1) *البداية*

174 8 3
                                    

جلس ينظر من الشرفة في تلك الغرفة الواسعة التي ينام بها عشر أطفال من أطفال الميتم . ظل يكتب ما خطر على باله في كتيبه الصغير :

"لن أنساك أبدًا يا أبي .. لن أنسى تعبك وسهرك على راحتي أنا وجيانا مذ توفيت أمي ونحن أطفال . لقد كنت بمثابة الأم والأب لنا .. لا أعلم إن كنت أستطيع النهوض والمواصلة مرة أخرى ، ولكني سأدعو الله دائمًا أن نعود للراحة والسلام .. يبدو أنني أكبر شخص هنا أنا وجيانا ، ولكني أتمنى الخروج من هذا المكان بأي وسيلة فقد سئمت منه .. اشتقت إليكَ يا أبي ! .. "

منذ حوالي ما يقارب ست سنوات وهو يعيش في هذا الميتم هو وأخته التوأم بعد موت والداهما وهما لم يبلغا التاسعة بعد والآن كبرا وسيبلغا سن الخامس عشر عما قريب ولا يزال بهذا الميتم .. بكى كثيرًا ثم أغلق كتيبه واتجه نحو سريره .. بينما هي تتطلع إليه بحزن وإشفاق على حالة أخيها وهي تتمتم بضعف : اشتقنا إليك يا أبي ..
رغم أن فيكتور وجيانا توأم فهما لم يتفقا في أي شئ .. لا الشخصية .. لا الطباع .. ولا حتى الشكل ..
فيكتور كان شخصًا عاقلًا يتصرف بحكمة واتصف بذكائه منذ الصغر .. أما جيانا فهي كانت هادئة وانطوائية جدًا وشخصيتها ضعيفة نوعًا ما .. مجنونة في بعض الأحيان تحب الحياكة بينما هو يحب الكتابة ..
كان لدى فيكتور صديقة منذ الصغر اسمها دانة في مثل سنه .. تزوره كل أسبوع في الميتم وغدًا كان موعد زيارتها له ..
مع شروق الشمس وصفاء السماء وزقزقة العصافير استيقظت جيانا مبكرًا وأمسكت بالإبرة والخيط لتكمل صناعة عروس لها .. رغم أنها لم تعد طفلة ولكن لا أحد يستطيع منعها من حب هذه الأشياء فقد ورثت هذه الصفة من والدتها .. بينما استيقظ فيكتور وهو يستعد لزيارة دانة ..
جيانا : فيكتور ، إلى أين أنت ذاهب ؟

فيكتور : دانة ستأتي اليوم .. ماذا تفعلين ؟

جيانا : أقوم بحياكة عروس جديدة .. ما رأيك ؟

فيكتور : أهاا .. جميل .. حسنًا أنا سأنزل ..

نزل فيكتور ينتظر دانة حتى حل موعد الفطور فنزل جميع الأطفال ليأكلوا .. وبعد أن أكل فيكتور انتظر دانة ثم رآها تدخل وهي تلوح له ..
دانة : مرحبًا فيكتور .. كيف حالك ؟

فيكتور : بخير .. وأنتِ ؟

دانة : أنا بخير .. أحضرت لك بعض الأوراق والأقلام لتكتب كما تريد ..

جلسا يتحدثان سويًا حتى لاحظت دانة شروده وحزنه ..

دانة : فيكتور ما بك ؟

فيكتور : لا أعلم دانة ولكنني سئمت من هذه الحياة الروتينية .. لمَ لا أعود فقط إلى منزلي مع أختي .. نحن لم نعد صغيرين ونستطيع تحمل المسؤلية ..

دانة : فيكتور عليك أن تصبر من أجل أختك فقط .. صدقني ستحل .. أتعلم ؟ خالتي ريبيكا تخبرني أنها تريد أن تكفل جيانا وتتحمل مسؤليتها .. هل ستوافق على ذلك ؟

حياتي مجددًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن