البارت الثاني

6.9K 145 21
                                    


انتهت أيام العزاء وجاسر يحبس نفسه في غرفته مع أخيه الرضيع .. كان يبكي أحياناً بخوف لأنه أصبح وحيداً ..... وأحياناً أخرى تنتابه الحاجة لوالدته التي تركتهم غير عابئة بهم أبداً ........ يسمع أصوات الناس التي تأتي للعزاء ...... صوت آيات القرآن الكريم الذي يصدح في الأرجاء ...... وهو يتكور فوق سريره كالجنين ...... يحدق في الفراغ أمامه حتى بدأ بكره والدته ......

بدأ يشعر بنفسه كرهها وحقد عليها خاصة وهو يرى أخوه الرضيع أمامه لا يكف عن البكاء ..... يحاول تهدأته ولكن الصغير وكأنه يشعر بشيء ما ..... كأنه يعلم بأنه أصبح يتيم وأصبحا وحيدين .......

انتهى العزاء ورحل الناس ليدخل عمه أخ والده الكبير لغرفته واقترب منه جلس فوق السرير ......

عدل جاسر بجلسته ينظر إليه بعينين محمرتين من البكاء والسهر ضمه عمه إلى صدره ليتمسك به جاسر باحتياج وهو قد فقد حضن والده من قبل أن يموت ...... منذ هروب والدته .......

قال عمه ( رائف ): أنت راجل يا جاسر والراجل مبيعيطش يلا امسح دموعك دي وانزل كول معانا حاجة ........

جاسر ببكاء: بابا ماات يا عموو مش هشوفه تاني ......

رائف بحنان: بس هو هيكون شايفك وسامعك ...... وأما يشوف دموعك دي هيزعل أوووي أنت عايزه يزعل منك ؟

هز جاسر الصغير رأسه بنفي ليقول رائف: يبقى يلا امسح دموعك وخليك قوي وانزل كول معانا إياد بعيط ومش بيهدا غير معاك ومراد تحت مستنيك .....

هز رأسه ومسح دموعه وخرج مع عمه ....... نزل وجلس على المائدة وكان مراد الصغير ابن عمه وبنفس عمره يجلس على كرسي وفي حضنه إياد الصغير الذي بدأ يبكي ويرفس برجليه ويلوح بيديه عندما رآه ويريد الذهاب إليه ......

اقترب وأخذه ليضمه إلى حضنه وعاد للبكاء مرة أخرى ...... وهناك عي ن كانت تتابعه بامتعاض وحقد .......

كانت هي زوجة عمه رائف التي تكرهه كثيراً هي وعائلته وأمه ...... وأختها تجلس قربها وهمست بأذنها: بقولك إيه هتسيبيهم يقعدوا عندكوا علطول ؟

نظرت لجاسر وأخيه بحقد: على جثتي مش كفاية الحرباية أمه هربت لسا هنربيلها ولادها .......

أختها: أنتي مزعلتيش على إسلام ؟

نظرت إليه زوجة عمه قائلة: وأزعل ليه أنا أه كنت بحبه زمان بس هو اللي فضل الحرباية دي عليا أهو بصي عملت بيه إيه يستاهل علشان يرفضني ويهيني ....

اختها: بس أنتي مقصرتيش ولفيتي على أخوه لحد م تزوجك .......

ابتسمت بحقد: ولسا هخليه يرمي ولاده برا البيت ده بعد م بقى بيتناا .........

اختها: وبيتكوا هتعملوا بيه إيه ؟

أجابتها: هنأجره نستفيد منه ولا نبيعه أي حاجة المهم البيت ده أكبر وأحلا منه .........

رجل كالنارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن