الفصل السادس :-
كانت تلك الفتاة تجلس علي الأرض الصلبة تصرخ وتنوح وبجانبها وقفت أم السعد تهدئها بينما بقيت الأخرى علي حالها ومن بين كلماتها لا يفهم إلا " غيتني يا كبير ألحجني يا كبير "
نزل بدر بسرعة وخلفه عمران بينما وقفت مهرة ونيران وبجانبهم زهرة يتابعون الأمر من شرفة الطابق الثاني وقف بدر أمام تلك الفتاة ثم سأل بفصول " إنتِ مين يا بت و بتبكي وتنوحي ليه "
رفعت الفتاة رأسها تنظر إلي بدر فاتسعت عين بدر وعمران فكان علي وجهها بعض الكدمات وأثار دماء بينما كانت عينيها متورمتان من البكاء ضيق بدر عينيه ثم سأل باهتمام :" مين عمل فيك إجده "
شهقت الفتاة بوهن ثم حاولت الوقوف علي قدميها فلم تنجح ثم قالت بصوت مجهد :" أنا بنت شاكر الغفير بتاعك اللي مات من سنه "
عرفها بدر وعرف من تكون فردد عليها السؤال " مين عمل فيكِ إجده وإنتِ في حمايتى إنت وأمك من يوم موت أبوك "
بكت الفتاة مرة أخرى ثم همست :" أبوي كان كاتب كتابي علي ولد عمي جبل ما يموت عشان يبقي حامي لينا أنا وأمي من بعده بس ابن عمي ده افتري علينا وكل يوم والتاني يتهجم علي بيتنا وياخد الفلوس اللي معايا أنا وأمي... وأمي مريضة منجدرش عليه و اللي ذاد وغطي منيه جاي دلوجت عاوز حچه فى الأرض بتاعة أبوي عشان يبيعها ويصرف فلوسها علي الغوازي و المجطيع ولما وجفتله ضربني أنا وأمي و إحنا ملناش حد فجيتك يا كبير غيتني منيه "
غضب بدر بشدة من أفعال هذا النذل الذي يفعل هذا بتلك اليتيمة والأعجب إنها ابنة عمه عرضه و دمه فكيف يفعل الرجل هذا بامرأته نظر بدر لحِنة وأم السعد ثم قال " خدوها چوه وخلو أم بدر تشوف هي محتاجه إيه " ثم نظر إلي الفتاة وهتف مطمئناً " إنتِ هتفضلي إهنه معانا ومتخفيش علي أمك أنا هبعتلها اللي ياخد باله منيها لحد مجيب ولد المحروج ده وأربيه مادام أهله معلموهوش الرباية "
بكت الفتاة بشدة فساعدتها أم السعد، وحنة علي السير حين ألتف بدر لعمران وهز رأسه بتثاقل وهو يقول :
" ولسه الواحد ياما هيشوف في الدنيا دي عاوز جليل الشرف ده جدامي يا عمران وابعت حد ياخد باله من أمها "
هز عمران رأسه بموافقة ثم سأل باهتمام :" هتروح لشاهين يا بدر أنا هاچي معاك وبلاش تجول لاه "
رفع يده علي كتف أخيه ثم قال " هتاجي بس مش هتدخل بيني وبين شاهين يا عمران حتي لو إيه حصل "
قطب حاجبيه بغضب ثم هتف " شاهين بيطلع اللي جدامه من خلجاته يا بدر وإنت عارف "
ابتسم بدر ثم قال مازحاً :" وهتمشي من غير خلجات يا ولد أبوي نجولوا إيه لولادك أبوكم مجنون عمايل شاهين محدش يعرف شاهين جدي يا عمران بينا يلا نروح له "
ضحك عمران بشدة وهو يسير خلف بدر ثم قال " بس حلوه مجنون شاهين دي فينها نچاة تسمع ولا أم لسان مُهرة والله أبجي مسخرتها ليوم الدين "
ابتسم بدر مرة أخرى علي كلمات أخيه وحين وصل إلي الباب الخارجى للبيت نظر إلي الرجلين المسئولان علي حماية البيت ثم هتف بحسم :" خالوا بالكم وعينكم في وسط رأسكم "
" أمرك يا كبير " هتف بها الرجلان باحترام .
فنظر بدر لهم ثم تقدم إلي السيارة غير مدرك لتلك الأعين المترصدة من بعيد
...........................................
