الفصل الثالث :
أنا حلمي مات عشان هزمته والدمع فاض لما كتمته و بعلو صوتى كان نفسى اصرخ لكن عدمته وأنا قلبى كله مليان عويل والجرح نافذ ملوش دواء و لا طبيب
....................
كانت تسير شاردة لم تستوعب ما فعله هل من كان يقف أمامها هو شاهين هل من رفع يده عليها هو حبيبها كيف ذلك شاهين يضربها يسبب لها الآلام كيف له أن يفعلها ثم يذهب بدون أن يبرر لها فعلته ، تقسم أنها تشعر بقلبها ينزف وكأنه غدر بيد عدو وليس حبيب كيف لرجلها أن يفعلها أو ليس هو من وعد من قبل أن يكون حصن منيع أوليس هو من شيد لها ذلك العالم منذ سبع سنوات حين انتصر علي الجميع وكانت هي غنيمته الثمينة كما يقول ويردد دائمًا ، أوليست هي حصاد أيامه فكيف له أن يجلدها ويحطمها هكذا ، أين ذلك العهد اتري أخلى به كما وعوده السابقة مع أخيها شاهين أخلي بالعهد والوعود واهدر الدم وحط كرامتها ومضي ولم ينظر خلفه .
اقتربت من الباب الخارجي لمنزل أبيها فنظرت إلي الغفير الذي يتبعها " عاود يا عوض.. أنا خلاص وصلت "
" حاضر ياست نچاة ، اتمسي بالخير "
قالها الرجل بوقار وهو يغادر، فولجت هي إلى الداخل ثم صعدت إلي الطابق الثاني من السلم الخارجي للبيت ثم وقفت تنظر إلي تلك الحديقة المكشوفة لها من تلك الشرفة وببطء شديد احتضنت بطنها المنتفخ قليلًا بحنان وهمست بحب " سبع سنين يا روح جلبى بدعي الله يوماتي عشان تسكن حشايا. . سبع سنين بموت ونفسي أحس بنبضك مخلتش دواء كتبه الأطبا و لا وصفة جالها عطار عشان بس تكون ويوم ما ربنا يستجيب لجلبى أبقي بَعيدة عنه وبينا دم خالك اللي شميته في يده " تعالت شهقاتها بضعف وهي تتذكر كيف كان جنبها في تلك الفترة لم يستمع لأمه وتلك الأفعى السامة أخته ويتزوج كغيرة من الرجال كان يغضب ويثور حين يتكلمان في ذلك الأمر دائمًا كان معها و بجانبها و بعد كل ذلك يأتي اليوم ليتجبر عليها وينشب العداء والقتال مع أخيها ، مسحت تلك العبرات بسرعة حين استمعت نبرة أخيها الحانية وهو يهمس بحنان " واجفه عندك في الوجت ده ليه يا نچاة وكنتِ فين. بخلجاتك دي "
استدارت له بلهفه وأخذت تتفحص وجهه تحمد الله أنه لم يصبه مكروه تقسم أنها كنت ستموت حقاً فهو لها كل شيء " مفيش يا بدر كنت.. كنت بتمشي شوي ضايق خلجي " ثم قالت بلهف وهي تتفقد يده التي يضعها علي صدرة " إنت كيفك وكيف الجرح... وليه من الأساس وقفت وهملت سريرك "
هو يعلم جيدًا أنها تكذب يعرف جيداً أن نجاة تجيد إخفاء حزنها وجرح قلبها عن الجميع و تتظاهر بتلك القوة الكذبة ولكن هو يعلمهم جميعا يعلم باطنهم قبل ظاهرهم أوليس هو من علمهم ذلك أخفاء ما في الصدور يعلم حقاً كم هذا مؤلم ولكنه مريح ، نظر لها بحنان ثم قال " لازم أجوم يا نچاة إنت عارفه أخوك ميحبش الرجاد والجعاد واصل "
ابتسمت بحب صادق وهي تنظر له ثم همست بتضرع " ربنا يخليك لينا يا تاج راسنا وسندنا "
نظر بعينيها و قال بجدية معتادة عله يخترق حصونها و ينزع عنها ذلك الثبات " سندنك وتاج راسك هو چوزك يا بنت أبوي " وقد نجح عمله فالغضب الذي احتل ملامحها وهي تتذكر فعلته و كلماته ثم وهي تردد بهمس متقطع " جوزي "
" أيوه يا بنت أبوي چوزك إللى إنتِ مهملا بيته، وجاعده اهنه "
كان يتكلم وهو ينظر إليها بينما كنت هي تبعد نظراتها عنه حيث الفضاء تعلم جيدًا لو تقابلت عينيهم ستبوح لبدر بكل شيء فوجدت في الهروب حلًا فقالت بغضب مزعوم " كنك مريدنيش أجعد في بيتك يا بدر "
ابتسم بسخرية أخته تتدعي عليه لتتهرب من ذلك الحديث ولكن هو لها فقال " متتهربيش بحديت ماسخ ملوش عازة يا نچاة "
لا فائدة من كل ما تفعله وستفعله أمام بدر تحديدًا ، فهتفت بحزن شديد " عاوز إيه يا بدر عوزني أعاود لشاهين وأجبل الإهانة من أمه وخيته وهو واجف يتفرج عليا عاوزني أعاود وهو بيحرمني منكم عاوزني أعاود بعد اللي عمله يوم فرحك وأسكت عن دمك جولي يا بدر ترضها ليا يا كبير "
نظر لها يراقب تعابيرها فماذا يستطيع أن يقول لها هو يعلم جيدًا ما تعيشه نجاة في منزل شاهين وخاصة بعد موت فرحة ولكن لا يستطيع أن يهدم حياتها وهو يعلم مقدار حبها لابن عمه و مقدار حبه هو الآخر لها ولكن يجب أن يرد عليها فالأمر الذي يخصه هو وبنبرة وثيقة هتف " أنت اللي اختارتِ تفضلي هناك يا نچاة وأنا وإنت عارفين ليه متجيش تجولي مشجادرة الوجت لا يا بنت أبوي وجولتهالك مليون مرة شاهين مياذيش اللي منه ما بالك الحد ده أنا "
اتسعت عينها بغضب وهي تنظر لبدر ثم هتفت دون وعي منها " شاهين ولد عمك دفن جلبة يوم موت فرحة يا بدر وحلف ليبكي جلبى عليكم شاهين اللي بتجول عليه ده أذاك وأذاني جبل سابج وبيعدها في الوجت ده هو اللي عملها يا كبير شميت في يده ريحت دمك شفتها في عنيه يا بدر "
كان صوتها يكسر السكون من حولهما وهو أمامها ينظر لها بصمت فلأول مرة يري نجاة بهذا الضعف و أول مرة يشعر بتخبطها حقًا فهو دائمًا يرها تلك المرة القوية التى تقف أمام الجميع بشموخ فأين أخته من تلك التى أمامه ولكن هو يعلم من هو شاهين حقاً يعلمه كنفسه وبثبات قالها وهو ينظر إلي عينيها " يبجي لساتك متعرفيش چوزك يا بنت أبوى ارجعي لعجلك يا نچاة وبلاش جلت عجل هتندمي عليه مع الوجت "
وتركها تقف تنظر إلي أثره بثبات وما بداخلها لا يعلمه غير الله قلبها ينبض ويعلن عليها الحرب والعقل عاصي عن التصديق و الروح تائهه في الملكوت تبحث عن سكنها فمن منهم المنتصر
................................................
كان يتابعها بصمت فهو منذُ أن دلف إلي الغرفة وهي تتجنبه و كلما حاول أن يجلب أطراف الحديث معها عبست ملامحها بشدة ولم تجيب يكاد أن يضحك علي أفعالها فهي مازالت طفلة كما أعتاد عليها منذُ الصغر حتي بعد أن أصبحت أم لأطفاله ولكن يعلم جيداً كيف يخرجها عن ذلك الصمت المُقلق له ، تجاهلها وهو يتقدم إلي فراشهما ليزيح تلك الأغطية ليفرد عليها جسده بأريحية فاتسعت عينيها وانكمش حاجبيها بغضب وهي تسرع وتتجه إليه ثم تهتف بغيظ من أفعاله :
" واه يا عبد الرحمن هتنام "
اعتدل ينظر لها يحارب أن لا يضحك ولكنه إن فعل سيتفاقم الغضب الذي لا يعلم مصدره وسوف تعلن عليه الحد و تهجره ولكن بالطبع تلك المرة ليست لغرفة نيران فكانت تذهب إليها لتظل عندها لعدة ليالي و تلك النيران كانت تساندها بل كانت تعنفه حين كان يذهب لكي يصالحها ويطلب منها أن تعاود ولكنه يجد تلك الطاغية أخته تحرضها علي عدم الذهاب وبعد كثير من مجالس الصلح بينهم هو وهي وأخته الحمقاء التي كانت تطلب منه الكثير من الأغراض .
