باب المحيط

282 16 11
                                    

يوم غائم منذ الصباح ، الفتى بالطبع نائم او غارق بعالمه لا احد حقاً يعلم بما يدور داخل عقله...

اما عن الشاب فهو نهض متأخراً قليلا، لقد قضى وقت طويل يفكر بشأن الفتى

هل يجب ان يجبره على زيارة طبيب نفسى ام يستمر بالتعامل معه بنفسه!

ايضا كان يشعر بالذنب النظر للوى كافى ليشعره بالذنب و الاسف

انعزاله، خربشاته على الجدار، اصابعة و اظافره المدماه، عيناه المائية، جسدة الضعيف..كل شئ به كان مؤسف و مذنب ؛



هارى تنهد واضعاً كتبة بحقيبته حدق بغرفة الفتى المفتوحه قليلاً و مشي نحوها فتح الباب بالكامل و القى نظرة بالداخل ،الاغطية كانت بحالة من العشوائية و السرير فارغ لذا فكر هارى بالتأكيد هو فى الحمام الذى كان بالفعل ضوءه يعمل و بابه مغلق، لذا تحرك هارى للشرفة و اغلقها جيدا بالباب الزجاجى ذو الستائر الثقيلة نظراً لان الجو بارد...

عاد ليأخذ حقيبتة و مظلته و خرج من الشقة متوجه للجامعه حيث كان لدية محاضرات متأخرة.

فى جانب آخر لوي كان غارق فى افكارة 'الشعور بأنه شخص بلا قيمه لا احد يفهمه لكن هو يفهمهم بل يستطيع رؤية كل تعبير يظهر على وجوههم حتى و ان كان غير ملحوظ يراهم.. يرى تلك النظره بأعينهم بأنه غريب الاطوار الصامت الذى يجب ان يتجنبوه، المختل الذى يمكنه فجأة الهجوم عليهم و ايذائهم او قتلهم! بأنه الشخص الذى لم يتلقى عطف و حنان كافى حتى يكون انسان سوي سليم الفكر، الشخص الذى بكل الاحوال يجب تجنبه و الابتعاد عنه .. يرى خوفهم منه، كل هذا هو يستطيع رؤيتة من نظراتهم

لكن بحق ما المخيف جدا به؟ هم المخيفون و هو من يخاف منهم ،البشر اكثر شئ مخيف هنا..

خزلان، كسر القلوب، تحطيم المشاعر، هجر ، جفا، تجاهل، جرح، قسوة، قهر، ذل، ابتزاز ...

الى مالا نهايه العديد و العديد من الصفات البشرية التى كافيه بنشر الذعر بكامل جسده

اهتز جسده برعشة اثر البرد الذى تخلل عظامه و السماء التى اصبحت قاتمه و توشك على الانهيار فى اى لحظة، نظر لملابسة التى عباره عن تيشرت رمادى بأكمام طويلة كان بخف الورقة "بلا قيمة تماماً مثل صاحبه" تمتم الفتى لنفسه مبتسماً بسخريه لتلك الحاله...

نهض واقفاٌ حيث كان ضامأ جسده فى الزاوية  على ارضية الشرفة !

توجه للباب الزجاجى الذى كان بعيد قليلا عن مكان جلوسه، دفع الباب بيده لكنه لا يستجيب!

حاول دفعه مره بعد مره و لم يفتح الباب، حدق بالزجاج الشفاف لكنه لم يتمكن من رؤيه داخل الغرفة بسبب الستائر الثقيلة التى تمنع الرؤيه ،تذكر هارى و تصور سناريو ما حدث بعقله..

ضحك بشدة تلك الضحكه التى تغمض فيها عيناه، ضحكة صاخبه تحولت فجأة لصرخه مكبوتة عندما شعر بالعجز و الوحده ..


عاد يجلس مكانه ماسحاً دموعاً على وجه لا يعلم متى ظهرت ،ظل هادئاً تماماً ينظر للسماء و يراقب تتطورها حتى اعلنت انهيارها ابتسم بضياع حينما انهمرت السماء بامطار شديدة 

"كأن السماء باب المحيط و الباب انفتح فجأة صادماً للمحيط الذى كان يحتمى به ..لقد خزله و تخلى عنه" همس ببحه يتخيل ما نطق به يتجسد امامه حقيقة ملموسه !

نهض و وقف قرب سور الشرفه يمد يده بالهواء و ينظر لاعلى للامطار و هى تغادر مسكنها الآمن ،همس لها ببحه باكيه "انا اسف" و كأنه ذنبه عن تخيله القابع فى عقله..

ظل على هذا الحال لمدة طويلة مدة لم يشعر بها ابداً كأنه انفصل عن الواقع و الزمن ، ابتل تماماً من شعره حتى اسفل قدماه التى تقف على انش من الماء الذى ملئ ارضية الشرفه،

برق اضاء السماء و صوت الرعد ضرب اذنة لينتفض عائداً للخلف حيث استند ضد الباب الزجاجى ينظر للسماء بضياع و عينان تهتزان بخوف و هزيان "كل الاشياء الجميلة مخيفة"

ضرب البرق فى الجو مره آخرى ليسد الفتى اذناه بيده، جسده يرتجف بالكامل و الافكار المخيفة بدأت تتجسد امامه ليغمض عيناه بشده هامساً بداخله 'لا شئ حقيقى لا شئ حقيقى هارى سيأتى الان و تختفون' كررها عدة مرات حتى انفتح الباب الزجاجى من خلفه و يدان دافئة تلتف حوله و تجره للداخل، 

الفتى ابتسم لان صاحب اليدان اتى بالفعل و استجاب لنداءه، هارى كان فى حالة هلع لقد اتى منذ دقائق و ذهب يتفقد لوي و الذى لم يكن له وجود بالشقة و عندها اتت الفكرة المستحيلة لهارى بأنه حبس لوى بالشرفه فى هذا الجو! و هرع يفتح باب الشرفة المغطى بالستائر الثقيلة ليهوى الفتى للخلف بحاله تسبب الهلع له

جره الشاب للداخل و اغلق الشرفه خلفة، الشاب ضاعت افكاره و بالكاد فكر بشئ يفيد

حمل الفتى للحمام و وضعة بماء دافئ يذيب البرد الذى تعرض له، بعدها جففه و لفه بالكامل بالمنشفة الكبيرة و اسند رجفته حتى جلسه على السرير و التفت للخزانه يخرج ملابس جافه للفتى،

حينما عاد بالملابس فى يده كان لوى مازال يرتجف يمسك اطراف المنشفة بأصابعه المزرقه عند صدره ،الشاب برفق جعله يرتدى ملابسه الجافه و اخذ يدثره بالاغطية ..

الابتسامه المرهقة لازالت تعتلي وجه الفتى يراقب بأعين شبه مفتوحه تحركات هارى حوله، حتى جلس الشاب بجانبه يناظره بذنب يأكله "اسف .. اسف لوى انا حقا لم انتبه لك لم اراك و انا.. ظننتك بالحمام ..كان النور مضاء و.." بضياع كان هارى يبرر اسفه للفتى الذى قاطعة ببحته و شفاه قاتمه مرتعشة "لا بأس.. لا تكن أسف"

هارى بهدوء تحسس جبهة الفتى التى كانت حارة بالفعل و هو فزع من هذا و فورا ذهب يحضر دواء خافض للحرارة و مستلزمات الكمادات الباردة و تناوب فى معالجه الفتى المكسور.

لوى عكس يقظتة الهادئة فهو استمر بالتحدث دون وعي كالثمل تماماً كانت همسات متعثرة لكن هارى استطاع سماع بعضها و كلها كانت من ما يدور بخيال الفتى .. 






.
.
.
.
.
.
.

يتبع..

ارتجاف | L.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن