فى مدينه دمياط الجديدة
فى مستشفى الأمراض النفسيه
تجلس فتاه جميلة على فراشها وهى تضم ساقيها إليها وتحتضن نفسها بذراعيها كأنها تطمئن نفسها ودموعها تتساقط من عينيها واحده تلو الأخرى وهى تتذكر كل ما مرت به فى حياتها عفوا فى جحيمها! كما تسميها، هى فتاه جميله ذات شعر اشقر وبشره ناصعه البياض وعينيها بنيه وطويلة القامه نوعا ما ذات جسد نحيف، لكن يبهت على جمالها حزنها الشديد الذى يبدو بوضوح على مظهرها مما يجعلها تبدو بمظهر اكبر من عمرها وهى تمكث فى هذه المستشفى من حوالى ستة أشهر تقريبا مصنفه لدى الأطباء بأنها حاله ميؤس منها لرفضها التحدث مع اى احد حتى شك الأطباء فى انها بكماء لا تتحدث فدائما صامته وتنظر فى نقطه ما فى الفراغ بشرود وتتجاهل كل من حولها فيأس كل الأطباء منها حتى رشحوا طبيب ليعالجها وكان هذا الطبيب بنسبه لهم املهم الاخير
..............................
-واحده واحده كده عليا وقول كده تانى
هتف بها الطبيب مالك وهو يعقد حاجبه بعدم فهم فأجابه مدير المستشفى دكتور جمال بنبره عمليه
جمال/البنت دى من سنه ونص عربيه خبطتها ودخلت فى غيبوبه فضلت فى الغيبوبه دى سنه كانت فى الغيبوبه رافضه جميع انواع العلاج كأنها بتهرب من الواقع ولما فاقت كل اللى كانت بتعمله انها كانت بتقعد على السرير وبتعيط وحضنه نفسها بايدها ورفضه تتكلم نهائى ودكاتره كتير حاولو معاها فى انها تتكلم وهى مطنشه اى حد يحاول يتكلم معاها وكانها مش شيفاه اصلا فأنت اخر امل لينا يا دكتور مالك ياريت تحاول معاها انت بسم الله ما شاء الله عالجت حالات كتير وان شاء الله تقدر تعالج البنت دى كمان
مالك مبتسما/ان شاء الله يا دكتور جمال اقدر اعالجها
جمال وهو ينهض عن مقعده /طب اتفضل خلينى اوريك اوضتها
مالك مستفهما/طب بس الاول هى اسمها ايه
جمال /حتى دى مقلتهاش وكمان لما العربيه خبطتها مكنش معاها اى حاجه فمعرفناش هويتها للأسف بس.......
مالك وهو يضيق عينيه/بس ايه
جمال ببرود /الدكاتره والممرضين هنا مسمينها "جنون" وبيندوها بالاسم ده
مالك بدهشه/ايه ده يا دكتور جمال انت متعرفش ان اسم زى ده ممكن يجى عليها بالعكس ونفسيتها تبقى اسواء
جمال بلا مبالاه/انا نبهت عليهم محدش يناديها بالاسم ده، وده اللى قدرت اعمله
مالك بهدوء/طب اتفضل معايا يا دكتور جمال ورينى اوضتها وانا هعرف أزى احببها فى الاسم اللى طلع عليها ده
خرج جمال و ورأه مالك من غرفه المكتب و سارو قليلا من الوقت حتى وقف جمال أمام احدى الغرف واشار لمالك بيده على أنها الغرفه المقصوده
جمال وهو ينوى الرحيل/هى دى الاوضه يا دكتور مالك اسيبك بقا مع مرضتك
ثم ربط جمال على كتف مالك وغادر عائدا مجددا إلى مكتبه
..................................
وقف مالك يتأمل باب الغرفه قليلا من الوقت وسما بالله وفتح باب الغرفه بعد أن دق الباب ودلف إلى الداخل وأغلق الباب خلفه فعلى وجهه سريعا علامة الدهشه وهو يجد فتاة جميله تنظر أمامها بشرود وهى ترتدى الزى الرسمى للمرضى و شعرها الأشقر الجميل ينسدل بحريه على ظهرها، فكان كل ما يدور برأسه كيف لتلك الملكه بأن تكون مريضه نفسيه كيف لتلك الحريه ان تكون حزينه لهذه الدرجه ما الذى حدث لها فى حياتها لتكون هكذا ما الذى حدث ليستحق كل هذا الحزن،اقترب مالك منها وجلس على الكرسى المجاور لفراشها ورسم على وجهه ابتسامه جميلة
مالك مازحا/بقولك ايه يا انسه كان فى هنا واحده بيقولو عليها مريضه وعوزنى اعالجها بس بصراحه انا مش لاقى غيرك فى الاوضه ما هو مش معقول انتى"جنون"
اشاحت "جنون" برأسها إلى الاتجاه الاخر لتبين له انه ضيف غير مرغوب به وكأنه نكره، فابتسم مالك على حركتها تلك وكاد ان يعاود الحديث معاها لكن قطعه اقتحام إحدى الممرضات الغرفه وهى تتنهد بنفاذ صبر وهى تحمل فى يدها صنيه الطعام ولم تلاحظ وجود مالك
الممرضه وتركيزها منصب على صنيه الطعام/يلا يا جنون معاد الاكل انا عاوزه ارجع القيكى نسفاه والا هرجع اخده ومنتيش دايقه اكل فى نهارك
شهقت بفزع عندما وقعت عينيها على مالك بالغرفة فانزلت رأسها باحترام له وهتفت باسف
الممرضه باسف/اسفه يا دكتور انا مكنتش اعرف ان حضرتك هنا
مالك بهدوء مصطنع/حصل خير بس بعد اذنك بعد كده ابقى خبطى قبل ما تدخولى هى مش وكاله اديها شويه خصوصيه
الممرضه بحرج وهى تضع صنية الطعام على الكمود
بجوار جنون/حاضر يا دكتور وانا بجد اسفه مره تانيه
مالك بلا مبالاه/اعتذارك مش ليا اعتذرى ليها
الممرضه بقتضاب/اعتذر لمين يا دكتور دى واحده مجنونه وخرسه وعقلها مفوت
مالك بغضب/والله ما فى حد مجنون الا انتى وامثالك المريضه اللى عاوزين تتعالجو انتو اللى ناس تافهه ومعندكمش حاجه فى حياتكم تشغلكم ولا عمركم مريتو بمشاكل كبيره عشان تفهموا المرضى النفسيين بيحسو بأيه يلا حالا اعتذرى واطلعى بره ومعتش تيجى هنا اوضتها تانى واكلها يجيلى وانا هجى اجبهولها والا معتيش هتخشى المستشفى دى تانى
الممرضه بخوف وهى تنظر لجنون/لا وعلى ايه حاضر هبقى اجبلك أكلها، انا اسفه يا "جنون"
ثم هرولت بسرعه خارج الغرفه وهى تغلق الباب خلفها، كل هذا وجنون تنظر بنقطه ما بالفراغ غير مهتمه بكل ما يدور حولها حتى فجأه وجدت مالك يجلس بركبتيه على الأرض وينظر إلى وجهها الذى كان يتطلع إلى الأرض بشرود وهو يرسم ابتسامه ساحره على وجهه جعلت من وجهها يتحول من جموده إلى توتر شديد ظهر على وجهها
مالك مبتسما/كده الجلسه خلصت يا "جنون" انا حبيت بس النهارده اجى اشوفك واقولك انك لو عاوزه تندهى عليا ممكن تقوليلى يا "مسجون"
فتحت فمها ببلاهه مما يتفوه به هذا الطبيب الاحمق كما اسمته فى عقلها ايتلاعب بها الان بينما علت ابتسامه اكتر اشرقا على وجه مالك عندما وجد تأثير حديثه عليها وهذا ما اراده فاكمل
مالك موضحا/قصدى يعنى ان أسمى هيبقا "مسجون" ومش هقولك أسمى الحقيقى لحد ما اعرف اسمك انتى الحقيقى ما هى الحياه ماشيه كده سلم واستلم ولا ايه، قولت حاجه غلط؟
قابلت هى كلامه بصمت حتى هتف هو بتفكير
مالك بمرح طفولى/اصدقى حلو الاسمين دول، "مسجون وجنون"هههه والله انا اعبط دكتور ممكن تشوفيه فى حياتك وممكن تقولى عليا مجنون كمان
دفست جنون رأسها بين ركبتيها رافضه تماما التجاوب معه أو اشعاره بوجود امل فى علاجها، فابتسم مالك عفويًا على حركتها تلك ونهض من على ركبتيه وهو يلوح لها بذراعيه وهو يبتسم ببلاهه
مالك بضحك/يلا باى بقا يا جنون عشان متزهقيش منى ويارب ابقا ضيف خفيف عليكى ومتسترخمنيش، وافتكرى أسمى عشان هتشوفينى كتير أسمى "مسجون"
ثم اقترب من باب الغرف ونظر لها نظره اخيره وغادر، فرفعت رأسها من بين ركبتيها وهى تنظر فى اثره بتعجب من هذا الطبيب الاحمق ومن الأحمق الذى عينه طبيبا قالت هذا فى نفسها وهى تتذكر تفاصيل حديثه قبل أن تعود بذكرياتها الى ما حدث لها قبل الحادث لتعود مره اخرى إلى اكتأبها
..............................
فى مدينه الاسكندريه فى المساء
جلس مالك امام البحر وحيدا وهو يراقب امواجه المتلاطمه وابتسامه جميلة تعلو وجهه فهو يحب البحر كثيرا لكنه يحب بحر اسكندريه اكثر لا يعرف لماذا لكنه عندما يشعر بالاجهاد او التعب او الحزن او عندما يريد الابتعاد عن الناس يأتى إلى الاسكندرية خصيصا من اجل بحرها، كان شاردا تماما حتى وجد احدا ما يضع يده على كتفه فالتفت اليه
مالك بتعجب/نعم
الرجل بصدمه/مازن يخرب بيتك انت حلقت دقنك امته
مالك بستغراب/نعم!
الرجل وهو يعانق مالك /انت لسه هتقول نعم ومش نعم بالحضن يا راجل
ابتعد مالك عن الرجل بهدوء
مالك بهدوء /هو حضرتك تعرفنى
الرجل بتعجب/فى ايه يا مازن انت سخن؟
مالك باسف/انا اسف بس انا مسميش مازن شكلك تعرف حد شبهى فبعد اذنك
ثم ذهب مالك وركب سيارته عائدا الى دمياط الجديده والرجل واقف مكانه مذهول وضرب يدا بيد وهو يتمتم
الرجل بستغراب/الواد مازن ده ماله..... يتبع في الفصل الثانى
أنت تقرأ
مسجون وجنون
Short Storyرواية اجتماعيه رومانسيه تتحدث عن فتاة قست عليها الحياة لتختفى عائلتها واحدا تلو الاخر ومعهم الشخص الذى كانت تظن انه شريك حياتها لينتهى بها الامر بمستشفى الأمراض النفسيه ليأتى هو وينير حياتها بالبهجه والسعاده التى افتقدتها بعفويته ومرحه وطيبته وهى كذ...