حقًا كم هو مشتاق لها و لتتشاجر معه و لكن عليه الآن أن يعرف سبب غضب زوجته وبنبرة هادئة متزنة هتف " لا مش هنام يا نعمة بس عاوز أعرف مالك جالبه وشك ليه من ساعة موعتيلي وأنا داخل المجعد "
زمت شفتاها و عقدت ما بين حاجبيها وهي تنظر إليه ثم همست بنبرة حانقة " أنا مش جالبه وشي ولا حاچة أنا زعلانه منيك "
" وده ليه إن شاء الله" قالها متسائلاً فتقدمت هي إليه ثم جلست بجواره وهي تنظر إلي عينيه ثم قالت بخفوت " لأنك مهمكش يا عبد الرحمن مهمكش خوفى عليك لما عرفت بضرب النار مهمكش و أنا ببعتلك مع مُندر عشان تاچي تطمن قلبى عنيك لاء كان همك تتطمن الكل إلا أنا قولي يا عبد الرحمن ليه لساتك بتعملني وكأني غريبه عنيك "
كان ينظر لها ويستمع إلي ما تقول هل هذا ما يغضبها حقًا ويزعجها إلي هذا الحد هل كان عليه أن يترك أخته و زوجها والرجال ثم مجلس أبيه وجده ويأتي إليها وإلي هذا الحد هتف ساخراً بتلك النبرة التي تعلمها وقال " كأنك كنت عوزاني أسيب خيتي في النصيبة دي ومن بعدها أهمل الرجال وأقولهم معلش هروح أطمن مرتي أصلها جلجانة كنك أتجنيتي في عقلك يا نعمة "
ابتعدت عنه وهي تنظر إليه .. دائماً تكن هي في أخر قائمته دائمًا كما اعتاد وكما اعتادت هي أيضًا ولكن هل عليها أن تشعر ذلك الشعور عدة مرات كلما سمعت عن الخطر الذي يداهمه ويداهم من حوله تستمع فقط و يجب عليها أن تنظر عله يذكرها أحدهم ويأتي إليها ليطمئن قلبها الذي يبقي هكذا إلي حين تنظر عينيها لوجهه وهو يتكلم معها و يتعامل وكأن شيء لم يكن وكأنها لم تموت خوفاً آلاف المرات في ذلك الوقت وهي تتخيل أنه أصيب بمكروه وها هو يسخر منها ومن خوفها واضطرابها وبخفوت أجابته " لا يا عبد الرحمن متجنيتش بس ده حجي عليك إنك تطمني "
هُراء من نظره كل هذا ليس إلا هراء هل عليه أن يترك ما وراءه ليأتي إليها و ويخبرها أنه بخير وإن لم يفعل يستمع إلي تلك المحاضرة التي تلقيها عليه فتسطح من جديد وهو يقول بلا مبالاة " عدت على خير يا نعمه ما مستهلاش كل الكلام ده وأنا جدامك أها صاغ سليم يله تعالي نامي ورانا يوم طويل بكرة "
هو سليم معافى تحمد الله ظلت واقفه بمكانها تتابعه وهو يخلد إلي النوم بقلب منفطر علي حالها كيف له أن يستخف بأمرها كما المُعتاد لماذا يتعامل معها بذلك الاستخفاف القاتل لها ولمشاعرها مهما حاولت أن تفعل يبقي عبد الرحمن هكذا فهل عليها أن تتقبل الأمر كما قالت لها أمه ذات يوم ولكن كيف وهي تشعر أنها تُقتل كلما شعرت أنها أخر ما يفكر فيه عقله... عقله فقط فمسألة القلب هي تخاف أن تمس تلك المنطقة حتي بتفكيرها فهي تعلم كل العلم أنها خاسرة لا محال فزوجها رجل لا يعترف بالقلب وذلك الهراء رجل يعترف بالعقل ويؤمن به وكفى وهي تتقبل الأمر أو من الممكن أن نقول أنها يجب أن تتقبل وتتأقلم كما هي العادة ولكن السؤال يتردد علي عقلها إلي متي...... ؟!
...........................
جلست علي تلك الأريكة تتفحص تلك الغُرفة بعد رحيل أم السعد و تلك الفتاة حِنة بعد أن نقلوا أغراض بدر إلي ذلك المجعد لا تعرف لماذا أحست بغرابه حين علمت من تلك الفتاة أن الكبير أمرهم بنقل بعض قطع الملابس البيتية فقط مع ترك البقية بذلك المجعد في الطابق الثاني الذى شهد علي أحداث ليلة أمس حين انهار بعد حملها رغم إصابته لينهار بعدها ثم يعقب هذا انهيارها ولكن حين استيقظت وجدت نفسها هنا مجعد كبير يغلب عليه السكون والهدوء لعلوه مما أعطي لها بعض الخصوصية فهو أخر طابق بذلك البيت المهيب فتسطيع من شرفته أن تشرف علي ما حولها من أراضي ومنازل بسيطة وأن ترى حدود نجع الرفاعية ، لا تعلم لما تشعر بتلك الراحة التي تعتريها شيئاً فشيء ، وكلمات أم السعد تتردد على مسامعها حين انتهت .
انتهيت الفتاة من ترتيب الملابس وخرجت بقيت أم السعد الحبيبة تساعدها في عقد تلك الجديلة التي تحبها فجلست هي أمامها بينما أخذت المرة تمسد علي شعره ثم تمشطه وتهمس بحنان :" اسمعيني يا نيران ، البيت ده بقي بيتك يا بنتي، الحياة دي بقيت حياتك، لازم يا نيران تمدي جذرك للأرض دي و تنتمي ليها قبل موسم الريح يا بنت الحاچ صالح "
عقدت نيران ما بين حاجبيها بعدم فهم ثم همست " يعني إيه يا خالة "
ابتسمت أم السعد بود وهي تدير نيران وتنظر إلي عينيها شبيهة لون العسل الصافي و هتفت بحنان : " أنا اللي ربيتك علي يدي وعارفه كل اللي بيدور بعجلك وعشان أجده هجولك الكلام ده إنت كيف النبتة اللي اتنجلت من أرض لأرض لتعفي وتموتى ، وتيجي الريح تجلعك من جذورك وتجرك مع تيارها .
لتقفي وتصلبي عودك وتمدي جذرك لسابع أرض و تكون جويه عارفه أن أجوي الريح ولا تجدر عليكى يا بنت الحاج صالح البيت ده بجي بيتك و الناس دول أهلك وبدر الرفاعي راچلك وسندك اللي اتسميت علي اسمه ، فأجوي يا نيران واصلب عودك و مدي جذرك جبل الريح يا بنتي "
كانت أم السعد تتكلم وهي تضغط علي يد نيران وتنظر إلي عينيها ورأسها الذي بدأ يتحرك وكأنها تثبت لها أنها تعي ما تقول و منذُ رحيل أم السعد وهي مازالت تجلس بمكانها تفكر في ما مر عليها منذُ أن علمت بتلك الزيجة كلمات جدها و أبيها كلمات أم السعد و صورة بدر تتجسد أمامها يحملها والدماء تضخ من چرحة النازف يرفض تركها و كلماته لها هل حقاً يجب عليها الإعتراف أنها تفاجأت به فهو ليس كبير بالعمر كما اعتقدت ولا هو ذلك الرجل الذي يتعامل معها كفدية دماء وما أراحها أيضًا تعامل أهل هذا البيت معها و الألفة الغريبة بينهم ولكن هي مازالت خائفة ولكن برغم كل شيء عليها مد جذورها هنا لتقوي وتستطيع أن تقف أمام مهب الريح .
......................................................
كان يجلس بتلك الردهة علي تلك الأريكة منذُ ساعات لا يعرف عددها ينظر إلي ذلك المجعد التي تقبع فيه زوجته تنفس بثقل وهو يعاود ليوجه أنظاره إلي السماء ، كثر علي كتفه الهموم لا يعرف ماذا يفعل ينفرط العقد من بين يده أمانة جدة تلك العائلة وإخواته و أولاد عمومته والفجوة التي تتسع ومن بعيد ظهرت تلك الفتاة التي كتبت له زوجه وها هي الآن قابعه في منزلة وذلك العدو الغادر الذي يهدد حياته و حياة من حوله كيف عليه أن ينجوا بنفسه وبهم دون أن تنفرط حبات العقد أخرج أنفاسه بثقل وهو يتمتم ببعض الكلمات " لو بس تعاود عن فكرك ده يا شاهين وتاخد دورك اللي رميته علي كتفي كنت ارتحت يا ولد عمي ولو كنت جيت معاي وهوتني كنت هبجي مطمن بس أنت أجده تملي تختار أسهل الحلول واتعبهم يا ولد عمي "
رفع يديه يمسد علي جرحه الذي بدأ أن يذكره بوجوده فنقل بصرة مره أخره لذلك المجعد المغلق لا يعرف لما طلب هذا الطلب أن ينقل أغراضه معها بعد أن كان قراره من قبل أنه لن يترك مجعد فرحة ليذهب إلي آخر هل نسي ابنة عمه بتلك السرعة وبسرعة أنتفض و اقفاً لا فرحة لا تُنسى فهي صغيرته التي فطر قلبه لرحيلها ولكن هو مطالب أن يرعي الله في تلك و شيطان نفسه يبرر له فعلته منذُ فكر بها فهو من حقه الطبيعي بعد كل سنين عمره أن يكن له طفل من صلبه يكون مدد لذكره علي تلك الأرض فلتكن ابنة الرفاعية أم لأطفاله وعند هذه الخاطرة تذكر تلك التي كانت تبكي بأحضانه وتهمس من بين شهقاتها
" أنا رايده إن أكون أم أولادك يا بدر .. رايده إن أحمل بين ضلوعى ابنك "
وعند تلك الذكرى امتلأت عينيه بعبرات صادقة أبت أن تكسر .
و بخطوات متباطئة سار باتجاه ذلك المجعد فدق الباب مرة ولم يستمع صوت فقام بفعلته مرة آخري ولكن لم يستمع مره آخرة ففتح الباب ببطء ثم دلف إلي الداخل وهو ينظر في ربوع الغرفة فكان الفراش خاوي و لكنه وقف ينظر علي تلك الأريكة التي لمحها من وقفته تتسطح عليها فاقترب منها ينظر لها كانت فاتنه بتلك العباءة الزرقاء التي تلتصق علي جسدها كما أتفق لتظهر رشاقتها و منحنياتها الممتلئة بصورة محببة كما لون بشرتها البيضاء أما عن شعرها الأحمر الناري الذي ينسدل ليصل إلي أرض للغرفة هي جميلة لا بل رائعة الجمال ظل ينظر لها لدقائق ولكن عاد جرحة ينبش ليذكره عن وجوده من جديد ولكن السؤال يتردد علي عقله هل يوقظها من نومتها تلك .
فتقدم خطوتان بتردد ثم غير طريقة ليذهب إلي الفراش ويجلب منه ذلك الشرشف ليقوم بفرده علي جسدها ثم يرحل وهو يعرف وجهته مجعد فرحة الذي يمتلئ برائحتها يريد أن يُسكر بها ويريد أن يشعر بطيفها..!
..................................
ضيق الحاج محمود عينه وهو ينظر إلي ابنه وحفيديه ثم هتف : " كِيف عرفت الكلام ده يا عبد الرحمن يا ولدى "
نظر عبد الرحمن لجده ثم هتف بثقة " أيوه يا چد، ليلة إمبارح النار مسكت في أرض النعمان ومزرعة المواشي النار كلت كل حاجه ونعمان، راح المستشفي فيها "
أسند الحاج محمود رأسه علي عصاه وهو يفكر بشرود حين تكلم ابنه الحاج صالح وهو يسال أولاده بترقب " يتري مين عمل إجده نعمان وولادة مش هيسكتوا "
وبسرعة كانت الإجابة من صغيره الذي هتف بسرعة رداً علي ابيه " شاهين الأنصاري يا بوي "
التف الحاج صالح إلي ابنه واتسعت عينه حين أستمع إلى اسم الفاعل حين ابتسم الحاج محمود بخفوت وهو ينظر إلي حفيده البكر ويأمره " روح يا عبد الرحمن جول لبدر علي اللي عمله ابن عمه وخليه ياخد باله وإنت معاه يا مُنذر "
نظر صالح إلي ابيه وهتف بخوف " كن هتجوم حريجه يا جاچ واحنا اللي هنجع بين العلتين "
نظر الحاج محمود إلي الفضاء من حوله هو يعلم جيداً أن الحرائق ستقام بين العائلتين وهما الرابط فدمائه متصل بينهم ففي عائلة نعمان تزوجت ابنته الحبيبة و أخذوا منها زوجة حفيده نعمة و اتحدت دمائه مع عائلة الأنصاري بزواج وردة بيته نيران يعلم جيدًا أن عائلة نعمان تقاطع عائلتهم منذُ موافقته علي طلب ابن عبد الرحيم الأنصاري كما أن زوج ابنته منعه من حضور فرح ابنة أخيه يعلم أن ستشتعل النيران ولا يعلم من سيكون الضحية فهو في المنتصف وعليه أن يقف مره أخري أمام بحر الدماء وبهذه الخاطرة نظر الحاج محمود إلي ابنه و قال " روح يا صالح أقف جنب حسان چوز أختك وخد معاك نعمة تطمن علي جدها و أمها وتطمن جلبي عليها
" هو يعلم ما يفكر به ابيه يغشي الأمر ويغشي عواقبه و يتمني أن يمضي بدون خسائر فنظر إلي ابيه وهمس بمواقفه " حاضر يا حاج" و سار عدة خطوات ليلبي الأمر ولكنه عاود من جديد ينظر إلي ابيه و سأله باضطراب وتردد " لو بقينا بينهم يا حاج ولازم نختار هنختار مين منيهم "
رفع الحاج محمود رأسه إلي ابنه و بدون تفكير في الأمر هتف " أحنا ننصر المظلوم يا ولدي عمرنا ما نصرنا ظالم حتي لو بنا رابط دم "
..........................................
في حديقة بيته أجتمع رجال العائلة يهتفون بغضب عارم فكيف لكبيرهم أن يتعرض لما تعرض له وعلي أرضه ولكن عمّ الصمت حين خرج إليهم هو وأخيه ينظر إليهم بمحبه فهو يعلم كل العلم وعلي يقين بمحبة أهلة له كانت نيران تنظر من شباك غرفة الطعام هي ونجاة وزهرة بعد أن أستدعتها صباحاً لتشاركهم الطعام ولكن عندما حضرت كان هو غادر ليهدأ من صخب هذا الجمع الذي يصل إلي مسامعها ، كانت مُهرة تقف خلف الباب خلف أخويها حتي لا يراها أحد وتستطيع أن تسمع وتتابع بسلاسة حين تكلم أحدهم وهتف
" مين يا كبير اللي أتجرأ وعملها خبرنا وأحنا نجطعوه تجطيع " بينما قال أخر بنفس النبرة المشتعلة :
" اللي يتعدي علي كبيرنا كنه أتعدي علينا كلالتنا:
" بينما قال أخر بنبرة تحمل الغضب والحقد في آن واحد " أكيد هما الرفاعية يا كبير كان منهم اللي مش موافج علي الچوازة دي وأكيد هما يا كبير لازم نخدوا بتارنا منيهم مرتين في أعز ما ليهم " اتسعت عين نيران وعلت دقات قلبها وهي تري وتسمع إلى نبرة الغضب والحقد الذي تكلم بهم الرجل والصاعقة كانت عندما لمحت أخويها يتقدمان إلي الجمع فأسرعت لكي تخرج إليهم وهي تعدل حجابها كما أتفق تسرع إلي السلم الداخلي وصوت نجاة يهتف باسمها
" نيران إياك تعملي اللي في دماغك ده "
ولكنها لم تكن تسمع إلا صوت ذلك الرجل و صورة أخويها يتقدمان من الممكن أن يصيبهما مكروه و قبل أن تصل إلي باب البيت استمعت لصوت نجاة الأمر لأختها اقفلي الباب يا مُهرة نفذت مُهرة بسرعة وقبل أن تلتفت نيران لها كانت نجاة لحقت بها وهي تقول بسخط:
" كنك أتچنيتي يا نيران والله بدر ممكن يجتلنا فيها "
نظرت نيران لها بانكسار و هتفت تستعطفها :
" أخواتى يا عمه " تعلم نجاة ذلك الشعور جيدًا فهتفت مطمئنه : " متخافيش بدر عمره ميسمح حد يبصلهم بطرف عينه "
وفي الخارج أستطاع بدر أن يستمع إلي ما يدور خلف باب بيته ولكنه لم يبالي وهو يتقدم من ابن عمه ينظر إلي عينة فابتلع الأخر لعابه بخوف حين استمع لنبرة بدر بجانب أذنيه بنبرة كالفحيح " كنك نسيت إن اللي بتّكلم عليهم دول أهل مرتي ونسايبي يا وهدان يعني كرامتهم من كرامتي يا ولد عمي إياك يا وهدان تچيب السيرة دي تاني علي لسانك أحسن هزعل منيك وأنت خابر زعلي عفش كيف "
ثم بعلو صوته هتف فيهم بنبرة لا رجوع فيها وقال:
" اللي هيجيب سيرة نسايبي علي لسانه هقطعه حتي لو مين وعايزكم تعرفوا أن حقي أنا عارف عند مين وهاخدوا إطمنوا أنا حقي مهسبهوش واصل "
" وحق ولدي يا كبير، عند مين ومين هياخده "
هتفت بها تلك العجوز بحسرة وحزن يقطر من كلماتها حين أقترب بدر منها عينيه تتابع انفعالاتها وهو يهتف بحسم :
" ابنك كان يستاهل الموت يا بهانة وربنا ريحه من اللي كنت هعمله فيه، ادعيله بالرحمه وأحمدي ربك علي إجده، ورابي إخواته "
كان عبد الرحمن ومنذر يتابعان من بعيد بإعجاب شديد وفخر إعجاب لذلك الرجل الذي يدير ما حوله بعقل مصاحب لحكمة وقوة، وفخر شديد علي استماعهم لكلماته فهو نعم السند لهم
وببعض الكلمات أنها الجمع .
فتقدم إليه عبد الرحمن وأخيه فرحب بهم بدر بشدة و دعاهم إلي الداخل فامتنعوا ولكنه أصر عليهم و أخذ يرحب بهم هو و أخيه ، بينما في الداخل كانت تقف هي ومهرة، تستمع إلي كل ما يقال وتلك الإبتسامة ترسم علي صفحة وجهها بعزة و فرحة وامتنان وصلوا إليها عبر تلك الكلمات التي يعلن فيها نسبه لعائلتها وعدائه لمن يمسهم بسوء أو حتي بكلمه ولكن ما جعلهم يعتدلون في وقفتهم وتتسع عيني الفتاتين حين فتح الباب ليظهران لعمران الذي وقف ينظر لهم ببلاهة ومن خلفة ظهر بدر الذي نظر إلي أخته ثم إلي زوجته ولم يستطيع أن يفعل شيءٍ حين تنحنح منذر وعبد الرحمن ودلفوا خلفهم ولكنهم وقفوا بمكانهم يخفضون أبصارهم حين لمحوا ظل تلك الفتاة التي تقف بجانب أختهما بينما استطاعت نجاه وزهرة الاختباء داخل إحدى الغرف كانت مُهرة تكاد تبكي خوفًا وبجانبها نيران مضطربة وبشدة حين أشار عمران لمُهرة أن تتحرك إلي الداخل فهتفت باضطراب وهي غافلة عن الموجودين خلف أخيها الأكبر " بجولك إيه يا عمران أنا جيت أسمع اللي الكبير بيجوله و كنت بحوش مرات أخوك كانت عاوزه تطلع بره يعني مليش ذنب واصل حتي اسأل مراتك وأختك " ثم نظرت إلي حيث زهرة ونجاة فلم تجدهم فكادت أن تتكلم حين هتف بدر مرحباً " إتفضل يا عبد الرحمن وإنت معه يا مُنذر " فنظرت مُهرة لأخيها ولمن خلفة وفتحت عينيها باتساع ثم هربت مسرعة لداخل وخلفها صعد عمران بينما وقفت نيران تنظر بحنان لأخويها قبل أن تترك لنفسها العنان وهي تسرع إليهم فألقت نفسها داخل حضن أخيها الصغير ثم من بعده قبلت يد أخيها الكبير غافلة عن تلك العينين التي اشتعلت غضب وهى تنظر لها مرت الدقائق بينهم أخذ أخويها يسألون عن أخبارها و أخبروها أن الجد منع زيارتها لحين يتعافي زوجها و ما هي إلا لحظات وكان بدر يصحبهم إلي المندرة وهو ينظر إلي نيران بنظرات غضب و هتف
" خلي أم بركة تحضر الضيافة لأخواتك " ثم تركها ودلف إلي الداخل وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة.
.......................................
وقفت خلف زهرة تحتمي بها من غضب عمران الذي يقف أمامهم ينظر إليهم بغضب عارم من فعلتها الهوجاء فهتفت هي والدموع تتجمع في عينيها بخوف " والله يا عمران كنت بحوش نيران واسأل زهرة ونچاة والله مكان جصدي "
" كانك أتچنيتي في عچلك يا مُهرة فكرة عملتك دي هتعدي أستلجي وعدك من الكبير بس الضيوف يرحلوا "
قالها غاضبًا بنبرة حادة حين وقفت أمامه نجاة وقالت " خلاص يا عمران ... كان لازم نمنع نيران و مكناش نعرف إن معكم حد "
ضيق عمران ما بين عينه و هو يتراجع وهو يخرج بغضب من الغرفة وهو يتمتم بغضب بكلمات وصلت معالمها لنجاة لأنها الأقرب إليه " والله ما عارف هنلجوها منين ولا منين دا بكفاية عمايل شاهين علينا "
نظرت إلي طيف أخيها وهو يخرج من الغرفة لتهمس بعدم فهم...... '
................................................
دلفت سراب إلي بيت أبيها بعد أن ودعت زوجها فقابلتها أمها بحب شديد وهي تحتضنها بحنان فسراب هي الغالية الصغيرة الأقرب للجميع وبالأخص لفرحة جلست سراب بجانب أمها وهي تتحرر من حجابها فنظرت إليها أمها بحنان ثم سألتها باهتمام " ِكيفك يا نضري وكِيف چوزك " نظرت لها سراب بحب واجابتها علي الفور.
" بخير يأم شاهين ، نجصني أطمن عليك وعلي أخوي "
ارتسم الحزن بملامح المرأة وهي تتذكر ابنها و تهمس :
" أنا بخير يا بّتى طول ما أنتم بخير، بس أدعي لأخوك يا سراب "
اضطربت بشدة وهي تعتدل في جلستها وتسال أمها باضطراب :
" ماله شاهين يا أمه في إيه "
وكأن تلك المرأة الحنونة تبدلت بأخري قاسية في الحال حين قالت بغضب وهو تنظر إلي ابنتها " منها لله اللي مشجلبة حاله بنت عبد الرحيم شايله عالي وهملت البيت و أخوك وراحت لأخوها خاين العيش والملح اللي اتجوز بعد أختك "
تأففت سراب وهي تقف وتسير أمام والدتها لتصل إلي شباك الغرفة المطل علي الحديقة الخاصة ببيتهم وهي تقول: " حرام عليك يأمة لساتك حاطه نجاة في دماغك و بعدين بدر كمان عمل إيه حرام يا أما كلنا عارفين اللي عملة بدر "
ضيقت المرأة ما بين حاجبيها بضيق وهتفت بغضب لابنتها :
" بدافعي عنهم يا سراب بعد اللي حصل خدوا أختك مني وأهم بيخدوا عمر أخوك "
" سبيها يامه طول عمر سراب وجفة في صفهم علينا "
قالتها صباح وهي تدلف إلي الغرفة تبادل تلك النظرات مع، أختها حين قالت أمهم وهي تسرع إلي الخارج " كويس إنك جيتى يا صباح أجعدي مع أختك لحاد محضر الوكل "
أسرعت المرأة للخارج بينما وقفت سراب تنظر إلي أختها بحقد شديد بينما تتقبل صباح تلك النظرات ببرود كالعادة وببطء جلست علي الأريكة وهي تهتف بنبرة باردة كالجليد "لساتك واقفه خلف نچاة بنت عمك و وبتتكلم عن بدر كأنه ملاك "
بينما هتفت سراب وهي تنظر لها بسخط محمل بغضب دفين وكره شديد " لسه في جوفك سمّ معرفاش تتطلعيه "
ابتسمت صباح ببرود وهي تهتف بنبرة كريهة " لساتك غبية يا بنت أبوي لساتك صغيرة عشان تفهمي "
اقتربت منها سراب لتقف أمامها وتنظر إلي عينيها و تقول بنبرة كريهة تحمل قسوة دفينه " لساتني مش فهمه ؟ لا فهمت ووعيت علي كل حاجة "
ضيقت الأخري عينيها وهتفت باضطراب " فهمت إيه "
ابتسمت سراب لأنها شعرت باضطرابها وبنبرة جامدة لا حياة فيها " فهمت اللي كنت بتعمليه في مرات أخوك والأعشاب اللي كنت بتحطيها في أكلها ولما أسالك تقولي وصفة للخلف وهي يا ولداه عشان تمنعها من عوضها وعوض أخوك "
اتسعت عين صباح ورسم فيها الخوف وهي تسالها " چيبتي الكلام ده منين "
ضحكت سراب بشدة حتي أدمعت عيناها لتهتف " سمعتك إنت والبدوية يا صباح.... إيه مكفكيش اللي حصل واللي عملتيه قبل سابج "
شعرت صباح بالخوف فنظرات سراب تدل علي أنها تعرف الكثير والكثير ويجب أن تعرف ما لديها وبنفس النبرة همست " حصل إيه وانا عملت إيه "
بكت دمع عينها يسيل دون شعور وهي تقول بغضب و أنفسها تتسارع " جتلتي...... جتلتي فرحة فاكرة فرحة "
..............................................
منذُ رحيل أخويها وهي لا تعلم ما الذي أوصل بدر إلي تلك الحالة حين هتف بانفعال وصوت كصوت الرعد يطلب من أخيه عمران أن يحضر ما يدعي شاهين وما عرفته من زهرة أنه زوج نجاة و أخر يدعي ناصف وعلمت أيضًا انه ابن عمهم كان بدر يقف في صحن الدار يتحرك بانفعال بينما كانت تتابعه هي وزهرة فأخذت زهرة تتمتم بالدعاء " ربنا يعديها علي خير " بينما استمعت بدر وهو يتمتم أمام نجاة بنبرة غضب مشتعل و يقول " ليه عاوز يهد كل حاجه بعملها ليه بيفتح علينا بحور دم ملهاش نهاية "
والإجابة كانت من ذلك الرجل الذي وقف أمام زوجها بهيبه لا نهاية لها ومن خلف عمران ورجل أخر يشبه حين هتف بثقة وهو ينظر إلي بدر " بحور دم إيه اللي أنا بفتحها يا كبير "
تقدم بدر إليه ليقف أمامه مباشرتاً و ينظر إلي عينيه بشرار غضب متطاير بينهم وهتف من بين أسنانه :
" بحر دم مع النعمان وولاده يا شاهين كأنك فاكرني معرفش "
لم يتراجع شاهين و لم يتأثر بكلمات بدر وهو يقول بتلك الابتسامة التي ظهرت علي وجهه " لا يا ولد عمى عارف إنك هتعرف اللي يعمل إكده ميتخباش "
تقدم ناصف منهم ليقف بجانبهم وقال بنبرة متفاجئه " ليه يا شاهين.. ليه عملت إكده "
نقل شاهين أنظارة بينهم ثم رفع رأسه بشموخ بينما كان بدر يضغط علي أسنانه بغضب والأجواء أصبحت مشحونة بهالة مخيفة بالاحتقان و بكلمات واثقة هتف بصوته " عملته يا بدر وبنفسي وما أجرتش واحد من المطاريد عشان يطخ كبيرهم في وسط داره "
تراجع ناصف بعدم فهم في حين ضيق بدر ما بين حاجبيه وهتف " قصدك إيه يا شاهين "
صمت لبُرهة قبل أن يجيبه ثم أكمل " العين بالعين والدم بالنار و البادي أظلم يا كبير ، وهما اللي ابتدوا بالنار مش إحنا "
توحشت ملامح بدر وهو يفهم كلمات ابن عمه ثم ما لبث أن زم شفتيه بغضب وهتف " تقوم تروح لحالك ... عارف فعلتك دي ممكن تكلفك إيه "
و التف ليقف أمام تلك التي تبكي بخوف وتكتم شهقاتها ينظر لها وهو يهتف قبل أن يرحل " حياتي يا كبير.... حياتي "
...................................
وقف صالح أمام زوج أخته زيدان ينظر له بغرابة فهو لم يفهم ما قاله حتي الأن حين رددها زيدان وقال " كويس أن جيت يا ولد الرفاعي خد أختك أهه أنا كنت هبعتهالكم وسيبلي بنتى معدلهاش عيش وسطيكم "
اتسعت عين نعمة من خلف حماها وهي تنظر لأبيها من أمامها وخلفه أمها التي تتابع هي الأخرى حين قال صالح بهدوء" كنك أتجنيت يا زيدان مالها نعمة و ليلي باللي بين الرجال "
ضحك الرجل بسخرية وهو يعاود الرد علي الحاج صالح بالك النبرة " أنتم اللي بديتم يوم محطيتوا إيديكم في إيد ولاد الأنصاري يا صالح وأختك أهنه في داري وبنتى عندك وعشان أجده هتسيبلي بنتى وتأخذ أختك معاك وده أخر كلام عندي "
ضيق عين صالح بغضب أرتسم علي محياه من زوج أخته و هتف وهو ينظر له " والله لاندمك علي كلامك ده يا زيدان وكلامنا مع كبيركم لما يجوم منيها يا ولد نعمان "
ثم رحل ومن خلفه أخته التي تستمع إلي صرخات ابنتها التي يمسك بها أبيها بدون رحمه بها .
................................
اسرع ناصف خلف شاهين و هو يهتف بعدم فهم " ليه عملت إجده كنك مش هامك حاجة "
وقف شاهين بطوله المهيب أمام ابن عمه ومازال لا ينظر له و بوحه غامض لا حياة فيه وغضب متصاعد من داخل يخمد نيران متأججة وهو يعاود النظر له و يقول بنبرة لا رجعه فيها " جدامك يومين يا ناصف و تيجي تقولي كنت بتعمل إيه أنت و ابن نعمان عند الشونة الجبلية ... يومين بس يا ناصف تجيني جبل ما أجيك أنا .
............................................
وبنفس اللحظة ولكن بمكان آخر كان يقف عبد الرحمن أمام جده وأبيه وعمته لا يفهم ما يقولون هل حرم من إمراته من هذا الذي يحق له أن يأخذها منه ويتحكم بها وهو علي تلك الأرض إذاً فلتقام حروب قاتلة وتشتعل نيران حارقة فإما أن يردها إليه وأما أن يموت......... .......
أنت تقرأ
ابنه نيرن
Ficción General- طلبتك يا جدي أجرني قالتها وهي تجلس أمامه تبكي ولا تستطيع أن تنظر إليه انعقد حاجباه الكثين وهو يتأمل سكونها ليقول بعد صمت قصير: - قومي يا فتاة فالحكم نافذ . شهقت بخوف ثم تمتمت بخفوت من بين دموعها: - ولكنك قاد - أرحلي قالها بحزم لا جدال فيه...