الحلقه ٩

2.4K 87 0
                                    

‎بسم الله
‎الحلقه رقم(9) من روايه فاطمه

‎جاء موعد الحفل بعد أن حضر شادي عقد القران في أحد المساجد الكبرى كوكيل عن العروس عوضا عن أبيها
‎وأصرت فاطمة على الذهاب معنا هي وطفلتها رغم معارضة شادي الشديدة
‎لكنها كعادتها استطاعت أن تغلبه بمنطقها وحجتها
‎فمن وجهة نظرها التي تنبع من أخلاقها العالية وطيبتها الكبيرة, وأولا وأخيرا من طاعتها لربها
‎يجب عليها أن تبر أهل زوجها وأن تتحملهم مهما فعلوا معها وأن تصل رحم ابنتها وألا تقطعها عنهم
‎وفهمت أن شادي كان يعارض لسبب آخر لم يستطع أن يبوح به صراحة لفاطمة, فأصدقاؤه كلهم سيحضرون الى الحفل, وبالتأكيد ستكون عيونهم جميعا على زوجته بعد ما فعلته أخته في صالة البولينج
‎قاد سيارته بصمت طوال الطريق والضيق يتفجر من خلاياه, ولم يستطع أى منا أن يتحدث اليه أو يخفف من ضيقه
‎وصلنا الى قاعة الحفلات, وأدرك شادي أن أخته كانت صادقة بالفعل في قولها أن وجوده أو عدمه سيان
‎فقد فوجئ أنه كالغرباء تماما وأن من قام بكل الإعدادات والتجهيزات هما وليد ورشا
‎اتخذ لنا مائدة بعيدة في أحد أركان القاعة جلسنا حولها, وبدأ الأقارب والأصدقاء في التوافد وتركنا شادي ليقوم بواجب استقبالهم والترحيب بهم, ووتبعه ظله الجميل في كل مكان يذهب اليه
‎كانت كلؤلؤة تتلألأ في ثوبها الأبيض اللامع تضيء المكان بجمالها الملفت للعين
‎أتى العروسان ومعهما الأم وسلم شادي على أمه بحرارة وهنأ أخته وزوجها
‎ثم بدأ الرقص والغناء والتف الأصدقاء حول العروسان يرقصون على أنغام الدى جى
‎وشادي يدور في الحفل يسلم على أقرباؤه ويستقبل القادمين
‎ولا يمضي وقت طويل حتى يأتينا ليطمئن علينا أنا وفاطمة ثم يذهب من جديد
‎لكنه هذه المرة فوجئ بيد تطرق كتفه وعندما التفت وجد أمامه رودي وهي تقول : مبارك يا أخو العروس
‎مبارك مرتين, مرة لك ومرة للعروس
‎بدا عليه التوتر والارتباك الشديد وهو يحاول أن يرد برد مناسب ويسحبها بلباقة من المكان
‎ولم يخف على أنها كانت تتأمل فاطمة بحقد شديد كما لو كانت تريد أن تخترق نقابها بعينيها لتعرف ما خلفه
‎دعاها شادي لتهنئة العروسين وأوصلها اليهما
‎ثم عاد الينا سريعا وارتمى على الكرسي بجواري وهو يجفف عرقه وهو يقول : الجو حار وخانق هنا
‎كنت أعتقد أن طيبة فاطمة وخلقها وتدينها يجعلها لا تفهم نوعيات كرودي
‎ولكنني فوجئت تماما عندما قالت بصوت هادئ : جميلة هذه الفتاة, ثوبها أنيق للغاية, بلون البنفسج
‎تماما كلون عينيها
‎ترى من أين اشترت تلك العدسات بدرجة اللون الرائعة تلك؟
‎هذه الدرجة على وجه الخصوص نادرة بعض الشيء في السوق
‎قلت بدهشة : وكيف تعرفين ذلك!!
‎قالت بصوت رقيق : هل نسيت أننى فني بصريات؟
‎ربما أحضرتها من الخارج, من أمريكا مثلا
‎أو... فرنسا
‎تغير لون وجه شادي وتنحنح بإحراج وهو يقول : وليد يشير الى سأذهب اليه
‎قلت لها بدهشة بعد أن رحل : لم فعلت ذلك؟
‎قالت بجدية : بعض الناس يعتقدون أن الملتزم بفروض دينه والمواظب على طاعته لربه فهذا بالضرورة يعني أن يكون أبلها أو غبيا لا يفهم كيف تسير الحياة
‎لكن العكس هو الصحيح
‎فكلما اقترب الانسان من ربه فهذا يفرض عليه واجب أن يكون متيقظا باستمرار, واسع الأفق, فاهما ومدركا لكل ما يدور حوله حتى يستطيع أن يحمى نفسه أولا ثم يحمي من حوله
‎وعلى الآخرين أن يدركوا أنه ليس لقمة طرية من السهل ابتلاعها بل هو يابس كالحجر مؤلم كالشوك
‎ابتسمت من ذلك الذكاء المتقد والروح العالية
‎لقد أدركت فاطمة أنها لا يجب أن تترك زوجها وحيدا فريسة للماضي
‎بل عليها أن تكون متواجدة أمامه دائما وفي كل مكان قد يجذبه للماضي
.

روايه فاطمه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن