الحلقه ١٠

2.6K 94 2
                                    

بسم الله
الحلقه رقم(10)من روايه فاطمه


لكن الأمور تطورت حتى وصلوا الى باب الشقة
فقد رن الجرس يوما وعندما نظرت فاطمة من العين السحرية لم تجد أحد, ولكنها وجدت ظرف كبير مغلق مكتوب عليه اسم شادي ألقي من تحت عقب الباب
تماما كالأفلام المصرية القديمة
لكن الجديد في الأمر أن الزوجة لم تفتحه هذه المرة, بل تركته على أعلى رف في المكتبة وذهبت لأشغالها
كلما فكرت في الأمر الآن أدرك كم كان حرصها ألا يقع الظرف في يد أحد سوى شادي فأبعدته حتى عن طفلتها لكي لا يتدخل فضول الطفلة وتمتد يدها الى الظرف وتفتحه
كنت أراقب فاطمة وردود أفعالها وعندما رأيت الظرف فوق رف المكتبة ورأيت سمكه أدركت أن به صور, من السهل استنتاج من صاحبها
لكن التصرفات الغريبة كثرت هذه الأيام, فلم تعد فاطمة ترد على هاتف البيت, وكلما رن جرس الهاتف تطلب منى أو من شادي الرد وتتعلل بكل العلل الممكنة حتى لا تلمس سماعة الهاتف
الا لو كان المتصل أباها أو إحدى أخواتها
أما جوالها الشخصي فقد اختفى تماما وكلما سألناها عنه تقول معطل, واذا ما طلبه شادي منها ليصلحه ترد بأنها وضعته في مكان ما ونسيت
الحقيقة أن أمر الصور والأفلام لم يعد هو مصدر قلقنا الرئيسي
بل تصرفات فاطمة التي جعلتنا على آتون مشتعل من الترقب والحذر
كانت تبدو كما لو كانت تخفي شيء ما أو تستعد لشيء نجهله
لم يكن من الممكن أن نتقبل كل تلك التصرفات الغريبة منها كأفعال عادية أو مصادفات لا رابط بينها
كما لا يمكن تصور أن انسانة بذكاء فاطمة تتحول فجأة الى عمياء صماء عن كل ما يدور حولها
أما شادي فلم يعد قادر على التحمل بعد أن احترقت أعصابه تماما
أصبح شديد العصبية لأتفه الأسباب ولم يعد يلاعب صغيرته كالسابق, فقط يعود من عمله ويتناول طعامه معنا أو يدعي ذلك ثم يختفي في غرفته
وأنا وفاطمة نتجنب الحديث معا بمشاهدة التلفاز أو بملاعبة الصغيرة لتعويضها بعض الشيء عن افتقادها لحنان أبيها
كانت فاطمة صبورة وحليمة لأبعد مدى, تمتص عصبيته بعقلها وهدوءها, وتزيد من جرعات الحنان والود والتدليل
كانت تبدو أمامنا سعيدة
أما شادي فقد وصل الى حافة الجنون
قاسى أسبوعين مريرين من هجوم شرس لا ينتهي وهو عاجز تماما عن صده
حتى فاجأته فاطمة بمفاجأة جديدة أربكته تماما
قامت فاطمة بدعوة أمه وأخته وعريسها لحفل عشاء منزلي على شرف العروسان
الغريب أن رشا قبلت الدعوة, والأغرب أن الأم أيضا قبلت
أفكر أنها قبلت لرغبة قوية بداخلها لإعادة العلاقة بينها وبين شادي بعد أن خلت الدنيا من حولها وغادر ابني البيت ورفض العودة
الحقيقة لم أكن مستسيغا أن يتم كل هذا دون أن يعلم شادي أو يكون مفاجأة له كما أخبرتني
لكنها كانت تخشى أن يرفض
والمفاجأة الحقة لي أنها طلبت منى أن أتصل بابني وأدعوه للعشاء ودون أن أخبره أن زوجته ستكون موجودة
وبعد الحاح كبير منها عجزت عن الوقوف أمامه, اتصلت به, في البداية اعترض, وكاد يرفض, ولكنني أقنعته أن شادي تغير
ويبدو أن ما أثر فيه حقا هو أنه شعر أنني أعيش سعيدا مستقرا في بيت حفيدي وأننى على وفاق تام مع زوجته, لذلك قبل أخيرا
وبعد كل تلك المفاجآت كان على أن أسألها لم تفعل كل هذا؟
أجابتني بإجابة زادت من حيرتي وشكوكي, فقد قالت : أكره أن يجلس شادي هكذا خالي البال بعيدا عن كل ما يخص عائلته
يجب أن يبقى عقله مشغول باستمرار بعائلته ويحمل بعضا من واجباته التي يتجنبها
عبارتها لم تريحني, ولا الطريقة التي قالتها بها
ويوما بعد يوم يتأكد لي أنها تدري شيئا, أو أشياء كثيرة وتكتمها بداخلها
ويوم العشاء المنتظر عندما عاد شادي من عمله وجاءني في غرفتي وأخبرته بما أعدت فاطمة كما طلبت مني, ثار بشدة إذ كيف لزوجته ألا تسأله أولا قبل أن تفعل هذا
خرج من عندي ثائرا الى المطبخ وجريت خلفه خشية أن يرتكب حماقة قد نندم عليها جميعا
ولكن بمجرد أن وقعت عيناه عليها وهي تبتسم تلك الابتسامة الدافئة التي امتلأت بها كل ملامحها وتقول برقة هائلة : شادي, حبيبي, متى عدت من العمل؟ لم أسمع صوت مفتاحك يدور في الباب وأنا هنا في المطبخ
رأيت بعيني الأسد الثائر الغاضب وهو يتحول الى قط هادئ وديع أمام تلك المخلوقة الجميلة قلبا وقالبا
كانت تتحدث اليه بمرح كبير وتبدي سعادتها البالغة بذلك العشاء الذي سيجمع شمل العائلة من جديد
ورأيتها وهي تسحبه من يده كطفل صغير لتختار له ما سيلبسه الليلة, وهو هادئ تماما صامت يعجز عن معارضتها
وهذا ما لاحظته بالفعل من بعد مولد نور, لقد تحول شادي الى عبد لها, فلا يمكن أن تطلب منه طلبا مهما كان ويرفضه , كما لا يمكن أن يصرخ في وجهها أو يؤذيها بكلمة
أما هي فلم تستغل أبدا حبه الشديد وانقياده لها, بل كانت تمنحه الاحترام الكامل والطاعة اللا محدودة
ولولا ما يحاك حولهما من مؤامرات وخوف شادي من أن تعرف بما فعله أو ترى الصور والأفلام لصار أسعد زوج في العالم
..............................................

روايه فاطمه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن