل إلى أسفل ركبتيها كسبيكة برونز مشتعلة
والذي التصق بها ذلك الفستان محددا دقة خصرها ونحوله وكأنما السنين والقرون التفت حوله وضيقت الخناق هناك لصدرها المرتفع بشموخ ولفخذيها الممتلئة مناقضا لذلك الخصر، تنظر إلى هذه المرأة وكأنها هاربة من أحد الأساطير الإغريقية حيث الجمال يعبد هناك، بدأ من العينين ذات الاحداق الواسعة الذي امتزج فيهما الأخضر والعسلي مكونا مزيجاً رائعاً من الزيتون والعسل يزينهما صف من الرموش السوداء كحراس مملكة، نزولاً لذلك الأنف الملائم للوجه الدائري، انتهاء بالفم المكتنز المغري،
هذا الجمال كله يصيبك في مقتل فكيف إذا اجتمع معهما الذكاء والفطنة أيضا بهذا تصبح فتنة على المجتمع المحيط بها، فكرت بجمود وهي تتوجه إلى طابق مكتبها بأنه لو كان قبل ثلاث سنوات من العام الحالي ما كان أحداً تجرأ على لفظ حروف إسمها، وأخيراً دخلت إلى مكتبها وتبعتها فوراً مساعدتها الشخصية ( رنيم ) ومعها دفتر المواعيد بعد ان ردت عليها تحيتها الصباحية ، جلست تلك على كرسيها الجلدي البني ورفعت انظارها لرنيم الشابة في الأواخر العشرين من عمرها ، وهي تتكلم عن مواعيدها للأسبوع القادم بعملية وبدون أن تأخذ نفس حتى، بعد برهة رفعت رنيم انظارها من على الدفتر الصغير في يدها لسيدتها التي أحست بصمتها المريب منذ أن دخلت فلاقتها تنظر إليها بعدم اهتمام وجمود، نظرت رنيم إليها بعدم استفهام وتسألت:
سيدتي هل أنتي معي؟
قلبت تلك عينيها للأعلى وقالت بخمول:
رنيم يا رنيم ... انتي تعملين معي منذ تقريبا خمس سنوات وللأن لا تعلمين بأنني إن لم أشرب قهوتي الصباحية أنا لن أستوعب أية كلمة مما ستقوليها!
ضربت رنيم جبينها بخفة وقالت:
لقد نسيت سيدتي أنا آسفة
عضت الجالسة على الكرسي شفتها السفلى بخفة قائلة:
إذا الآن ستذهبين من هذا الباب وتعدي لي سائلي الثقيل الخالي من السكر يا سكر وبعدها تعالي وتكلمي فوق رأسي كما تشائين ...
انسحبت رنيم بعد أن اؤمات برأسها وذهبت مسرعة لتأتي لها بسائلها كما قالت، فهي ليست مستعدة لتحمل تقلبات مزاج هذه السيدة النارية التي تعرفها ولا تعرفها
......................................................
دارت من مكانها بكرسيها المدولب مستندة برأسها على الكرسي من خلفها وانظارها على سماء المدينة تراقبها من خلال زجاج النافذة الذي يمتد على طول الجدار الواسع ، صوت رنيم يأتيها مجددا بعد أن عادت بكوب قهوتها وها هي تتكلم من جديد، تسحب نفساً من سيجارتها
أنت تقرأ
ثورَّة الشكْ
Romanceوقعت عيناي على عيناه وعلقت هُناك كيف لعينان بشرية طبيعية أنّ يكونان بِهذا العمق والسواد كبحر اسود جذاب ، صافي وغدار كُلما غُصت فيِه وانجرفت مع الموج وتقول بأنها النهاية تكتشف بأنك لازلت قابعاً مكانك ولا زال هناك المزيد من الأسرار والغموض، فأحتار في...