5-قلعة اللوتس[بعض الامور لا تتغير ابدا
الدب المحشو الذي كنا ننام معه موجود الى الان في تلك الخزانة]على حدود غابة الندى، يتمايل رداء من الزهور المتعددة شكلا و لونا، تصطف في ممر ضيق و تنحني تزامنا مع حركة الرياح..
و عندما تدلف خارج البوابة،يمكنك من تلك المسافة ان تميز قلعة اللوتس عن غيرها من المناطق،بشموخها و اسراب النباتات التي تفرعت حولها بانسجام، بلون الطوب القرنفلي المميز الذي يلفت الانظار ،وارتفاع السماء الصافية الخالية من الغيوم،بحيث تصل اليها اكبر كمية من الضوء فتضج بالحياة ،في احد ثنايا هذه القلعة تجلس امرأة في اواخر الثلاثينيات من عمرها،شديدة الجمال تحيطها هالة من الجاذبية، تزيح بشعرها الاصفر الطويل من على كتفيها في اواخره انثنائات حادة و هو يعكس ضوء الشمس المار عبره، كانت تنتعل رداء من الهيبة و هي تتلفع بعباءة مرصعة بالجواهر الثمينةبعينيها البندقيتان،كانت تحدق نحو
الحديقة المستديرة المحيطة بالقلعة
، كل شيء كما خطط له،رواد القلعة مفعمون بالنشاط و هم يتحركون كسرب في خلية النحل، يستمتعون باداء اعمالهم اليومية على وقع تغريدات العصافير التي تملا هذه البقعة و ليس من الغريب بذاكرتها الخارقة تلك ان لا تنس كل صغيرة و كبيرة،فقد لاحظت باعينها الفاحصة تناقص عدد العصافير التي تاتي اليها عادة و لكن رواد القصر بالرغم من ذلك لم يلاحظو هذا النوع من الاشياء،و لم يتكاسلو في اداء اعمالهم التي تقتضي اغلبها بالاعتناء بالحديقة التي تجمع الاف الانواع من الازهار،النادرة و غير النادرة، اما الاقلية منهم فانهم يهتمون بالغسل و الطبخ و التنضيف و الحراسة ،فتملا الاجواء برائحة الطعام الزكية و عبق الورود،و في الوسط بركة من المياه تحوم حولها باقة من الزهور البيضاء الطافية،و قد اتسعت عيناها فجاة عندما رات تلك الفتاة الشابة ذات14 عاما تدلف نحو البوابة الحجرية التي تفصل بين الحديقة و الخارج، يرافق سوط خطاها السريعة خشخشة القوس على كتفها الصغيرة،و خلفها الخادمة التي بدا انها كانت تحاول منعها،و انتهى ذلك المشهد عندما خرجت مغلقة الباب خلفها بقوة قبل ان تصطدم به الخادمة و تقع على الارض،ثم فضفضت ثيابها المتسخة و عادت الى القلعة.اغمضت عينيها و تنهدت بقلة حيلة، ثم قهقهت بهدوء و ازاحت بنضراتها عن الحديقة ثم التفتت نحو تلك المرآة المعلقة بالحائط و بدات بخشخشة اساورها الملونة و ازالتها واحدة تلو الاخرى و سرعانما ما ترسبت كومة من الاوراق امامها....
كانت تزيحها من ان الى اخر و تتفحصها بعناية،كان هناك ملف يبدو عليها الوقار،توقفت عليه و قد برز ذلك الطابع المميز،صورة التاج المنقوشة على طرف الرسالة تدل على نوع من التملك
لكن الفرصة لم تكن سامحة بان تقراها،لم يمض وقت حتى سمعت صوت طرق الباب، التفتت نحو الرسالة و فتحت احد تلك الادراج الطويلة و حشرت الرسالة بين كومة الاوراق تلك و حرصت على ابقائها واضحة حتى ترجع اليها لاحقا و لم تكلف نفسها عناء التفكير بهوية هذا الطارق و بدون اي تردد'ادخل" قالتها مع ابتسامة لتبادرها تلك الامراة بايماءة قبل ان تدخل و تغلق الباب خلفها، كانت امراة طويلة القامة، تشوبها بعض من التجاعيد، لا تتعدى الاربعين من العمر، وقفت تصوب نضرها نحو احد تلك الدروج و كانها اخترقت باعينها تلك ما يكمن داخلها،و رغم انها حاولت اخفاء الامر جيدا لكن تلك الامراة حادة النضر مثل البومة تماما
- اعتذر عن تطفلي سيدتي يبدو انكي كنتي تقومين بامر مهم و قد قاطعتك.....هل يجب ان اعود لاحقا ؟...
رفعت راسها باتجاهها لتلتقي نضراتهما،ازالت براسها للجهة الاخرى عندما ادركت انهما حدقتا طويلا، تنهدت بصوت مسموع و هي تطرق على الطاولة الخشبية باصابعها و نهضت عن الكرسي و ما زالت عينيها مغلقتين و كانها تفكر في شيء ما.....،دلفت نحو الشرفة من دون ان تلتفت لتلك الامراة التي لبثت تحدق اليها بحرص و كانها تستعد لتنقض عليها في اي لحظة ثم قالت بصوت هادئ و رزين"روز"
اخذت نفسا عميقا ثم التفتت و داست على الارض بتشتت وهي تنضر مباشرة الى تلك المراة المسماة بالعمة روز قائلة:
-يبدو ان بعض الامور لا تتغير ابدا...
التمتها نضرة حنين خاطفة ثم ازالتها لتحل مكانها ضحكة تتسلل من بين شفتيها برفق،و ها هي تحتفظ بتلك الملامح،تلك الابتسامة المركبة.... لو استطعت ان تفصلها لحزت على جائزة في حل الالغاز...
نضرت العمة روز نحو تلك الشابة و لم تلحظ انها كانت تنضر باستياء شديد برز عليها بوضوح،رفعت ذات الشعر الذهبي الوضاء شعرها للاعلى ناضرة نحو الاعلى و ليس و كانها لم تلاحظ شفقة العمة روز،و لذا استعادت رباطة جاشها و بصوت اجش:
-عمة روز...اضنكي لم تاتي لتخبريني بامر كهذا صحيح ؟
اقتربت العمة روز نحوها و اماءت بدون ان تنبس بكلمة، ثم وضعت امامها حزمة من الاوراق،و سرعانما تحول وجه الشابة الى انزعاج حاد و نضرت الى روز بطرف عين و امسكت بالاوراق توضبها،كانت حزمة سميكة ، تنهدت بعمق،يبدو ان هناك عملا شاقا ينتضرها.....بالقرب من قلعة اللوتس في الطريق الذي يؤدي الى خارج الحدود ،كانت تسير بخطوات ثابتة في ممر ضيق، تهرول بفرح و هي تردد اغنية شجية كطير تحرر من قفصه اخيرا،لكنها و رغم ذلك كانت تتشبث بالقوس و السهام التي تحملها و تتحسسها بين فينة و اخرى تاهبا لاي طارئ، فالجمال احيانا يخفي قبحا عظيما،شقت طريقها بحرص و هي تحاول اخفاء اثارها قدر الاستطاع،مشت في منعرج طويل ،تحاول الابتعاد عن العشب و النباتات،فبعضها قد تكون خطيرة جدا ،بطرق مختلفة... حتى وصلت الى البحيرة و كانت تثب بين الصخور تتابعا حتى تصل الى وجهتها،تناه الى سماعها صوتا من تحت الماء بصوت يشوبه الاستغراب "ايفي؟...." كان راسه يضهر من سطح الماء بوضوح.... يشبه حصان بحر فضي،بلمعته و سترة البريق التي ينتعلها على سطح الماء كان يبدو كمخلوق من العصر الجليدي! ،القت له بنضرة خاطفة و اكملت طريقها من دون ان تستدير اليه،تابعها و هو يغطس تحت الماء،ادرك انها تحمل بعض الامتعة في حقيبتها فادرك شيئا ما و اردف قائلا :
- هل انت جادة هذه المرة؟!
لم تقفها كلماته و لم تستدر اليه و اسرعت في خطواتها اكثر حتى وصلت الى نهاية ذلك النهر و لبثت تنفض المياه عن شعرها المبلول بسبب ذالك المخلوق الذي كان يحوم حولها هنا و هناك و اردفت من دون ان تستدير :
-الى اللقاء
كانت هذه اخر جملة قالتها الى ذلك المخلوق قبل ان تشرع في المشي بخطى حذرة فهي لم تتخطى هذه البقعة من قبل، كانت غابة الندى هادئة الى حد غير مطمئن ، لم تدرك ما حصل لها الى ان شعرت فجأة بان هناك جذعا بدا يلتف حولها فبادرت بسرعة و هي تستل خنجرا من حقيبتها و تقطع به الجذع الى اغصان رقيقة ثم نضرت باتجاه الشجيرات و ادركت ان السير داخل الغابة سيكون خطرا،فلمعت في عقلها فكرة وهي تنضر الى الاعلى بشرود،و في اقل من ثانية بدات تقفز برشاقة بين الشجيرات الى ان وصلت الى بحيرة الندى الصافية،الماء العذب الذي تحتويه يكفي ليشفي الجروح،و يقال انه يمنحك الشباب الدائم و هذا اذا ما استثينينا ان له طعما حلوا لا تمل منه ابدا!
بالنسبة لايفي،لم يكن هذا عملا صعبا البتة و لكنها لم تعرف ان رحلتها لم تبدا بعدتنهدت بفرح... فقد اتمت اولى الخطوات ،نحو استكشاف ما هو مجهول.... رحلتها التي كانت تخطط لها منذ مدة ليست بالقصيرة،و هي الان ترغب بمعرفة المزيد عن هذا العالم
قررت ان تستند على احد الشجيرات فرمت بالامتعة بعيدا لتتخلص من عناء حملها،و تناه الى رؤيتها زمرة من الطيور الضخمة التي الفت رؤيتها في القلعة تلتف في سرب صغير حول مكان ما،و قد استشاظها الفضول لمعرفة سبب هذه الظاهرة الغريبة التي تقوم بها الطيور، فاستلت قوسها مستعدة لاي هجوم محسوب او غير محسوب،اقتربت من الطيور بدون خوف فهي معتادة عليها،فور ما لاحظتها الطيور ابتعدت ترفرف بقوة تاركة الريش يتطاير في الهواء ليزيل الستار عن ليلي التي كانت نائمة على الارض
أنت تقرأ
•[Kigdom Of Papers]•
Fantasyكان مجرد ورق تبقى الكلمات مجرد كلمات ، والكتب التي تحويها حبرا منقوشا على ورق ابيض ،مرمية في الزوايا او مغلقة في صندوق محكم ... او على ارفف المكتبات.... فالمعاني وحدها من تبقى ماذا سيتسنى لهذه المعاني ان تحررت من قيودها؟هل ستحدث تغييرا؟