~•{3}•~

6 2 0
                                    


شوكة حادة

[كنت اعشق الورود الحمراء....
لكنني تعلمت ان للجمال جانبا اخر.....
ان للورد اشواك حادة تخز ومع ذلك اخاطر بقطفها]




.
.
.
.
_____________

انبثقت اشعة الشمس داخل الغرفة الفياضة بالياسمين،اطل شعاع الشمس الرقيق على وجه ليلي بحنو و كانه يوقضها بلطف، حركت رأسها ببطئ و شرعت تفتح عينيها بعجز و بدأت تفركهما،اول ما وقعت انضارها عليه ذلك السقف الابيض،القبة المستديرة المحيطة بالغرفة من كل حدب اطفى عليها وقارا خاصا،
كان السقف يتبخر افتتانا بجماله و جمال الرسومات التي عليه ،مزخرفا بالوان زاهية و اشكال مختلفة، كانت الطبيعة تتجسد في صورة واحدة على كومة من الحطب الابيض المقوس، صور احصنة و خيول...دبببة قطبية و يراعات الليل تتلالا بشكل سحري! و كذا غابة تشبه تلك التي في الافلام الخارقة للطبيعة،
و المصباح الابيض على شكل قطة يتدلى في الوسط ليندمج لونه بلون الشمس الذهبي، فوق الحائط ،على الرفوف كتب معلقة ، رائحة الصدأ عالقة باوراقها العتيقة ...و خارج النافذة اشجار الكرز ارتفعت بحيث تتعلق اغصانها بالنوافذ بقوة و كانها تحتضنها،سيكون من المستحيل ان لا تتعرف هذا المكان، هذه الرائحة ....و تلك النقوش ..،فنصف طفولتها قضتها هنا ،اضفت تحدق الى كل طرف من زاويا الغرفة ،تستنشق رائحة مميزة اخرى غير رائحة الياسمين و الكتب العتيقة ، احتاجت لبعض الوقت لكي تدرك ان خالتها نائمة بجانبها على الكرسي،التفتت مجددا الى تلك الزاوية المليئة بالكتب لتتوارد الى عقلها صورة غير مالوفة لها، عندما كانت صغيرة و تتردد لتلك المكتبة و لكن... اختلفت الصورة فجاة هذه المرة ،كانت بجانب شخص اخر ... لم تميزه....لم تره سابقا ، و لا تعرفه فمن هو ؟

استيقضت على تلك الهواجس و التخيلات
حتى انها كادت تنس ما حدث قبل يوم....
صورة مشوشة هي لا تستطيع تذكرشيء،تذكرت فقط المشهد الذي فتحت فيه باب الغرفة.... ، محاولة استيعاب ما حدث كان صعبا، فعقلها لا يستجيب لتذكر اي شيء بعد لقطة فتحها لمقبض الباب، حاولت النهوض مبعدة بالغطاء جانبا ، ثوان حتى تحسست كايلا تحركات ليلي و استيقضت تعلوها ابتسامة اشتياق و خوف قد ذاب في عينيها ببطء :
- ليلي!
كانت كايلا تقبل ليلي بحماس و اشتياق شديدين، تفرقت عينا ليلي و دفعت عمتها بهدوء و قالت بنبرة تساؤل و الحيرة تنسدل من مقلتيها:
-خالتي كايلا!؟... لما انا في منزلك؟
طالعتها كايلا بنضرة حزن و لكنها اسطنعت ابتسامة و تخطت ما قالته:
- يجب ان ترتاحي.... لقد فقدت وعيكي ليوم كامل ..... ساذهب لاحضر شيئا لنأكله معا ! ما رايك بسوفليه بالشوكلا
نضرت ليلي الى كايلا و كانها تعاتبها و لم يعجبها تجاهلها لسؤالها ،اتجهت صوب السرير و استندت عليه و استفسرت :
- خالتي ؟ مالذي حدث ... ذلك اليوم.... اين هي امي و ماذا عن ابي هل وصلكي اي خبر عنه مؤخرا؟
انهالت ليلي على خالتها بالاسئلة فامعنت التفكير و اعتل الصمت اوتارها ...ثم خطت صوب الباب و خرجت من دون ان تنبس بكلمة
توسعت عينا كايلا و شحب وجهها كمن بها مرض عضال ،شعرت كايلا و كان احدا ما نفض الغبار عن جرح عميق و نبش داخلها فلم تجب عن اسئلة ليلي
كانت ليلي تحدق الى عمتها منتضرة الاجوبة، لكنها لم تنل مبتغاها ، و تركتها غارقة في ملذات افكارها ،التفتت ناحية الغرفة و صارت تجول بعينيها في كل زوايا الغرفة ، كل شيء ، التصميم .. حتى الكتب و الرائحة المميزة... لم تتغير قط ، اوقفت جولتها عندما لاحظت تلك الشاشة المسطحة المعلقة بالحائط،منذ متى اقتنتها ؟ ،لبثت تبحث عن جهاز التحكم و ضغطت على زر التشغيل ، كانت القناة تعرض اخبارا على طول ال 24 ساعة لكن الخبر الذي كان يتردد و الذي قراته بتمعن بخط عريض " العثور على جثة شابة ملقاة باحد الفنادق بلندن و ذلك في الشقة...."
افلتت ليلي جهاز التحكم عندما رات رقم الشقة! ، فركت عينيها و لبثت مليا تتحقق من صدق الخبر الذي سمعته توا... كانت تتمنى لو كان كابوسا لكنه لم يكن ، كمن غرس باحد شوكة و ازالها بلا رحمة، الالم الثاني لا يقل عن الاول ،انحنت تاخذ كل ما تمسكه بغضب و رمته صوب التفاز و انكسر لقطع زجاجية تناثرت بعضها الارض و على وجهها،سمعت كايلا سوط الجلبة في الاعلى ، فاسرعت نحو الغرفة...دخلت من دون ان ترى اين تطأ قدماها فلم تلاحظ وجود قطع من الزجاج على الارض وداست عليها، اطلقت لاثرها صرخة هزت اضلعها،لم تلبث تتعمق في المها بل كانت تراقب تلك الجامحة تكسر و تحطم ما بقى مما كسرته قبل ثوان،اتجهت كايلا نحوها بمشية عرجاء و من دون سابق انذار احتضنتها من الخلف بعطف.... فسكنت في حضنها،
فجلست كايلا و ارتمت ليلي في حضنها بصمت ، ثم بدات تلك اليانابيع المالحة بالتدفق،كانت تحتاج لاحد ليغمرها بدفء حقيقي ،لم تحتج لان يواسيها احد،احتا
جت لشخص يدرك ما تمر به و يجلس معها لكي تهدأ بحيرتها و تستقر......


كان حضنا دافئا اراح روح ليلي من التعب فسكنت فيه،زال الخوف و الغضب و تحول لصمت مهيب ،اجهشت بالبكاء... و تدفقت اليانابيع المالحة و ارتوت منه،شعرت بالانتماء الى هذا الدفء فأمها لم تعطها شيئا منه منذ ذهاب والدها فشكّت في حبها لها،
انه يشبه ذاك الهدوء الذي يتبع هبوب عاصفة قوية، كان الصمت و لفترة من الزمن سيد الحديث ، كانت ليلي باردة القوام شاحبة الوجه و ازرقت بشرتها، حطمتها بضعة ايام و حولتها لكتلة من الثلج ،بينما كانت كايلا هادئة في صمت ، نعم هكذا كانت و لا تزال كايلا ....هادىة الطباع،ساكنة التصرفات...عندما سمعت بخبر موت اختها ضلت تحاول ان تكون متماسكة ،تحاول جاهدة ان تكون قوية، ما اعط صورة اكثر سوء حيالها عن كونها غير مبالية بموت اختها و لكنها تعرف اختها ما كانت لتنتحر ! هي تعرفها !,من اجل ما و من تبقى لها اعتادت اخفاء مشاعرها،كانت تستغل فترة انشغال الجميع لتدلف لغرفتها و تدفن وجهها في الوسادة و تجهش بالبكاء بانين يكاد يكون مسموعا،
انقطع عندما انتشلت ليلي نفسها من ذلك الحضن و توجهت نحو الحديقة تراقب بتلات الكرز و هي ترفرف ،وقفت هنيهة تتامل اللا شيء و قالت بانكسار من دون ان تلتفت :
- لقد تركنا....صحيح؟
-رفقا به يا ابنتي....
مسحت ليلي دمعة خرجت منها دون وعي و التفتت الى خالتها بانفعال :
-على التلفاز ،و على الانترنت.، الصحف و المجلات...حتى افواه الناس،كلها تتحدث عن حادثة موت امي ،حتى لو كان في اقاصي الارض من المفترض انه سمع بطريقة او باخرى ،فكيف سيدعي الجهل

لم تكن ليلي تعلم حينها ان اباها ابعد عما
يكون عن اي مكان في اقاصي الارض

طاطأت كايلا راسها... لم تكن لديها اجوبة على ما كانت تستفسره ،كل ما كانت تعرفه ان اختها وجدت ميتة في شقتها و عثرت على ليلي مغشيا عليها قبالة الباب و بجانبها غطاء صوفي و الحمد لله كانت تتنفس،فاخذتها لمنزلها و انتضرتها طوال تلك الايام لتستيقظ

كانت الافكار تتناطح في عقل ليلي كانت كطاحونة المياه في الشتاء تخاف ان تجرفها المياه و تبتعد،فغفت على سريرها وسط حطام و اشلاء هنا و هناك،بقايا هيجانها و غليانها
اقتنصت الخادمة فترة هدوئها تلك و شرعت تنضف و تجمع شظايا الزجاج، رمت ليلي بنضرة شفقة خاطفة ثم ابتعدت عنها و نضرت الى الحائط و اعادت ترتيب الكتب و تنضيف الارضية ،عادت الغرفة احسن مما كانت.! و فرقعت باصابعها اعجابا بعملها المتقن ثم خرحت من دون ان تصدر سوطا خوفا من ايقاظها
خرجت ليلي من عالم الى عالم اخر او ما يسمى ب "عالم الاحلام" ،ريح قوية جدا تمنعك من سماع صوت البلابل و العصافير،وسط بستان اخضر تتوسطه نافورة تتدفق بمياه عذبة حديقة مملوء بالزهور ،منها الياسمين و الزئبق و انواع اخرى لا تعرفها ،ترفرف الطيور البيضاء و تنتف ريشها في كل مكان تبجيلا لاحدهم و كانه موكب يحتفل بمرور ملكة الريش ، تقف امراة برداء فضفاض ابيض و شعرها الاسود الطويل يرفرف بقوة ،كانت ليلي تنتضر ان تلتفت لتتعرف عليها لكنها لم تفعل و فجاة سمعت صوتها الهادىء و هي تقول "اعثري على الكتاب"، حاولت ان تصل اليها و قالت من بعيد "عن اي كتاب تتحدثين ؟و من انتي ؟" ساد سواد حالك ... و كأن البستان تحول لرماد احرق الاخضر و اليابس ، فقدت السماء بريقها السماوي و فورا استيقضت و قلبها يقبض من هول المنضر!!




انطباعاتكم؟

•[Kigdom Of Papers]•حيث تعيش القصص. اكتشف الآن