إنخفضت درجةُ الحرارة، عمّ الجو البارد ثنايا المكان، رياحٌ هادئة وسماءٌ رمادية، فوق النهرِ خارج المدينة، الذي بدأ بالتجمدِ مؤخرًا. هكذا تكونُ أولُ أيامِ ديسمبر.
في نيويورك، تحديدًا في أعلى طابقٍ بتِلك الشركة، حيثُ الأثاث الأسود تملّكَ عرشَ أناقتِها، مكتبين جدِيرَينِ بالرؤساء، تمركزا بجنِبيّها، وصورةُ كلاهما معلّقة فوق كلِ واحدٍ من هما {رايلوس كبوني} و{جايسن كبوني} هذا ما كُتِبَ أسفل كُلِ إطار، والأرائك السوداء يتوسطها طاولة منخفضة مستطيلة الشكل، مشربٌ صغير بالجهة الأمامية
-فوقه إطار صورةٍ أُخرى لمرأة بلونا الأسود والأبيض، كما خُط تحتها {راشيل كابوني}- تقدم إليه راي، بعد أن كان جالسًا بالأريكة المُقابِلة لتوأمه.
صبَّ كأسين لهما، وعاد مكانه أينما كان جايسن يبني قرى ويهدِمُ أخرى داخل رأسه المطأطأ، ينظُرُ إلى يديّه المشبوكتين، حيث يرتكز بمرفقيّه على رُكبتيه يهزُّ أحدَ رجليّه.
أفاقه راي من شرودِه، مُخاطِبًا إياه
«أخبرتني السكرتيرة للتوّ أنه لدينا إجتماع مع ستيفانو»
رفع جايسن نظره إليه، ثم أخد كأس الكحول المقابل له بالطاولة متمتمًا
«اه...أجل يوّدُ عرّضَ شرّاكتُه عليّنا»
وارتشفَ بعضًا أخيرًا، بينما همَّ راي قائلاً
«ألا تظّن أنهُ يوّدُ الإنتقامَ لأباه؟»
«بلا إنه أمرٌ مُحتمل، لكني أتوقعُ الغير لقد كُنا أصدِقاءَ طفولة ألا تذكر، كما أنه يكرهُ أباه لِذى لا أظنُ أنه سيهتم»
هزّ راي رأسه يدرُسُ الموقِف، لطالما كان شديد الحذر وبدى الأمرُ مرّيبًا له، كونَ أن أخاه لا يثِقُ بأيٍ كان، إنه متأكد أنه يُخطط لأمرٍ وراء الكواليس، فأردف جايسن حين لاحظ حيرة أخيه«طبعًا هذا لا يمنعنا من عدمِ الثقة به، ولن أقوم بشيء لستَ مقتنِعًا به أخي»
إبتسم راي بهدوء
«لا بأس فلّ نسمَع ما عندِه ثم نُقرِر»
إتفق معه جايسن، ولم ثلبت إلا بضع دقائق حين دقّت السكرتيرة الباب وأخبرتهما
«سيدايّ ستيفانو جينوفيز قدّ وصل»
إلتقت أعينُ التوأمان ببعضهما، فنهضا بعد أن أماء راي لها، واتجها معًا إلى خارجِ المكتب نزِلانِ عبر المصعد قصد قاعةِ الإجتماعات. أين يقبع ستيفانو جينوفيز، أشقرٌ ذو شعرٍ قصير مرفوعًا لأعلى بسلاسة، أعينٌ إتخدت لون المحيط، لكنها عبّرت عن شخصيتِه الباردة، تقسيمُ وجهٍ جدابة، ولحيةٌ خفيفة تكتسحُ فكه الظاهر. سلسلة الصليب المُرصّع أخدت موقعها حولَ عُنقه، ووشمُ وردتين متقاطعتين ظهرَ على جانبِ رسغه. حيثُ كان ببدلته الرسمية السوداء، التي لم تزده إلى هيبةً و رُقيًا، ومساعده واقفٌ بجانبِ مجلسِه.
دخل التوأمان عليه، ليستقيم بشموخ أخيرًا يقابلهما، تقدم إليه جايسن يعانقه مربتًا على ظهره
«أهلاً بصديقِ الطفولة»
ليبتعد عنه، سأل ستيفانو
«أنت جايسن صحيح؟»
فسخِرَ راي
«بل إنه أنا»
كي يتقدم إليه ويعانقه
«لا داعي لخداعي صوركما كل يوم في نشرةِ الأخبار»
رد راي
«لما التشويق إذا؟»
«يا رفاق أنتما تتصدران القمة، حتى من دونِ أعمال الكازانوفا حقا أحيِّكما»
خطبهما ستيفانو بإطراء، لكن الهدوء طغى على نبرته، قبل أن يأخدوا مجالسهم ويقول جايسن
«هذا صحيح لكن لا تزال الكازانوفا عائلتنا، ولا يمكننا التخلي عنها»
أكّدَ ستيفانو كلامه، فأردف قبل أن يميء لمساعده
«إذا دعونا نبدأ بالأحق، ومساعدي هنا سيشرحُ لكم مرادي»
ليشرع المساعد بإلقاء خطابه
«كما تعلمون لطالما كان آل كبوني وجينوفيز على وفاق، وهذا ساعد في ازدهار أعمال العائلتين خاصة وأعمال الكازانوفا عامة، لكن اقتطعت الصلة منذ ستة عشرة سنة رغم كل تلك الصداقة. وهذا مثير للحزن، كلا العائلتين كانت تعمل جاهدة لإطاحة الأخرى بغض البصر عن ترأسِ الكبوني عرش الكازانوفا دائمًا، طُرِد آل جينوفيز و أصبحت من الأعداء. لِذى سيدي هنا بعد أن أصبح سيد العائلة يُطالبُ بترك الخلفات على جنب، وإعادة الشمل بما أنه لا يوجد أي سببٍ مُقنع لهذه الحرب الأهلية»
ناظرا التوأمين بعضهما، بعد أن أكمل المساعد حديثه ليتكلم راي
«حسنًا أنا أوافقُك الرأي، لكن قرارٌ كهذا يجب أن يتخده أسياد العائلة كان عليّكِ التكلمُ مع أبي »
أجابه ستيف ببرود
«أوا تظنُ أنه كان ليقبل رؤيتي»
نطِق جايسن أخيرًا
«إذن تريدنا أن نقنِنعه»
«أ ليس هذا ما أردتُماهُ من أبي قبلَ أن تقتُلاه»
رد ستيفانو بنفس النبرة الباردة
«نحن أسفانِ لهذا لكنهُ لم يتركُ لنا خيار إلا تنفيذ ما طلبه أبي كونه رفض أن يعيدَ ما هو لنا »
تأسف راي ليُضيف ستيفانو
«لا بأس ليس هو الأب الذي سأنتقمُ لأجله و لا أن أضعَ صداقتنا على المِحكِ بسببه....لكن أوّدُ أن تبدأ شراكتُنا من هنا بين شركتيّنا الخاصة خارج الأعمال العائلية»
شردَ راي لبُرهة بينما جايسن يُراقبُ إنفعال أخيه ينتظرُ قراره؛ ليعلنَ أخيرًا برسمية
«حسنًا لما لا، نحن مُنبهرين أيضا بقيام شركتك من لا شيء سيشرفنا العملُ معًا»
إبتسم جايسن وأضاف هو الأخر
«سأُحاول أن أقنعَ أبي بلمِ الشملِ إذن»
«إتفقنا إذن»
تمتم ستيفانو و هو يقف ليصافح التوأم
أنت تقرأ
مُــــتـَـوَزِيـــان
Actionحينَ تفقِدُ الأمل و تُحاوِل الإنتهاء. عندما ترى الماضي بعيونِ الحاضر. إيانا تتوازى الطُرق التي كانت مُتطابِقة في فترةٍ ما عندما تُخيّرُ بينَ الماضي و المستقبل بينَ القلبِ و العقل. هناكَ تماما ماذا سيحدث؟!