الحلقه الثانيه

4.4K 137 1
                                    

بسم الله
الحلقه رقم(2) من روايه فاطمه

....................................
خرجت وأنا لا أكاد أتبين طريقي من كثرة الغل والغضب الذي استولى على فمن أردت كسرها عصية على الكسر, وأنفها لازال شامخا كنت أتصور أنها ستتوسل لى لأرحمها وأعتق أهلها من ديونهم, أو حتى ترجوني لتأجيل موعد سداد الدين حتى تستطيع تدبير المال الكافي لكنها فاقت كل توقعاتي, ولازالت مصرة على إهانتي إن ما حدث لي اليوم على يديها لم يحدث لي في حياتي كلها

ذهبت إلى النادي, واستدعيت الشلة كلها بالجوال تامر ورأفت ووليد
لم يعتذر أي منهم, كان يكفي أن يسمعوا صوتي المنفعل ليعرفوا أن خطب جلل قد حدث
قررت السباحة حتى لا أضطر لانتظارهم وحدي دون فعل شيء فأقتل نفسي أو أحد آخر
وظننت أن السباحة قد تهدئ من ثورة غضبي ونقمتي, لكن هيهات أخيرا حضروا وجلست معهم حول إحدى الطاولات الموضوعة حول حمام السباحة وسكبت أمامهم كل ما حدث لي قبل أن تتفجر عروقي من الغيظ, فقد كانت النار تقتات في عقلي, وبعد أن حكيت لهم كل شئ قلت : لا أدري ما الذي يمكن أن يكسر مخلوقة كتلك لا شيء يؤثر فيها لا شيء حتى يخيفها
قال تامر بحمية : يمكننا أن نذهب إلى المحل ونجعله ركاما, وبهذا تكون قد كدت لها وانتقمت منها قلت ساخرا : ويذهب كل ما صرفته لشراء ديون المحل إلى الضياع
وليد : حقا, إن البضاعة التي في المحل هى الضمان الوحيد لاسترداد مالك
قلت : وليت ذلك يشفي غليلي
التفت تامر لرأفت : ها يا عبقري, لم نسمع لك صوتا من أول الجلسة
رأفت بتفكير : أتدرى ما الذي يشغلني حقا, كيف لفتاة بمثل هذه القوة والتحدي, فتاة لا تخشى شيئا كيف تخفي وجهها عن الناس, وأي وجه تحمل خلف نقابها!
وكأن كلمات رأفت قد أيقظت فضولا كامنا في أعماقي, أي شيء يقبع خلف نقاب تلك المرأة
أخذت أحاول أن أتخيل ملامحها ومع كل دقيقة تمر كان فضولي يزداد, وتؤججه رغبتي في الانتقام كشخص يجهل ملامح عدوه
قال تامر : كيف لم أفكر في تلك المسألة من قبل, لا شك أن رؤية وجهها هو في حد ذاته انتصار, عندها ستكون قد أجبرتها على شيء ترفضه
كلمات تامر كانت تفعل في عقلي الأفاعيل, وأخذت الفكرة تتردد في عقلي بقوة
فرؤية وجهها رغما عنها قد تكون جزء من انتقامي, أو قد تشفي بعضا من غليلي : ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟
رد تامر بحماس : يمكننا أن نذهب كلنا إلى المحل ونقيدها ونكشف النقاب عن وجهها بالقوة
رأفت ساخرا: هكذا دأبك, مجنون دائما ومندفع ولا تقدر عواقب الأمور
إذا فعلنا هذا فسنلبس تهمة لا حل لها, أو ستستعين علينا برجال منطقتها, وعندها سنأكل علقة ساخنة وقد لا ننجو منهم
تامر ساخرا : وماذا تقترح أنت أيها العبقري؟
قال ببساطة: يمكنك أن تعرض عليها مالا, أو حتى تعرض عليها عرضا لا تستطيع رفضه
فلتساومها على ديونها, يمكنك مثلا أن تتنازل عن جزء من ديونك مقابل نظرة واحدة إلى وجهها
قال وليد ساخرا : تتحدثون بسذاجة منقطعة النظير, فهذا النوع من النساء لا يمكن كشف وجهه إلا في الحلال
تامر بانفعال : ما هذا الجنون الذي تقوله!
وليد : أعني بعقد زواج شرعي
المال لن يجدي معها, لقد رفضته من البداية, رفضت حتى الخضوع لتهديدك بالسجن وتشريد أسرتها, فلا تتوقع الآن أن توافق على اقتراح رأفت الساذج
قال تامر بانفعال : أتريده أن يتزوج من تلك المرأة, لا شك أنك مجنون
قال وليد : اطمئن, فهي لن توافق أبدا على ذلك, فشادي بالنسبة لها من الفسقة المرتدين
لقد أغلقت من كل جهة مثل لعبة الدومينو, وعليك أن تبحث عن طريقة لاسترداد مالك الذي دفعته حتى لا تكون الخسارة مزدوجة كنت صامتا تماما والأفكار تتردد من حولي على ألسنة أفراد الشلة, ولأنني لم أتوصل بعد إلى حل فقد بقيت صامتا وظلت الأفكار والكلمات تدور في رأسي في تلك الليلة وأعجزتني عن النوم حتى الصباح حتى قررت أخيرا أن أدمج بين فكرتي رأفت ووليد وفي نفس اليوم كنت عندها في المحل, وقلت لها بسرعة قبل أن تنفجر ثورتها في وجهي : لقد أتيت اليوم مهادنا, لا أدري حقا ما الذي أشعل الحرب بيننا بهذه الطريقة, لقد أتيت اليوم لأصلح الأمور
قالت ساخرة: أهي خدعة جديدة أتيت بها
قلت بجدية : لا ولكني أتيت لأعرض عليك عرضا محددا
ما رأيك أن تتزوجيني؟
قالت بصدمة : ماذا! إذا فهي لعبة جديدة كما توقعت
قلت بحزم : لا ألعاب ولا خدع, أنا أعرض عليك زواجا شرعيا على سنة الله ورسوله
قالت بشك: أتعتقد أنني من السذاجة لأصدق ما تقوله؟
أمس تهددني بالسجن والتشريد, واليوم تعرض على الزواج!
قلت بجدية: لقد قدمت عرضي, وأمامك مهلة للتفكير فكري جيدا وتذكري أننا عندما نتزوج فسيكون مالي هو مالك, ولن أطالبك بسداد ديونك, بل ربما محوت الديون كلها وجعلتها مهرا لكي وقد أساعدك في إقامة تجارتك من عثرتها
كانت صامته تماما من المفاجأة حتى أنهيت كلامي, فقالت بريبة: لم تفعل كل هذا؟ ما الذي ستستفيده؟
أنت لا تعرفني, لم ترى حتى وجهي, فما هى أهدافك الخفية من كل هذا حاولت السيطرة على أعصابي المشتعلة حتى لا أنفجر وأفسد العملية برمتها وقلت بهدوء : أنتي تسيئين الظن بي كثيرا
قالت بتهكم : أتريد أن تقنعني أن شاب مثلك ومن وسطك الإجتماعي يريد أن يتزوجني قبل حتي أن يرى وجهي!
قلت ببرود : ولم لا
قالت بحدة : إن هذا الكلام لا يمكن أن يدخل عقلي أبدا, ولا يمكن أن أصدق أن أهدافك من هذا الزواج نبيلة أمسكت أعصابي في آخر لحظة قبل أن أصرخ في وجهها وأسبها بأقذع الشتائم
قلت بعد أن غلفت كلماتي بالثلوج : إذا ما الذي يدفعني لذلك في رأيك؟
قالت بتفكير : إن ما يتبادر لذهني من غايات للأسف ليست نبيلة أبدا
لا أستطيع أن أجد سببا واحدا يبرر عرضك سوى رغبتك في تحطيمي وإذلالي وكسر أنفي
وأولى خطواتك نحو تحطيم شخصيتي هو اجبارى على فعل ما لا أريد وهو كشف وجهي, حتى لو دفعت في سبيل ذلك زيجة لن تدوم أكثر من عدة أيام على أكثر الفروض
صدمني ذكاؤها الذي لم أكن أتخيل إلى أين يمكن أن يصل
فقلت مدعيا الهدوء رغم توتري الذي فاق حد الاحتمال : إن فكرتك عني سيئة للغاية, أنا أتحدث عن زواج رسمي عند المأذون إن رفضك هو الغير مبرر, وخاصة وأنكي ستكسبين مكاسب ما كنتي لتحلمي بها ستحتفظين بالمحل, وتختفي ديونك كأن لم تكن, سيكون هذا هو مهرك
فكرى جيدا, فالفرصة لا تأتي للإنسان سوى مرة واحدة فقط
سأعود غدا لأعرف ردك, فإن وافقتى, سأذهب مباشرة لخطبتك من أبيكى
لأول مرة أخرج من هذا المكان بلا طرد, لقد تركتها حائرة مشتتة وهذا في حد ذاته نصر شفى بعضا من غليلي لم أكن واثق من موافقتها, ففتاة مثلها مفاجأتها لا تنتهي
فتاة!!
ترى ما شكلها وكيف هي ملامحها؟ ولم تغطى وجهها بهذه الطريقة الغريبة؟
لا شك أنها قبيحة, فأي امرأة جميلة لا يمكن أن تخفى جمالها وتصبح في عيون الناس شبحا مرعبا أحسست أنني تسرعت وأن قدمي زلت في كارثة قد لا أستطيع الخلاص منها
ولكن عنادها استثارني من جديد وانشغل عقلي بما سأفعله ان لم توافق على الزواج
ان هذا هو الحل الوحيد الذي يترائي لي الآن للسيطرة على ذلك الكائن العنيد المتوحش
بقيت مؤرقا أفكر حتى الصباح, وفى اليوم التالي شعرت لأول مرة بالتردد أمام باب المحل
كان مغلقا للصلاة, وجلست في سيارتي على نار الانتظار, وأكثر من مرة راودتني فكرة الرحيل, أو الهرب من تلك العروس المقلب ولكنني لم أرحل وأخيرا وجدتها تفتح باب المحل بنفسها وتدخل ترددت كثيرا قبل أن أستجمع شجاعتي وأفتح باب السيارة وأدخل إلى المحل

روايه فاطمه حيث تعيش القصص. اكتشف الآن