منذُ رحيل ناصف خلف سراب وهو يجلس تحت تلك الشجرة العتيقة التي شهدت كل شيء حدث علي هذه الأرض مازالت كلمات سراب تتردد علي مسامعه لا يعرف كيف الخلاص من كل تلك الخلافات كيف له أن يحجم حقد ناصف ويروض قلبه وكيف له أن يسعد سراب وما هو الطريق لسعادة صباح و ما هي الحيلة لترويض غرور نچاة وماذا يفعل من أجل بدر.. و مشاكل العائلة.. هل كان الجد حقًا مخطئ حين تدخل في حياتهم جميعًا ولكن جده دائمًا يفعل الصواب نظر إلي تلك الأرض التي لا يستطع الناظر تحديد آخرها يفكر في كل شيء من حوله عندما شعر بذلك الذي جلس بجانبه فعلم من هو علي الفور خيم الصمت علي المكان للحظات قبل أن يهتف بدر وهو يتأمل الفراغ من حوله :
" كأن الحمل شديد صح زي ما جال جدك، وشيلنا الحمل إحنا التلاتة ، بس إنت وابن عمك هملتوا كل الحمل علي كتفى لحد ما تعبت يا شاهين "
علم أنه سيأخذ تلك الحيلة وهى الإستماع فقط كما يفعل فكاد أن يكمل كلماته ولكن ما اوقفه عندما سمعه يخرج أنفاسه بثقل ثم قال :
" جدك مكنش يعرف أن العُجد هيفلت مني و حباته تِشرد مكنش يعرف اللي مخبياه الأيام يمكن إنت لساتك محافظ علي اللي منك حوليك وشايل كمان لغيرك يبجي إنت الأصلح يا بدر "
تنهد بثقل الهواء ثم هتف :" ما بقتش قادر بحارب في كل اتجاه لوحدي وكل ده عشان أحميكم لازم تشيل شيلتك معاي لازم تجف جانبى نتجوا ببعض زي ما كنا وتشيل كل اللي في دماغك ده أنا مفرطش في أمانتك .. أنا حافظت علي خيتك بس هي اللي محافظتش علي نفسها وكل اللي عملته كان من ورايا و يوم ما عرفت كنت عاوز أضحي باللي في بطنها وإنت عارف ده بس هي عشان عاوزه تعمل اللي في دماغها أخدت الحبوب دي كانت عم تهدد بالموت بس أمر ربك.... وإنت كنت شاهد علي كل حاجه ليه بتشيلني حالا ذنب مش ذنبى "
وقف شاهين أمامه ينظره له بغضب شديد ثم هتف بنبرة حادة :
" أنا مشيلتكش موتها ده أمر الله بس أنا شيلت نفسي أنا موتها أنا اللي وافجت جدك علي جوازك منيها ووافجت علي اللي حصل ده كنت عارف إنك هتعاملها بكل طيب هتعاملها علي إنها كاملة خاليه من العيوب وإنت عارف وأنا عارف أن مش حباً في فرحه لاء حباً فيا وعشان توفي عهد جدك "
عقد ما بين عينه بضيق وكاد أن يتكلم فرفع شاهين يده ثم قال :
" متجولش عكس إكده لأن أكتر واحد عارفك وفاهمك يا بدر كان عندك استعداد تتجوز صباح لو جدك أمر وبين يوم وليله بقيت عاوز فرحة إنت صونت الأمانة صح بس هي اللي ما صانتش نفسيها وأنا مبشيلكش موتها يا بدر ... بس إنت رحت عملت نفس غلطك تتجوز عشان العيلة والصُلح وفين إنت من كل ده ما خابرش وجاي تجولي شيل معايا أنا مقدرش أضحي لحد ولا بحد وعشان كده لازم تكون إنت الكبير "
اغمض بدر عيناه وشريط من ذكريات يمر أمام عينيه بكل ما فيه من أفراح وأحزان وأوجاع لقد قال شاهين ما يخاف أن يتفوه به أمام نفسه ولكن كما قال جده " الكبير مكتوب علي جبينه يشيل غيره " والعيلة علي عاتقه يجب أن يحميها لا يريد أن يفقد أحدهم من جديد فيجب أن يسعي لأمان الكل من حوله و بحسم هتف :" وما دام مش راضي تشيل معايا تبقي تطاوع أمر الكبير "
ضاقت عين شاهين بشك ثم سأل ": وإيه هو أمر الكبير ده "
وبلا تفكير كان الأمر :" صُلح مع النعمان ينهي كل العداوة "
اتسعت عين شاهين ثم هتف بثورة عارمه :" هتصالح النعمان وولاده ودمك ... دا إنت جرحك لسه مطبش وهيكون إيه التمن لصُلح ده يا كبير "
صمت بدر لبرهة من الوقت قبل أن يقف ويتقدم عدّة خطوات ينظر لأخيه الذي يجلس بالسيارة :" أمان لينا كلنا يا شاهين إنت و عمران و ناصف وولاد عمك كل ده يستحق يا شاهين "
تقدم إليه ووقف أمامه :" والدم.. الدم يا بدر "
" إنت خدت بدل الدم نار كاويه " قالها بدر بنفاذ صبر فهتف شاهين بعناد :" أنا مهتصلحش مع النعمان يا بدر "
أسرع بدر يقف أمامه ثم مد يده ليمسك من تلابيب جلبابه، ومن بعيد رأي عمران الموقف فتفاجأ ثم أسرع إليهما وهتف :" بدر .. شاهين "
صاح بدر بنفاذ صبر :" أعملك إيه عشان تجف في ضهري ، روحت إنت حرجت جلوبهم علي مالهم من ورايا وسَكت ،وجاي حالاً تعاند الصُلح من جديد، عاوز إيه نوصل لدم و يجتلوا مننا واحد أو اثنين وبدل ما نورث عيالنا سلام نورثلهم دم وخراب إنت ما بقتش واحد كلها كام شهر ويبجالك عيل فكر فيه وبلاها جلت عجل منيك وإفتكر كلام جدك لينا، أوقف في ضهري مرة وجصر الكلام هتاجي إنت وناصف وعمران يا شاهين هنكونوا يد وحدة جدام الكل "
ثم تركة ليقف شاهين ينظر إليه بتحدي ثم قال :" وأنا موافج هاجي معاك بس مش هفرط، في شبر من الأرض اللي هما عاوزينها يا بدر وعشان تكون عارف وإنت اللي اختارت الصُلح ده هيبجي سبب لفرجتنا خلف ضهرك كتير يا بدر "
ثم سار مبتعداً تاركاً بدر وعمران خلفه ينظران لبعضهم بعد فهم فشاهين يظل كما البحر لا تعرف نهاية له وبتلك الكلمات الذي ألقاها انظر برد لطوفان شديد يخاف آثاره .
..................................................
أخذ يبحث عنها في كل مكان فلم يجدها كاد أن يصاب بالجنون إلي أين ذهبت وبسرعة كان عليه أن يخبر شاهين ليساعده بالبحث عنها بينما كان شاهين يقف بسيارته أمام باب بيته وقف ناصف أمامه بسيارته هو الأخر ثم نزل بسرعة إليه فأسرع شاهين هو الأخر ليقف أمامه فهتف ناصف بسرعة :" مش لاجي سراب دورت في كل مكان مش لاجيها "
اتسعت عين شاهين وارتسمت علي وجهة معالم الزعر قبل أن يهتف بخوف :" يعني هتكون راحت فين إيه سألت أمي وصباح "
أجابة بسرعة :" سألتهم مشفوهاش "
تحرك شاهين ذهاباً وإياباً وهو ينظر إلي ناصف ثم قال بعد برهة من التفكير :" شفتها في البيت الكبير "
نظر إليه ناصف برهبه قبل أن ينطق باضطراب :" يعني إيه ممكن تكون راحت لعند بدر "
أسرع شاهين لمنزل ابن عمه القريب من منزله وهو يهتف :" أهم حاجه نلاقيها ونطمن عليها "
وكان خلفه ناصف يشعر بشعور غريب وكأن روحه شارده عن جسده أنفاسه تتخبط داخل جسده والقلق ينهش في قلبه والآن لا يفرق معه أي شيء إلا هي هل سراب تشغل تلك المكانة بقلبة ربااااه ماذا لو... نهر نفسه بشده فهي بخير وستكون بخير دائما و دلف شاهين إلي الداخل بسرعة و هو ينادي بأعلى صوت له، علي مُهرة مما جعل الجميع يتجمع أمامه فقال بلهفه عندما لمح بدر أمامه :" بدر سراب إهنه سراب جاتلك "
نظر بدر إلي شاهين ثم إلي ناصف من خلفه وأجابه بعدمفهم :" ماخابرش أنا لسه معاود.. "ثم نظر إلي ناصف بشك وقال" ليه مالها سراب"
وبصوت مرتفع غير خالي من الغضب " مش وجته... نادي علي مُهرة أسالها "
وما هي إلا دقائق وكانت تقف مهرة أمامهم تنظر إلي أولاد عمومتها بترقب قبل أن تستمع إلي صوت ناصف المتسائل :" مهرة مشفتيش سراب مجتش إهنه "
نظرت إلي شاهين ثم إلي ناصف بتعجب قبل أن تجيب :" لاء مشفتهاش وأصلا هي مبتجيش اهنه من موت فرحة أنا اللي بروح لها "
ارتسمت خيبة الأمل علي وجه ناصف و شاهين في حين هتف بدر بترقب " مراتك فين يا ناصف "
ابتلع تلك الغصة بِحلقه قبل أن يجيب :" ماخابرش "
ضيق بدر عينيه بشك ثم سأله :" أوعاك تكون زعلتها... أو ..... "
قاطع شاهين كلامة وهو يهتف بصوت مسموع :" جولنا مش واجته يا بدر .. لما نلاجيها نبجي نتكلموا "
نظر بدر إلي شاهين ثم قال بنبرة مترقبه :" كأنك عم تداري عليه يا شاهين بس عندك حج نلاجيها الأول وبعدين يحلها الحلال "
سألت مهرة باهتمام :" ما يمكن في دار عمي "
و الإجابة كانت الرفض من ناصف فضيق بدر عينيه ثم قال :" شوفتوها في الجبانة "
نظر شاهين إلي ناصف قبل أن يسرعوا ثلاثتهم وكأنهم علموا أنها من المؤكد أن تكون ذهبت للمقابر.
.................. ........................
سارت بسكون تنظر باضطراب هنا وهناك، هنا في تلك المكان خاصة تشعر برهبة تلاحقها أنفاسها المتسارعة ونبضات قلبها العالية، كل من يرقد في ذلك المكان جاء إلي الدنيا ثم رحل، ولكن السؤال هل وجدوا السكون في الرحيل هل شعرت تلك الأجسام بالرحة حين احتضنتها تلك الأرض الصلبة، أم مازال شقاء الدنيا يتبعهم، الدموع تنزلق من عينيها بلا شعور عينيها تطوف هنا وهناك حتي وجدت تلك المقبرة الخاصة بأختها، ظلت واقفة تنظر إلي تلك المقبرة قبل أن تنهار جالسه بدون مقاومة، ثم بكت بوجع نابع من داخلها رباه لقد كانت ضعيفة لا حول لها ولا قوة و من بين دموعها هتفت بنبرة منكسرة :" تعرفى جيالك ليه عشان أجولك اللي في جلبى ليكى عشان تعبت من التفكير إنى ظلمتك وإنت المظلومة .
أول مرة أحس يا فرحة إن موتك ده كان راحه للكل تعرفى إنى موجوعة منك جد إيه طيب تعرفى إن هحس بأية دلوجت ،وكيف هتعرفى وإنت طول عمرك مبتفكريش إلا بنفسك بس عارفة أنا عاديت صباح جد إيه كنت فكرها هي سبب موتك ده بس لاء طلع السبب في ده نفسك وطلعت خيتك لا حول لها ولا قوه.... المرض عمره مكان شافع لحد كنت مريضة ودايماً كنت تستغلي ده إنك تأخدي كل حاجة و اللي جدامك كان يسكت... عرفتى إن بحبه من صغري جيتك أجولك فرحانه أن هعرف خيتي كل اللي همس بيه بس لجيت منك إيه غير جفا و لوم وكلام تخيبي بيه أمالي لما بكيت جدامك جلبك موجعكيش عليا لساتني عم أسمع كلامك بيتردد في وداني :" حب إيه يا سراب جنيتي في عجلك إنت لساتك صغيرة علي كلام ده وبعدين أنا متأكدة أن ناصف عمره مهيحبك .. ناصف بيحسك كأنك أخته "
وبعديها بشهرين يا خيتي وعيتلك إنت وهو عم تتجابوا شفته كِيف بيتطلع عليك وإنت عم تضحك وفرحانه ... مكنتش إصغيره سعتها وأنا حسه بجلبى بينشج و روحي بتروح ولما واجفتي جدامي :" هو بيحبني وعاوز يتجوزني " مفكرتيش فيا سعتها وتلف الأيام وجدك يعرض عليك جوازك من بدر فكرتك سعتها هتتمسك بيه بعد جرحك ده " بس لاه وافجتي علي بدر عشان تبجي الكل في الكل ومهمكيش برديك جرح صباح اللي عملت ده بطيب خاطر منيها لاه الأهم فرحه و تكون فين وتوصل لإيه و تدوسي علي جلب أجرب الأجربين... شفت الكسرة في عينيه شفته كِيف كان يجي جدام بيتنا وكأنه مش مصدج وعيت على جرحه وكان كأنه نافز لجلبى ويدخل أخوك بعديها شاهين يقول ناصف رايدك للجواز وكنت إنت أول من عارض عشان معيزاش حد يوصل لأحلامه ولا يحججها
بس أنا بجي عملتها إتجوزته و بجيت أنا مراته كان بين أيديا وأحس بجرحه وكيف بيسعي عشان ميبينش لحد كسرته كنت أمه اللي بطيب جراحه وكنت سكنه أنا اللي إتحملت كل شيء منه كنت عم أحس إنك موجوده بينا بس حاربتك لحد ما بجيت أشوف في عينيه صورتى أنا... كانت تتكلم وهي ترفع يدها وتؤشر علي صدرها عدة مرات متتاليه ثم انهارت وسقطت يدها بجانبها بإرهاق ثم بكت بشدة و صرخت بوجع يقشعر له الأبدان بس اليوم يا فرحه اليوم عرفت أن أنا معملتش حاجه سجف البيت وجع يا فرحه كان واجف لساته بيطالب بحجه فيكى مطلعش كان عاوزني كان مجبر علي شج جلبى مرة تانية يا فرحة جولي لي يا خيتي أنا ذنبى إيه وجعي ده ليه سواد أيّامي اللي خضرتها مين كان سببه ليه عم أحس بنار بتنهش لحم جسمي ثم وجفت بإنهاك تنظر إلي قبر جدها الجريب فقالت " يا چد جولي إنت يا چد أنا عملت إيه عشان كل ده بيحصل فيا أحكم يا كبير الأنصاري أحكم بالعدل مين سبب اللي أنا فيه ده مين سبب سواد جلب فرحه اللي خدت سعادة الكل ثم عاودت لقبر أختها لاه... لاه مش هجول أن في حد سبب إنت سبب سواد جلبك أنا بكرهك يا فرحة بكرهك يا بنت أبوي .." كنت تتكلم لم تشعر بنفسها فقد كانت تنزف الدماء دون وعى منها حتي تلونت ملابسها" ثم أكملت صارخه عمري مهسامح في حجي عمري مهسامحك ليوم الدين وهفضل أكرهك .. و في تلك اللحظة وصل ناصف فاستمع إليها ورأي منظرها وكتله من الدماء تغطي ملابسها فدق قلبه بخوف و في هذا الوقت وقف شاهين وبدر أيضا مذعورين من منظر سراب فأسرع إليها يهتف باسمها لتشعر بوجوده " سراب "
نظرت إليه بعينيها الباكية ثم صرخت بصوت متقطع مجهد:" إيه اللي جابك ورايا إهنه ليه جاي أنا اللي حكموا عليك بيها أنا اللي اتجوزتها غصب عنك فليه جاي ليه جاي ورايا " اقترب منها ينظر إليها وإلي تلك الدماء التي لا يعرف مصدرها هل تعرّضت لحادث أم ما شابه وبصوت مصطرب خائف هتف باسمها وهو يقترب منها " سراب... فيكى إيه "
جلس أمامها فنظرت إلي عينيه بعينيها الباكية ومن بين شهقاتها صرخت :" سراب عملت فيك إيه يا ناصف.. عشان تكسرها إجده عملت فيك إيه عشان يبجي ذَنبي ده "
انتبهت لوجود بدر و شاهين فنظرت إلي شاهين بخيبه أمل وقفت بإنهاك تنظر لبدر وتهتف :" زي ما كنت سند للكل خليك سند ليا يا ولد عمي أنا عاوزه حقي من اللي ظلموني عاوزه حقي يا بدر عاوزه..... " بوهن تام كانت تنطق بتلك الكلمات قبل أن تفقد الوعي فتلقاها ناصف بيديه ليحتضها ويهتف باسمها علها تفيق " سراب... سراب " فأسرع شاهين يجلس بجانبه يحاول إفاقتها بينما هتف بدر بغضب وهو ينظر لناصف :" جوم هاتها بسرعه علي العربية "
نظر ناصف لبدر ثم إلي وجهها الشاحب فأسرع بالوقوف ثم حملها وسار خلف بدر بسرعة فعاونه شاهين وهو ينظر إلي وجهه أخته والغريب أنه لم يتفوه منذُ علم باختفائها أسرع بدر بقيادة السيارة إلي وجهته بينما ظل ناصف ينظر إلي وجهها بندم لو تعرف ماذا يشعر في تلك اللحظة من ندم وخوف وشعور بالاشمئزاز من نفسه فقط يتمني أن تفتح عينيها وتنظر له من جديد .
