(سماح )
قبل اسبوعين اخبرتني امي ان سامرَ متزوجٌ من ثلاثة اعوام ورُزِقَ بطفل .... ولكنني فضلت ان لا اخبرها .. و وددت أن اراها مصعوقةً ومحرجة بذات الوقت ... استلذذت بخيبة املها ... وبقلبها المفطور في تلك اللحظة ...سلّمتْ سهيرٌ على أم سامر وزوجته ... وبدأت تبتسم ابتسامةً زائفة وبعينها دمعة معلقة ... لم تنبس بحرفٍ واحد طوال السهرة ... كانت مختلفة جداً .. وكأن الهدوء تلَّبسها فجأة ... ثم اعتذرت عن البقاء بعد العشاء مباشرة ثم دخلت غرفتها ... أما سامر فلم يتوقف عن الحديث ... عن عمله في الأردن ... وكيف تعرف على زوجته ... وكيف تأخروا بالإنجاب ... والغريب انه لم يلقِ بالاً لسهير على الإطلاق...
لم تُطل عائلة سامر المكوث طويلاً بعد العشاء... وبعد ان نظفتُ الاواني في المطبخ .. دخلتُ الى غرفتنا ووجدت سهير منهارةً فوق السرير ... أردت اغاظتها لكنني لم اظنُّ قط بأنها سترتمي باكية في احضان السرير ...
سماح: سهير لك ليه عم بتبكي؟!
رفعت رأسها المدفون في اعماق الوسادة ورمقتني بنظرةِ عتاب لن انساها ما حييت ..
تقدمتُ نحوها وجلست على طرف سريرها ووضعت يدي على كتفها قائلة : بحياة الله سهير ... ليه مكبرة الموضوع؟!
سهير رفعت رأسها وقالت : عفكرة أنا ما شفت أحقر منك بنوب !!
تلعثمتُ لحظتها لكني تسائلت :ليه بتقولي هيك ؟
جلست سهير على سريرها وبدأت بالتصفيق وقالت : براڤووو ... عمليهن حراكاتك عليّ ... قال يعني انا مسكينة ... بس إللي مو فاهمته لهلأ انتي ليه بتكرهيني ؟!
كلماتها اتت كالصاعقة على رأسي ...انا لا اكرهها .... أنا ربما أحسدها ... لكنني لا اكرهها ابداً ..سهير هي الفتاة المدللةُ بهذا المنزل اما انا الأخت الصغرى و التي يجب ان أُدلل ... أضحيتُ خادمة المنزل ..
نحن اختين مع شابٍ وحيد هاجر إلى المانيا بعد احداث الازمة في سوريا ... وطلب أن نهاجرَ معه لكنَّ امي رفضت رفضاً قاطعاً ان تترك البلاد ... مُعلّلةً بأنها لا تستطيع ان تترك بيتها الذي تزوجت وعاشت به منذ ان كانت في الرابعة عشرة من عمرها ... ولا تستطيع ان تترك قبر والدنا ... وان الطريق الى ألمانيا طريقٌ مكللة بالأخطار ... وخصوصا كان السفر إلى المانيا
عبر القوارب وسط الأمواج المتلاطمة ...كنت بالعاشرة من عمري آنذاك ... لكن بعد سفر اخي الوحيد الأوضاع في سوريا ازدادت سوءاً اصوات قذائف الهاون .. والتفجيرات والرشاشات يا الهي ... سنوات عِجاف ... لم استطع ان اكمل دراستي وقتئذٍ ... فضلتُ ان أبقى في المنزل ... لم اكن بشجاعة سهير التي ذهبت الى المدرسة والجامعة وعملت في مجال التمريض ... في ظل القصف والأصوات المرعبة والجرحى والدم والقتلى ...
أنا لا اكرهها ... و إنما احسدها ... .ربما حملتها ذنب جبني أو ذنب شجاعتها ....التي جعلت منها الفتاة المدللة أما أنا الخادمة ..
*********************
(سهير )البارحة كان يوماً مُرهقاً ... كم كنتُ غبية ... شعرتُ بأن سماح تخبئ وراء ابتسامتها الصفراء شيئاً لا يبشر بخير ... كانت تريد إذلالي واحراجي ... اعلم تماماً انها كانت على علمٍ بزواج سامر ... فهي ساعد أمي الايمن وتقضي جميع اوقاتها معها ... كما ان أمي تخبرها بكلِّ شيء ... هذا جُلَّ ما آلمني ... أما زواج سامر فقد كان شيئاً متوقعاً ... خصوصاً بعد غيابه المفاجئ ... وانقطاعهِ غير المُبرر... بعد عامين من التواصل ....
لم افهم لماذا فَعَلَت ذلك !! ... لو اخبرتني لما أُحرِجْت امامهم كل ذلكَ الاحراج ... كنت سأتصرف بطبيعية اكثر وحفظت ماء وجهي ... كنت لن أُحمِّل نفسي اعباء الزيارة كما تحملتها ولا كنت اشتريت فستان اللقاء كما اسميته ... لكنها السبب ... بعد العشاء أنهت كالعادة أعمال المطبخ ... ثمّ اتت إلى الغرفة لِتُمَثِلُ دور الحمل الوديع ... تظنّ بأنني غبية ... ولن الاحظ خطتها لإذلالي ... حاولتْ ان تستعطفني ... ولكني انهيتُ النقاش بسؤالٍ واحد : "لماذا تكرهينني ؟! ".. لم تنبس بكلمة ... وكنت اعلم انها لن تستطع ان تبرر فعلتها ....
استيقظتُ صباح اليوم ... دون ان ابدي لها أيّ اهتمام ... فلم أجبها عندما قالت لي :"صباح الخير " و ذلك لانني قررت .. أن اخاصمها و أن لا اتحدث معها ابداً ...
و لكن عندما خرجت إلى عملي سمعت صوتاً ليس بغريب ينادي باسمي فالتففت إلى الوراء واذ هو سامر ...**********************
أنت تقرأ
حب في زمن الحرب
Romanceكانت ولا تزال تبحث عن الحبّ ...بعد الحرب التي فرقتها عن حبيب الطفولة ... حَلُمت بفارس احلامها بين صفحات الكتب والروايات ... إلى أن احبت شخصاً استثنائياً في ظروفٍ استثنائية .... "سهير هل الحب سرُّ السعادة ... أم بدايةُ ألم ؟؟ " قالها وبعينيه حسرة...