...............................................
وفي الوحدة الصحية وقف بدر ينظر إلي ناصف القلق و شاهين المضطرب ينظران إلي تلك الغرفة التي غابت فيها هي مع الطبيبة خلف جدارنها ... فالوقت طال و شحنات الغضب والقلق تزداد حتي خرجت تلك الطبيبة من الغرفة تنظر إليّ الواقفين بريبه مما جعل ناصف يندفع إليها فنظرت له ثم قالت :" حضرتك جوزها "
وبلا تفكير هتف صائحاً :" أيوه أنا هي كويسه يا دَكتوره "
اشارت الدكتورة برأسها بموافقة ثم قالت :" الست سراب كانت حامل و عملت إجهاد كبير وده عرضها للنزيف بس إحنا قدرنا نوقف النزيف ده و اعطيناها حقن مثبته عشان الطفل و إن شاء الله تكون بخير بس الأفضل إنها ترتاح راحة كاملة الحمد لله علي سلامتها "
استمع ناصف إلي ما قالته الطبيبة بعد فهم هل سيصبح أب وسيأتي إلي تلك الدنيا من يحمل اسمه ويكون مدد له في كل شيء كانت فرحته كبيرة جدا بهذا النبأ السار ولم يستفيق إلا علي صوت بدر وهو يسائل الطبيبة :" هي ممكن تروح معانا يا دكتوره "
هتفت الدكتورة بعملية :" أيون أكيد بس لازم العناية الشديدة بيها وبصحتها النفسية أهم شيء وأنا إن شاء الله هعدي عليها للمتابعة "
سألها شاهين بسرعة :" طيب ممكن نشوفها "
ابتسمت الطبيبة ثم قالت بحبور :" أيوة اتفضلوا و الحمد لله على سلامتها مرة تانية "
سارت الطبية مبتعدة فوقف بدر ينظر إلي ناصف بغضب وقال بحزم :" نطمن علي مراتك وبعد كده نتحاسب ونشوف إيه اللي وصلها للوضع ده ويا ويلك مني.... ثم قال اطمنوا عليها علي ما اوصل البيت أجيب ليها غيار من مهرة وأجي "
تقدم شاهين يهتف :" خليك يا بدر هروح أنا أجيب من دوارنا ".
نظر إليه بدر ثم قال بعدم إكثار :" لاه ماعيزينش أمك وصباح يعرفوا حاجه خليك إهنه معهم علي ما أعاود "
ثم صار مبتعداً عنهم قبل أن ينظر شاهين إلي ناصف وقال بغضب هادر :" هو ده بدر يا ناصف اللي روحت حطيت يدك مع اللي ، عاوزين موته ثم سكت لبرهه وأكمل الوضع اللي لقيت عليه سراب ده محدش هيدفع تمنه غيرك اللي زرعته إيدك محدش غيرك هيحصده يا ولد عمي "
ثم غادر إلي غرفة أخته التي مازالت نائمة في سبات عميق وكأنها تهرب من المواجهة بينما بقي ناصف ينظر إلي الغرفة بأمل جديد كشعاع ضوء في عتمة الليل الكحيل .
................................................
دلف إلي المنزل بعد يوم شاق إنتهى بمشاهدة ابنة عمه الصغيرة بهذا الوضع المحزن كيف لسراب القوية أن تنهار هكذا ماذا فعل ناصف بها ليصل بها إلي ذلك الضعف ولماذا ذهبت إلي قبر فرحه فسراب كانت بعيده كل البعد عن فرحة لا يعرف السر في بعد أولاد عمومته عن بعضهم البعض ولكن يبقي حلقة الوصل الخاصة بينهم شاهين ولكن يتعجب من موقفه هذا فهو يعلم شاهين جيدًا إذا تعلق الأمر بأخواته يحرق الأخضر واليابس حتي حبه لناصف لا يحجمه فكيف له أن يري سراب هكذا ولا يصدر منه ردة فعل.. الأمر به سر ما وعليه الوصول إليه.. بحث هنا وهناك عن مُهرة فلم يجدها وحين سائل أم السعد أخبرته أنها نائمة و من المستحيل أن يطلب من زهرة ملابس لها ليأخذها لابنه عمه فنظر حيث الطابق الأعلى وارتسمت علي شفتيه تلك الابتسامة وهو يصعد بسرعة إلي مجعد نيران فليس أمامه سواها بينما كانت هي تشاهد أحد المسلسلات التي تتابعها في غرفة الاستقبال المنفصلة عن غرفة نومها دلف بدر إلي الداخل علي عجل ينظر إليها ارتفع حاجبها هي الأخرى بعدم فهم وهتفت:" في حاچة شيفاك إهنه يا كبير "
ضيق عينيه بعد فهم وهتف :" فيه إيه وبعدين ليه إن شاء الله مبقاش إهنه "
تقدّمت باتجاه النافذة و هتفت صائحة :" فكرت بعد حديتنا الصبح إن كل واحد عرف مكانه فين وبنبرة واثقة بطبيعتها أكملت إنت منعتني إن أكون في المكان اللي إنت فيه لكده إنت كمان مت....."
الصغيرة تريد فرض شروطها و إثبات حقها ولكنه بصوته الحاسم أوقفها وهو يهتف بغضب شعرت به في لجهته :" جفلي علي الحديت ده يا بنت الحج صالح مفضيش للكلام اللي ملوش عازه لما ارجع نبقي نشوف كلامك ده "
رددها وهو يتجاوزها ويتجه إلي غرفة نومهم ثم إلي خزانه الملابس ففتحها بسرعة تبعته نيران إلي الداخل وحين رأته يقف أمام المكان الخاص لملابسها خجلت بشدة وهو يعبث به فذلك المكان خاص بملابسها الخاصة حين أستدار إليها فوجدها تقف علي أعتاب الغرفة تحرك يديها باضطراب ووجهها اكتسى بلون وردي محبب فهتف هو :" كن خلجاتك مفيهاش ملس ولا إيه "
ضيقت عينيها بعدم فهم ثم أجابت بنبرة متوترة وهي تتقدم إلي رف أخر في خزانه الملابس وقالت :" لاه عندي اهو "
اخرجت ما يدعي بالملس حيث هي عباية سوداء فضفاضة ، مد يده ليأخذها ثم رفعه إلي أنفه ثم قال :" لاه عاوز واحد متكنيش لبستيه "
نظرت له ببلاهة ثم سألت بفضول ناتج من عدم فهم ": وليه ده"
اقترب إلي حيث تقف فكان يشرف عليها بجسده الطويل فهي بالكاد تصل إلي صدرة ثم هتف بجديه :" مش عاوز تكون ريحتك فيه " استدارت بعجاله تبحث داخل أغراضها ثم بسرعة سحبت قطعه أخري وأعطتها إليه فإخذه منه وهو يدقق النظر لقوارير العسل خاصتها مما اربكها ثم سار راحلًا من جديد قبل أن يلتفت إليها وقال مبتسماً :" لما اعود نبجي نشوفوا موضوع الأماكن ده يا نيران بس أتكدي إنك هتكون مطرح ما أنا رايد "
ثم سار مبتعداً بينما هي ظلت واقفه تنظر إليّ مكان وقفته ثم قالت بنبرة تحمل الكثير :" مطرح ما أنا عاوزه يا كبير "
....................................................
فتحت عينيها ببطء تنظر هنا وهناك فكان أول من لقطته عينيها هو أخيها الذي يجلس بجانبها نظرت له بانكسار جرحه من ناصف متوقع أما كسرت قلبها وكرامتها من شاهين مختلفة ابتسم شاهين لها ثم هتف بمرح مصطنع :" هخبرك خبر يمكن يكون شفيع ليا عندك يا بنت أبوي" تطلعت إليه بنظرات خاوية من تلك النظرة التي كانت تخصه هو بها فأكمل عله يجد طريقة لكي يخرجها من ذلك الثبات فقال " سراب الصغيرة اللي ربتها هتبجي أم وتجبلنا عيل يجولي يا خال "
تعلقت عينيها بعدم فهم علي فمه الذي تفوه بما سمعت وبلا إرادة منها رفعت يدية علي بطنها تتحسس هل سيسكن احشائها نطفة تجمع بينها وبين ناصف هل ستكون أم لطفل يحمل صفاته هل أراد الله أن يرزقها بذلك الطفل لتحيا من جديد ابتسمت بشده ثم انمحت تلك البسمة قبل أن تولد علي شفتيها فلقد وقف ناصف منذ قليل يعلن أمام أخيها أنهم من ارغموه علي كل شيء حتي هي فهل سترغمه هي عليها من جديد و بصوت حزين هتفت :" ليه عملت إجده يا شاهين ليه .. ليه سكت وإنت عارف اللي في جلب ناصف وليه ضحيت بينا كلنا عشان فرحة ذنبى أنا وصباح حتي هو وبدر ذنبهم إيه "
شرد شاهين ثم قال بصوت حزين :" كنه النصيب غلاب يا بنت أبوي أنا مكنش ليا قرار جدام جدك .... جدك كان عارف كل واحد فينا بيفكر في إيه كان عارف ناصف بيفكر كِيف وإنت يا سراب عارف تفكيرك كان فين حتي فرحة كان عارف إنها مبتفكرش في حد إلا نفسها جدك يا سراب كان ليه حكمه في كل حاجه كان عارف إنك إنت اللي هتكوني دواء لناصف "
ابتسمت بوهن ثم قالت :" وكنت يا شاهين تفتكر داويت ناصف ..لاه جدك زرع بينا حجد وكره ملوش أخر "
نظر لها شاهين بغضب ثم هتف :" مين جال إجده أوعاك يا سراب أوعاك تفكري إجده ناصف شيطانه غلبه في عملته مع ولاد نعمان بس ناصف تربية إيدي يا سراب زيك بالظبط وجع وهيجوم منيها ويهزم شطانه ده لو كان بيكره بدر كان سابهم جتلوه بس ناصف وجف ليهم زي الشوكة في الحلج والكلام اللي سمعتيه ده كان بيخرج اللي محبوس في جوفه بجاله سنين "
اغمضت عينيها بوهن ثم هتفت :" وأنا تعبت يا شاهين تعبت من كل حاجة في الدُنيا دي حتي هو مش عارفة كِيف أوعاله تعبت من محاربه شبح خيتك أنا مستحجش ده يا شاهين "
كاد أن يرد عليها ولكنه قاطعه دخول بدر وناصف الذي نظر إليها بلهفه فتجاهلته بفتور وهي تنظر لبدر الذي ابتسم لها ثم قال بحنو بالغ :" مبروك يا سراب "
رسمت علي محياها تلك البسمة ثم قالت بحبور :" الله يبارك في عمرك يا كبير "
" وفيك يا بنت عمي ثم قال وهو ينظر إلي ناصف .. جوليلي يا سراب إيه اللي وصلك للحالة اللي كنت عليها دي "
"مش وجته يا بدر " قالها شاهين بسرعة منهي الحديث ولكن صوت سراب نهى كل شيء وهي تهتف :" لاء وجته يا شاهين وجته "
كان ناصف ينظر بترقب وهو لا يخشي شيء هو يريد أن يحرر من تلك الأعباء فوق ظهره وليكون ما يكون.
" جولي اللي عندك يا سراب " قالها بدر مترقبا
نظرت سراب إلي شاهين ثم إلي ناصف ثم هتفت :" أنا عوزه ناصف يطلجني يا بدر "
"بتجولي إيه " قالها شاهين بصوت غاضب في حين نظر إليها بدر وقال :" إيه اللي خلاكى تطلبى الطلب ده "
وبصوت عزم علي إنهاء كل شيء قال من خلفهم :" أنا هجولك بس مش إهنه نعاود بيتنا وهجولك علي كل شيء... بس أعرف إنت وهو أنا مهعملش حاجه بعد إكده بأمر من حد "
ثم تقدم إليها ليعطي لها الملابس التي جلبها بدر ثم سار إلي الخارج يتبعه بدر و شاهين ينظران لبعضهم نظرات علم منها بدر أن القادم يحمل الكثير والكثير
........................................
"يعني إيه يا عمي إنت هطاوع عمي وأبوي علي الصلح ده ".
قالها غسان بصوت يحمل كل غضبه و رفضة للأمر بينما كان يجلس زيدان بهدوء ثم قال :" جدك وأبوك معيزينش يخسروا حاجه تانيه والحج معهم بعد ما مجدرناش نجلتوا بدر ووجف لينا ناصف والرد كان من شاهين واعر "
ضيق غسان عينيه بشك ثم هتف " يعني إنت كمان رايد الصُلح ده و موافج عليه كمان "
رفع زيدان عينيه ينظر إلي ابن أخيه ثم بنبرة كالفحيح قال " رايده ما دام في مصلح لينا "
رفع أحد حاجبيه بعدم فهم وقال " وده كِيف ده "
نظر زيدان بغل إلي الفراغ من حوله وقال :" مصلحنا عشان شغلنا يمشي نكسب ناصف اللي بيفكر لكل تجارة الأنصارية وما دام معرفناش ناخده في صفنا بشراكته معاك يبجي نفرجه عنهم و مصلحتنا كمان إن إحنا نرجّع أرضنا ودي هنعملها بخطوه واحدة هتخلي بدر يختار بين فلوس ولد عمه اللي حدانا لساته و الأرض ونعرفه اللي عمله ناصف وإنه شاركنا من وراه وكده نسبهم يكلوا في بعض كيف السمك "
اتسعت عين غسان بفرحه ثم هتف صاحاً :" صح يا عمي تسلم دماغك دي، بس هما لسه مردوش علي الصلح ده "
وقف زيدان ثم سار عدة خطوات يفكر في الأمر ثم ابتسم بخبث وقال :" نخلي بدر يوافج وهو اللي يسعي كَمان "
اقترب غسان إلي مكان وقوف عمه ثم سأله :" وده ازاي ده "
وبتشفي قالها زيدان :" عمران "
فهم ما يرمي إليه عمه فهتف :
" والله إنت طلعت داهيه يا عمي"
قالها غسان بمرح وإعجاب فضحك زيدان وقال من بين ضحكاته :" لساتك مشفتش في الدنيا اللي عمك شافه يا غسان بكرة هتتعلم بس إنت اصبر تعالي أجولك اعمل إيه ..."
.................................................
وصل بدر إلي بيت ناصف بعد أن طلبت سراب وقف بدر بسيارته أمام المنزل ثم نظر إلي سراب الشاردة وهكذا كان حال ناصف وشاهين فنظر من جديد لسراب عله يجد أي ردة فعل منها ستبقي سراب ابنة لغز لا يستطيع فك طلاسمه فهي أخذت من شاهين الكثير والكثير... أما عنها كانت شارده فيما هو آت ففي ذلك الوضع كان عليها أن تذهب إلي بيت أبيها أو منزل بدر ولكنها رفضت هذا البيت هو بيتها الذي بنيا بتحاملها هذه المملكة لها وحدها هي أخذت قرارها أن تبقي بهذا البيت ويذهب هو إلي بيت أخر يختاره بإرادته بعيدًا عنها .... افاقت من شرودها علي صوت بدر الحنون :" أنزلي يا سراب ارتاحي و خلي كلمنا بكرة أحسن "
هزت رأسها بمواقفه ثم أسرعت للنزول من السيارة فأسرع شاهين ليساعدها بينما ظل ناصف يتابع الأمر وكأنه لا يعنيه فنظر إليه بدر ثم هتف بحسم :" عملتك شكلها كبيرة يا ناصف ياتري عملت إيه يا ولد عمي خلي بنت عمك كيف المدبوحة اللي بتعافر في طلوع الروح "
نظر إليه ناصف بتلك النظرة من جديد :" لاحظتها يا بدر كانت كيف المدبوحة وإنت لاحظتها ووعيت عليها ثم سكت لبرهه وقال بحسرة أمال موعيتش عليا ليه جبل إجده "
ضاقت عين بدر بعدم فهم ثم هتف :" تجصد إيه "
فتح باب السيارة ثم وقف علي الأرض الصلبة وقال :" خلي كلامنا بكرة يا كبير زي ما جولت "
ثم سار باتجاه بيته بينما تابعه بدر حتي غاب عن أنظاره ثم هتف :" طول عمرك يا ناصف بعيد وراضي بالمفروض عليك وساكت ياتري إيه اللي جد وعملت إيه عشان تتكلم دلوجت "
.......................................... .....
رحل شاهين بعد إصرار من سراب التي وقفت في غرفتها تنظر إليّ كل أركانها بغرابة وكأنها ليست غرفتها التي عاشت بها أجمل أيّامها معه و كان تلك الجُدران تشهد علي لحظات فرحها وحزنها ووجعها وها هي تشهد علي انهيارها وخلفها وقف هو يتطلع إليها ثم قال بنبرة تحمل الكثير :" طالبه الطالج يا سراب وواجفه قدام بدر تتطلب منيه الخلاص و كأني ظالمك "
حين استمعت صوته اغمضت عينيها بألم نابع من داخلها ولكنها استدارت تواجهه بعدم فهم لكلماته حين تقدم هو وقال :" كنت عارفه إن كنت بحب فرحه وكنت بتشوفى ده جدام عينك ، ولما جدك جال علي جوازنا كنت أكتر واحدة فرحانه بده كنت باجي أتحمي في حضنك واشكي علي صدركِ وإنت عارفه وجعي عمرك ما اشتكيتي و لا جولتي لاه يا ناصف ولا عافرتي عشان تمحي اللي كان سلمتي إن في شريكة ليك فيا محتسستنيش إنك عارضتي ليه أتوجعتي لما سمعتي الكلام ده ليه حسستيني أن أنا الشرير اللي غدر بيك وجايه حالا بعد ما بقيتي وحدك في جلبى و تجولي تعبت كفايه نطلج أنا مظلمتكيش يا بنت عمي أنا هروح لبدر وأجول علي كل حاجه أنا مهخفش من حد أنا تعبت من فرضهم علي كل شيء في حياتي بس أنا مهطلجكيش يا سراب لو أخر نفس فيا مهطلجش لو وجف بدر وشاهين وكل نصارة مهطلجش لطلاجك لموتي يا سراب "
ورحل كما جاء وتركها في لوعة كلماته تركها تستكشف الحقيقة بنفسها نعم كانت تعلم وتعرف وتشعر به و تقبلت القليل منه لم تبكي ولم تنوح يوما رضت أن لا تكون وحدها حقًا سلمت أن تكون بدل لماذا تثور الأن علي أنوثتها المهدورة بيدها رباااه هل صمتها سبب ما هي عليه الآن هل سماع الحقيقة أمر مختلف علي التعايش معها وماذا بعد ذلك فهي أصبحت علي الحافة فالفراق مؤلم والنسيان موجع والقرب إهانة فماذا تفعل ...؟
..................................
جلس علي تلك الأريكة التي إعتاد الجلوس عليها يفكر فى العائلة وأولاد عمومته ماذا يفعل ليجمع الخيوط، من جديد ومن وسط تلك الهموم ظهر طيف تلك النارية التي تقبع في مجعدها تنتظره كيف لها أن تتعامل معه بتلك الطريقة التي تجعله يبتسم هو الذي يهابه الجميع تأتي تلك الصغيرة وتتعامل معه الند بالند هكذا بدون رهبه وللعجب عنما ينظر لها يبتسم علي طريقتها نيران نظراتها دائمًا تحمل التحدي والصمود لم يراه في أعتى الرجال أمامه لا يعرف سر ذلك الشعور الذي يعتريه لكي يتعرف علي تلك الروح التي لا يعرف مقدار جموحها هل استطاعت في تلك الفترة القصيرة أن تجعله يفكر بها وبتلك الخاطر وقف بسرعة متفاجئ من نفسه في ذلك الأمر وانمحت تلك البسمة كيف له هذا وفرحة ابنة عمه التي رحلت في سبيل أن تجلب له طفل من صلبه ولم تفكر حتي في نفسها و صحتها فكيف له الأن أن يفكر بغيرها حتي لو زوجة ثانيه له و بسرعة أسرع إلي غرفته الخاصة ولكن قبل أن يدلف إليها تذكر كلمات مُهرة في الصباح فنظر إلي مجعد نيران بتردد ثم صعد إليه بوجه غاضب متحفز.. دلف إلي الداخل يبحث عنها فلم يجدها في غرفة الاستقبال " هل نامت ولم تستمع إليه وتنتظره " ضيق عينه بشك وهو يضع عصاه وعباءته ثم تقدم من غرفه النوم خاصتها بينما كانت هي بالداخل تفكر في أمرة فقد رأته وهو يجلس بالأسفل علي تلك الأريكة و شاهدت تقدمه إلي غرفة زوجته القديم ثم رجوعه وصعوده إلي غرفتها وهذا الأمر غير مقبول لها هي ليست خيار له يختاره وقت ما يريد هي حين تكون لا يكون سواها وبخطوات واثقة تقدمت إلي باب غرفتها تضع أُذنها تستمع عله يحدث صوت من الخارج ولكنها ابتعدت فجأة حين شعرت به يقترب من باب غرفته وبدون التفكير لعواقب الأمر قامت بوضع يديها علي مفتاح الغرفة ثم قامت بغلقها.. أستمع هو إلي غلق الباب فضيق عينه بغضب عارم نيران الغضب تخرج من عينيه تحرق الأخضر واليابس ثم هتف................... ؟!!
انتهى ....
أنت تقرأ
ابنه نيرن
Ficción General- طلبتك يا جدي أجرني قالتها وهي تجلس أمامه تبكي ولا تستطيع أن تنظر إليه انعقد حاجباه الكثين وهو يتأمل سكونها ليقول بعد صمت قصير: - قومي يا فتاة فالحكم نافذ . شهقت بخوف ثم تمتمت بخفوت من بين دموعها: - ولكنك قاد - أرحلي قالها بحزم لا جدال فيه...